"اليهود انثروبولجيا".. جمال حمدان يوثق رحلة شتات اليهود عبر التاريخ
جمال حمدان.، مفكر مصري كبير، له العديد من المؤلفات والدراسات البحثية التي أثري بها المكتبة العربية، وأبرزها "موسوعته الأشهر “شخصية مصر”، تطرق أيضا إلي قضية الصراع العربي الإسرائيلي، في كتابه “انثروبولوجيا اليهود”.
جمال حمدان يتتبع أصول اليهود التاريخية
جمال حمدان. تتبع الأصول التاريخية لليهود، بدءا من ظهورهم الأول مع نبي الله إبراهيم، الذي ظهر مع قومه في القرن الـ 18 قبل الميلاد كجماعة من الرعاة الرحل علي التخوم الاستبسية جنوب العراق.
ويوضح “حمدان”، أن هجرة إبراهيم إلي فلسطين وإن كانت أولي هجرات القبائل اليهودية فأنها لم تكن الأخيرة، ذلك أنهم لم يأتوا مرة واحدة كجسم موحد، وإنما علي عدة دفعات جاءو من عدة طرق وتحت عدة قيادات.
وشدد جمال حمدان. علي أن هذه الهجرات عندما توجهت إلي فلسطين كانت تسمي أرض كنعان، وفيها عاش الكنعانيين سكانها الأصليين. وبالتتابع التاريخي يوضح “حمدان”: يعد الفلسطينيين وحدهم تقريبا من كل العناصر أحدث عهدا من العبرانيين في المنطقة. وقد كان علي العبرانيين ليستقروا بأرض كنعان أن يحاربوا الكنعانيين ولكنهم لم يسيطروا إلا علي التلال والأراضي الفقيرة الداخلية، وظلت السهول الغنية في أيدي الكنعانيين الأصليين.
ويلفت جمال حمدان.، إلي أن أغلب تاريخ اليهود في تلك المرحلة دموي لا أخلاقي يدور حول الحرب والغزو، إلا أن الهزيمة كانت من نصيبهم غالبا، وعلي يد الفلسطينين أقوي أعدائهم بصفة خاصة.
الخروج من مصر والتيه
ثم يعرض جمال حمدان. إلي النزوح اليهودي إلي مصر في منتصف القرن 17 قبل الميلاد، وظهور النبي موسي، ثم الخروج من مصر، وكيف كانت أرض كنعان الهدف، غير أن خوف اليهود من الكنعانيين العمالقة أدي بهم إلي المعصية فكان عقابهم التيه في سيناء لمدة أربعين سنة. حتي تأسيس مملكة إسرائيل وتوسعها عام 1000 قبل الميلاد، والتي انقسمت بدورها إلي مملكتين، مملكة يهوذا في الجنوب، ومملكة إسرائيل في الشمال.
ويشير جمال حمدان. إلي العداء الذي نشب بين المملكيتن والتناحر، فقضت مصر بقيادة الملك شيشنق علي دولة الجنوب، وقضي الملك العراقي نبوخذ نصر علي مملكة الشمال، ودمر أورشليم والهيكل وبذلك زالت إلي الأبد دولة اليهود في فلسطين، بعد حياة طولها أربعة قرون غلب عليها الطابع الدموي العنيف.
الأسر البابلي
تناول جمال حمدان. الأسر البابلي الشهيد والذي يعد الشتات الأول، ويلفت إلي أن: إذا كان الفرس بعد هزموا بابل وحتلوها وممتلكاتها في فلسطين، قد سمحوا لليهود بالعودة إلي أورشليم بعد نصف قرن من الأسر البابلي، فإن قلة ضئيلة هي التي عادت وتقدر بنحو 50 ألفا، أما الأغلبية المطلقة منهم فقد بقيت في العراق حيث كونت مستعمرات مهمة نمت بلغت في عهد المسيح مليونا بل وأكثر من المليون في القرون التالية إبان العصور العربية الإسلامية.
يستعرض جمال حمدان. المراحل التاريخية وخارطة للتوزيع والانتشار اليهودي في العالم، من الشتات الهلليني، والشتات الروماني والوسيط، حتي يصل إلي العصور الوسطي وما شهدته من الحروب الصليبية، التي أشعلت نيران الاضطهاد الديني ضد اليهود في جميع أنحاء أوروبا. هناك بدأت عمليات الطرد بالجملة والإبادة التي ستؤدي في النهاية إلي تغيير جذري في توزيع اليهود في أوروبا.
ففي أواخر القرن الـ 14 الميلادي اختفي يهود فرنسا تماما بعد أن طرودوا منها بالجملة وتشتتوا في الدول المجاورة. أما يهود إيطاليا فظلوا متقوقعين بها. أما يهود ألمانيا وإسبانيا فسوف يكون لهم الدور الأكبر في قصة اليهود في العصور الحديثة. فهؤلاء هم الذين تعرضوا لأشد أخطار الإبادة والطرد ومنهم ومن نسلهم ينشأ التقسيم الثنائي: السفارديم والأشكيناز.
الشتات الحديث
وفيه يتناول جمال حمدان. مراحل الشتات اليهودي في العصر الحديث، بدءا من هجرة اليهود إلي العالم الجديد في أمريكا الشمالية، مرورا بالمرحلة الثانية أواسط القرن التاسع عشر، والتي ترتبط بأواسط أوروبا ألمانيا وفرنسا، وصولا إلي الشتات يهود الاتحاد السوفيتي.
ويلفت “حمدان” إلي أن الفترة النازية في ألمانيا الهتلرية تمثل فترة شتات جديدة، فقد أدي الاضطهاد النازي لليهود، إلي خروج اليهود من أوروبا الوسطي بعامة. وإذا كانت هذه الحركة قد جمعت كثيرا من يهود أوروبا في فلسطين، فأن الجزء الأكبر منها اتجه إلي العالم الجديد خاصة الولايات المتحدة الأمريكية. فكانت عملية تفريغ ليهود وسط أوروبا وتكثيف ليهود أمريكا، كما كانت بداية عملية زرع إسرائيل.