«دولة فلسطينية فى سيناء».. كل شىء عن خطة «الجنرال أيلاند» المشبوهة
من جديد طفت على السطح الخطة المشبوهة للمؤسسة السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية التي تقوم على فرض أمر واقع بإقامة دولة لسكان قطاع غزة في أراضي سيناء، وهو الحل الذي ترى فيه الدولة العبرية خلاصًا للحرب مع الفصائل الفلسطينية في القطاع ونهاية أبدية لمشروع حل الدولتين التي ينادي به المجتمع الدولي على أساس حدود 1967.
وفي خضم الصراع الدائر راهنًا بين الجيش الإسرائيلي وفصائل من المقاومة الفلسطينية، نصح اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، كبير المتحدثين العسكريين للإعلام الأجنبي في الجيش الإسرائيلي، سكان قطاع غزة بالتوجه إلى مصر، للنجاة بأنفسهم من الغارات على القطاع.
هذه الخطة الخبيثة طالعها العالم لأول مرة في عام 2010، مع نشر تقرير كتبه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء احتياط جيورا أيلاند، في الفترة من 2004 إلى 2006.
هذه الدراسة أعدها جيورا أيلاند لصالح مركز "بيجين - السادات للدراسات الاستراتيجية"، ونشرت في شهر يناير من عام 2010، بعنوان "البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين".
كواليس الخطة المشبوهة
تقوم خطة أيلاند على عدد من المرتكزات أهمها إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على مصر والأردن للانخراط في حل إقليمي ينهي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
يرمي هذا الحل في النهاية إلى استمرار السيادة الإسرائيلية على مساحات واسعة من الضفة الغربية مقابل تعويض الفلسطينيين بمساحة كبيرة في شبه جزيرة سيناء لإقامة دولتهم.
بدأت ملامح هذا المشروع مع انسحاب إسرائيل من غزة في العام 2005، ومع مجيء الرئيس الأمريكي باراك أوباما علت الأصوات داخل السلطات الإسرائيلية بضرورة أخذ خطوة على مسار التنفيذ، لكن مسؤولًا كبيرًا في الإدارة الأمريكية نصح الإسرائيليين بإرجائها إلى ما بعد رحيل الرئيس المصري محمد حسني مبارك.
الجنرال أيلاند الذي شغل سابقًا منصب رئيس فرع العمليات في الجيش الإسرائيلي ومديرية التخطيط فيه، تطرق في مشروعه إلى ضرورة تسويق أن مسألة حل الدولتين ليست إسرائيلية فقط، وإنما تقع على عاتق 22 دولة عربية أيضًا.
فخ مصر والأردن
يقول أيلاند إن إسرائيل ترفض فكرة إقامة دولتين لشعبين واقتسام المساحة التي وصفها بالضيقة، وأن هذا الحل يضرب الأمن الإسرائيلي في مقتل.
وساق ضمن مبرراته تجاهل الواقع في الضفة الغربية، الذي يحول دون إخلاء 290 ألف مستوطن من بيوتهم والتبعات الكارثية لهذه الخطوة على الاقتصاد الإسرائيلي وانتهاك ما وصفها بـ"الخصوصية الدينية والروحية التي تمثلها الضفة بالنسبة للشعب الإسرائيلي".
منح غزة المساحة التي تحتاجها، لبناء مدينة جديدة تضم مليون نسمة، وإنشاء ميناء بحري ومطار حقيقيين، وخلق ظروف تجعل توسعها الاقتصادي ممكنا.
سيناء مقابل صحراء النقب
ولإنهاء الصراع الدائر منذ العام 1948، يقترح أيلاند حصول الدولة الفلسطينية على 720 كيلومترًا مربعًا في سيناء (من الحدود المصرية مع غزة، وحتى حدود العريش) مقابل حصول مصر على 720 كيلومترًا مربعًا أو أقل قليلًا من صحراء النقب الواقعة تحت سيطرة إسرائيل.
بنود الخطة
- تتنازل مصر عن 720 كيلومترًا مربعًا من أراضي سيناء، وهي مساحة توازي 12% من مساحة الضفة الغربية، وفى المقابل يتنازل الفلسطينيون عن 12% من مساحة الضفة لتدخل أراضي إسرائيل.
- تحصل مصر على الأراضي الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية جنوب غربي صحراء النقب "منطقة وادى فيران".
المكاسب المصرية المزعومة في مشروع أيلاند
- مبدأ الأرض مقابل الأرض، وهو أن تتسلم مصر قطعة أرض من إسرائيل.
- تسمح إسرائيل بشق نفق يربط بين القاهرة والأردن طوله 10 كيلومترات، ويخضع للسيادة المصرية الكاملة والحركة من مصر إلى الأردن، وبعد ذلك شرقًا وجنوبًا إلى السعودية والعراق، دون الحاجة للحصول على إذن إسرائيل.
- مد خط سكك حديدية بين الميناء الجوي الجديد في غزة الكبرى (في سيناء) والميناء البحري الجديد هناك أيضًا، وكلاهما على ساحل البحر المتوسط، حتى النفق الذي تشقه مصر، جنوبًا، وتدشين طريق سريع، وأنبوب نفط، تسير جميعها ضمن الأراضي المصرية بمحاذاة الحدود مع إسرائيل، وهي خطوط تعبر إلى الأردن، ثم تتشعب نحو الشمال الشرقي لتغذي الأردن والعراق، وإلى الجنوب، باتجاه المملكة العربية السعودية، ودول الخليج، وهو ما يجني لمصر فوائد اقتصادية جمّة.
- ومن بين هذه المكاسب حصول القاهرة على نصيبها من الجمارك والرسوم مقابل كل حركة تتم بين الأردن والعراق ودول الخليج في اتجاه ميناء غزة.
- مع الشح المائي الذي تعاني منه مصر، يضخ العالم، بناء على توصيات إسرائيلية، استثمارات كبرى في مصر لإنشاء مشروعات ضخمة لتحلية وتنقية المياه، وذلك عبر البنك الدولي ومؤسسات مشابهة.
- بسط السيادة المصرية على كامل مساحة سيناء وإبطال البند الموجود في اتفاقية السلام الموقعة سنة 1979، والذي يفرض على الدولة المصرية "قيود قاسية" فيما يتعلق بنشر قواتها العسكرية في سيناء.