"طه حسين الإنسان".. كتاب يكشف سر اللقاء الأول لسوزان بيرسو وعميد الأدب
جاء كتاب "طه حسين الإنسان والمشروع" تتممة لكتاب "طه حسين.. ذكريات معه في سنوات ما قبل رحيله" للناقد والأكاديمي الدكتور صبري حافظ، والصادرعن الهيئة العامة لقصور الثقافة.
قدم صبري حافظ عبر كتابه الأول "طه حسين سنوات ذكريات معه في سنوات ما قبل رحيله" صورة قريبة وفريدة للعميد من قلب بيته الشهير «رامتان» وهو وسط زواره من نجوم الأدب والثقافة والسياسة في عصره، بل أيضًا في تقاطعه مع حقول عديدة، دون أن يعطي ذاته بالكامل إلى حقل بعينه، مما يجعل قارئ الكتاب يطوف من رحلة خلال الجغرافيا والتاريخ إلى رحلة ما بين الأنواع السردية والمعرفية،
يأخذنا صبري حافظ في رحله سردية ما بين مشروعه النقدي والإبداعي والذي بدأ من «المنوفية» مسقط رأسه إلى «قاهرة» الستينيات، ومنها إلى أكسفورد، لندن، باريس، وبرلين، ومن الدراسة بمدرسة الخدمة الاجتماعية بالقاهرة إلى الدراسة والتدريس في جامعة أكسفورد، ثم الدراسة كطالب دكتوراة بجامعة لندن.
رحلة ممتدة في الزمان والمكان، من تقديم صفحات نادرة عن واحد من أهم مثقفينا في كل العصور، إلى رحلة كاتبنا التي تترسم خطى العميد في تحصيل العلم من مظانه مهما بعدت، وخوض غمار صعوبات التعلم على الرغم من تحديات العمر واللسان.
يضع الكتاب بين أيدينا رحلة أخرى تشكل إضافة بارزة في كل من أدب السيرة، وأدب الرحلة، وتقترح فيهما الثقافة كوسيلة أساسية لإعادة إنتاج وجودنا الأصيل في عالم يزداد تعقيدًا.
ويأتي كتابه" طه حسين الإنسان والمشروع" ليكمل تلك الصورة بشكل مفصل عن العميد الإنسان والمشروع في 12 فصلًا، جاءت تحت عناوين "أيام طه حسين ومعاركه، الرد بالإبداع على الحملة الجائرة، أيام الاستقلال، لجج التخلف ومستقبل الثقافة، أيام التعليم وخيبة الأمل في الأزهر، درء الحرب وإنشاء جامعة الإسكندرية، الصراع بين القديم والجديد، السفر إلى أوروبا ونعمة الحب، انتهاء الحرب والدرس وثورة 1919، الكاتب المصري واستشراف المستقبل، الوزيربين المسار والمآل، تأملات في الإسلاميات وخاتمة".
سنقف عند الفصل الثامن، والذي يستقبل طه حسين حياته في مدينة موينبليه في أواخر شهر نوفمبر 1914، والتي يستعيدها العميد عبر كتابه على هامش السيرة، عبر مقارنة بين بداية حياته بفرنسا، والبدايات التي عاشها بين الأزهر وحوش عطا في منطقة المجاورين، بين الحياة الرغدة، والحياة الضيقة التي عاشها، إلى جانب ذلك الجانب المعنوي الذي أضاف إلى مشروع طه حسين الكثير.
يسرد صبري حافظ العراقيل التي عاشها العميد في بداية رحلته العلمية بفرنسا، بدءا من الخلاف مع أخيه الذي جاء معه مرافقًا، وصولًا للوحدة القاسية التي عاشها في الشهور الأولى نتيجة تلك الخلافات بينه وبين أخيه، ولكن هناك ما سوف يغير حياة طه حسين ويملأ حياته كلها، إنها الفتاة سوزان بيرسو والتي جاء لقائهما الأول في 12 مايو 1915 في مونبيليه.
كان هذا اليوم يوم مفصلي في حياة طه حسين، فلم يعرف أنه أقبل على الدرس كما أقبل عليه منذ ذلك اليوم، ولم يعرف أنه انتفع بالاختلاف إلى الجامعة والقراءة في الكتب، كما جعل ينتفع بهما منذ اليوم أيضًا.