نرجس محمدي.. نوبل للسلام: اضطهاد المرأة في إيران لن يتغير!
رئيسة لجنة نوبل النرويجية" ريس-أندرسن"، بدأت خطاب إعلان فوز الناشطة الإيرانية المسجونة "نرجس محمدي" بجائزة نوبل للسلام لنضالها ضد اضطهاد المرأة في إيران بعبارة "المرأة - الحياة - الحرية"، في إشارة إلى شعار الاحتجاجات الشعبية، المستمرة، التي تجتاح إيران.
.. نرجس، في السجون، تلقت عدة أحكام بالسجن منذ عام ٢٠١١ بتهمة "نشر دعاية مناهضة.
في الذاكرة صاحبة نوبل ٢٠٠٤" شيرين عبادي "و"مركز المدافعين عن حقوق الإنسان"، وما بينهما النضال ضد إضطهاد المرأة، وهي حالة اجتماعية سياسية تعيشها قوى المجتمع المدني في إيران، دون أن يكون لها أي أثر، إذ لا تغيير في عقلية تسيطر على الحكم داخل إيران، يحكمها تيارات الإسلام السياسي الطائفي،.. الواضح، عبر تصورات متابعات المنظمات الدولية والأممية، أن ليس هناك من أي تحولات، النوبلية نرجس محمدي، وغيرها لم يختلف الشارع الإيراني كثيرا، لا يمكن خلق:أبعادًا جديدة خلال الأشهر التي تخلّلتها احتجاجات كبرى عمّت مختلف أنحاء إيران منذ أيلول/سبتمبر 2022. نظرًا إلى أن القيادة السياسية والمالي، لا تبدي أي استعداد لإجراء الإصلاحات أو للتوصّل إلى تسويات مع مجموعات المتظاهرين، وفي قراءات مؤسسة كارنيجي، بات الأمر:من المُلفت أن الناس قد ينظرون إلى الحرس الثوري الإيراني كبديل معقول من شأنه أن يضع الجمهورية الإسلامية على سكة التحوّل إلى دولة عسكرية حامية ذات توجّه ليبرالي اجتماعي،بحسب أبحاث "سانام فاكيل" | نائب مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، وزميلة أبحاث رئيسة في المعهد، حيث تقود مشاريع حول الشؤون الإيرانية والخليجية.
*.. تراجع أثر جائزة نوبل للسلام.
.. وعودة، إلى ذاكرة مؤسسة نوبل، بالذات الواقع الذي يحدث عند إعلان ترشيحات نوبل للسلام، ما زالت قصة مثيرة، إذ يشهد العالم والمجتمع الدولي والأممي، شدة تراجع نوبل للسلام عن دورها المأمول في المساعدة على تحقيق السلم العالمي، هنا نستعيد نوبل للسلام التي شكلت فضيحة، منذ اكتوبر١٩٧٣،
:"يلاحق قرار منح جائزة نوبل للسلام للأميركي هنري كيسنجر والفيتنامي لى دوك ثو قبل 50 عاما، انتقادات شديدة إلى اليوم بعد أن رفضها طرف ولم يتسلمها الآخر وتسببت في استقالة عضوين من اللجنة آنذاك.
. وفي ذلك؛ يرى المؤرخ النرويجي المتخصص في جائزة نوبل آسلي سفين أنها تمثل "فشلا ذريعا"، ويتابع "هذه أسوأ جائزة في تاريخ جوائز نوبل للسلام".
كان تاريخ 16 أكتوبر 1973 بمثابة الصدمة حين أعلنت لجنة نوبل النرويجية أن الجائزة مُنحت بشكل مشترك لمستشار الأمن القومي، الذي تمت ترقيته أيضًا إلى رتبة وزير للخارجية ولعضو المكتب السياسي لفيتنام الشمالية "لقيامهما بتفاوض مشترك على وقف إطلاق النار في فيتنام في العام 1973".
وفي 27 يناير من العام ذاته وقع الطرفان على اتفاقيات باريس والتي تنص على إقرار الهدنة في فيتنام.
وشرح أسلي سفينة، في تصريحات مهمة نشرتها وكالة فرانس برس أنه "لم يكن اتفاق سلام بل هدنة سرعان ما فشلت".
وكان الهدنة بمثابة فرصة متاحة للأميركيين لسحب قواتهم من فيتنام، بينما تواجه الولايات المتحدة انتقادات قوية مناهضة للحرب.
وأثار قرار منح الجائزة إثر ذلك جدلا واسعا وسريعا.
استقال حينها ولأول مرة في تاريخ الجائزة اثنان من الأعضاء الخمسة في لجنة نوبل، بسبب عدم رضاهم عن القرار.
*جائزة نوبل عندما تسيير نحو الحرب؟
.. وعلى هامش المناسبة، وتحديدا في في الولايات المتحدة، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالة افتتاحيتها تحت عنوان "جائزة نوبل للحرب"، كما دان أساتذة جامعة هارفارد العريقة الاختيار الذي "يتجاوز ما يمكن أن يتحمله شخص يتمتع بفهم بسيط للعدالة".
واعتبر المغني طوم ليرر أنه بهذه الجائزة "أصبحت السخرية السياسية من دون جدوى".
وأصبح كيسنجر الذي يناهز عمره 100 عام اليوم، هدفًا محددًا للانتقاد وتوجه له اتهامات بنقل حرب فيتنام إلى كمبوديا الدولة المجاورة وأعطى أوامره بشن عمليات قصف واسعة على هانوي كأداة لممارسة الضغط على المفاوضات.
.. وهناك ما يشير إلى عدم جدوى نوبل للسلام، لأنها تنحو نحو سياسات قطبية، تذكي النزاعات والحروب ولا تضع اية تصورات في قدرات المؤسسات أو الشخصيات، أو الهيئات التي منحت لها الجوائز.
*الأمم المتحدة.. ونوبل للسلام
في رسالة دورية، تلجأ الأمم المتحدة إلى القول ان
:"الإرادة والإيمان بالمجتمع الإنساني ألهمت ألفريد نوبل لإنشاء جائزة نوبل للسلام في العام 1895، وتذكر:وتُمنح الجائزة لمن بَذل جهدًا في سبيل نشر روح الإخاء بين الأمم، أو ساهم في تسريح الجيوش أو خفض أعدادها، أو انشأ هيئاتٍ أو مؤتمراتٍ تروّج للسلام.
وعلى امتداد فترة 75 عاما، مُنحت الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وموظفوها جائزة نوبل للسلام أثنتا عشرة مرة، بما فيها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي مُنحت الجائزة مرتين في العامين 1954 و1981.
فيما تشرف امينان عامان أيضا، وهما كوفي عنان وداغ همرشولد، بمنح لجنة جائزة نوبل النرويجية هذه الجائزة لهما اعترافا بجهودهم. وقال الأمين العام الراحل في حينها، السيد كوفي عنان، في تعليق بعد حصوله على الجائزة تقاسما مع المنظمة في العام 2001 بأنها "مبعث كبير لتشجيعي شخصيا، وجميع زملائي في الأمم المتحدة، للمضي قدما وباصرار رغم ما قد نواجه من مصاعب".
" لقد سعت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل للسلام لأكثر من مائة عام لتقوية التعاون المنظم بين الدول. وبانتهاء الحرب الباردة أخيرا توفر للأمم المتحدة إمكانية القيام بدورها كاملًا وخاصة الدور الذي انشئت أصلًا من أجله. واليوم تقف المنظمة في مقدمة الجهود لتحقيق السلام والأمن في العالم وكذلك في تعبئة الجهود الدولية التي تهدف إلى مواجهة تحديات العالم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية... وترغب لجنة نوبل النرويجية في الذكرى المئوية لانشائها أن تعلن أن الطريق التفاوضي الوحيد لتحقيق السلم والتعاون في العالم يمر عبر الأمم المتحدة."
.. وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منح جائزة نوبل للناشطة الإيرانية نرجس محمدي بأنه تكريم لجميع النساء «المكافحات من أجل حقوقهن».
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان برتوكولي، أن: منح جائزة نوبل للسلام لنرجس محمدي هو «تكريم لجميع النساء المكافحات من أجل حقوقهن، رغم خطورة ذلك على حريتهن وصحتهن، وأحيانًا حياتهن، ويأتي:منح الإيرانية نرجس محمدي جائزة نوبل للسلام هو تذكير بأن حقوق النساء تواجه «انتكاسة قوية» في طهران بما في ذلك محاكمة المدافعات عن حقوق الإنسان.
*رسالة نرجس من السجن.
تؤكد الصورة القامة لأحوال المرأة في العالم قاطبة، انها تنحو الي الجوع والفكر وضعف الإمكانيات الاقتصادية واللجؤ، وما الحديث عن فروقات في حال المرأة في إيران، إلا محاولة للخروج من عنق الزجاجية، إذ بثت وكالة "فرانس برس" في، تقرير سابق لمنحها نوبل للسلام، كان نشره في أيلول/سبتمبر،، صرحت فيه من سجنها، نرجس محمدي، تؤشر إلى إن:الاحتجاجات الأخيرة في إيران "سرّعت عملية تحقيق الديمقراطية والحرية والمساواة في إيران"، عملية باتت الآن "لا رجعة فيها"؛ ذلك هو الطموع الإنساني الذي خضع للشلل استبداد الإنسان في مجتمع مثل إيران، بالتأكيد، غيرها من الدول كأفغانستان وإثيوبيا والهند ومالي سوريا، وعلينا ملاحظة ان إيران، تقع في المرتبة 143 من بين 146 دولة على ترتيب المساواة الجندرية للمنتدى الاقتصادي العالمي.
*سعيد غولكار..و مايكل يونغ في كارنيجي.
.. يعتبر الباحث السياسي "سعيد غولكار"، قطب من مؤسسة جامعة تشاتانوغا، في قسم العلوم السياسية في جامعة تينيسي في مدينة تشاتانوغا، وزميل بارز غير مقيم في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية وفي معهد توني بلير للتغيير العالمي في المملكة المتحدة. هو مؤلّف كتاب عن قوات البسيج، الميليشيا شبه العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، يحمل عنوان Captive Society: The Basij Militia and Social Control in Iran (مجتمع أسير: ميليشيا البسيج والسيطرة الاجتماعية في إيران) أجرت معه منصة "ديوان" مقابلة معه أواخر تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، أجرها الباحث "مايكل يونغ"للاطّلاع على رأيه حول الاحتجاجات المستمرة في إيران، وقال غولكار، ردا على سؤال كارنيجي:يبدو أن الاحتجاجات المُندلعة راهنًا في إيران ذات طبيعة مختلفة تماما عن تلك التي حصلت مرات عدّة خلال العقد أو العقدَين الماضيَين. ماذا الذي يميّز هذه الاحتجاجات عن غيرها؟ هل نشهد مرحلة ثورية؟
.. في الرد، دلالة على أثر التغيير المستحيل،- برغم قصص تحركها جائزة نوبل للسلام -، وقال: على الرغم من وجود عدد كبير من أوجه الشبه، ثمة اختلافات عدّة بين احتجاجات العام 2022 وجولات الاحتجاج السابقة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في العام 1979، مع العلم بأن موجات من المقاومة الشعبية برزت منذ إقامة الجمهورية الإسلامية في الثمانينيات. لم يشهد العقد الأول احتجاجات كثيرة، إذ تمكّن النظام الشعبوي والإسلامي من تعبئة ملايين الإيرانيين خلال الحرب الإيرانية العراقية. لكن بعد وفاة آية الله روح الله الخميني وانتهاء الحرب، واجهت الجمهورية الإسلامية تدريجيًا موجات عدّة من الاحتجاجات، بدءًا من الاحتجاجات في مدينة مشهد في العام 1991، وفي قزوين ومدينة إسلام شهر في 1993 و1994، ومرورًا بالاحتجاجات الطلابية خلال العامَين 1999 و2003، ووصولًا إلى الحركة الخضراء في العام 2009. تواصلت الاحتجاجات خلال العقد الماضي، كما في 2017-2018 قبل انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2019، عندما قتل النظام ما يصل إلى 1،500 شخص خلال يومَين فقط. وفي حين ضمّت الاحتجاجات الطلابية والحركة الخضراء بشكل أساسي أعدادًا كبيرة من الطبقة الوسطى بقيادة إصلاحيين وطالبت بإصلاح النظام، كانت احتجاجات 2017-2018 و2019 في الدرجة الأولى من تنظيم الطبقات الدنيا احتجاجًا على المشقات الاقتصادية والركود، كارتفاع أسعار النفط في العام 2019.
ما يحصل في الوقت الراهن هو حركة جمعت عددًا كبيرًا من الناس من مختلف طبقات المجتمع الإيراني، الدنيا والوسطى والثرية، وانتشرت على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد. وعلى عكس الاحتجاجات السابقة، لا تهدف ثورة العام 2022 إلى تحقيق انفراج اقتصادي أو إصلاح النظام، بل تسعى قبل كل شيء إلى إلغاء الجمهورية الإسلامية كنظام. لقد تغيرت إيديولوجيا الحركة، التي باتت تحمل شعار "امرأة، حياة، حرية"، لتعكس نموذجًا جديدًا من الوعي الشعبي في إيران. ويضطلع مفهوم الحياة بأهمية ملحوظة ضمن هذه الحركة، على عكس العام 1979، عندما كان الاستشهاد في سبيل الله هو الهدف الأسمى. وبخلاف الحركات السابقة، لعبت المرأة، ولا سيما في التعليم الابتدائي والعالي، دورًا مهمًا وبخاصةٍ لدى مقارنتها بالانتفاضات السابقة التي كان يحرّكها ذكور. لذا، تُعتبر احتجاجات العام 2022 نقلة نوعيّة من حيث الاحتجاج الاجتماعي والسياسي: فالإيرانيون اليوم يسعون إلى تفكيك نظام قائم على الشهادة واستبداله بنظام يقدّر معنى الحياة والحرية.
.. وفي تصورات غولكار: تعتمد نتيجة هذه الاحتجاجات على متغيّرات عدّة، من بينها الوفاة المفاجئة لخامنئي أو مدى رغبة قوات الأمن في مواصلة قتل الإيرانيين. لكن حتى لو تمكّن النظام من الصمود، فقد طرأت تغييرات كبيرة في إيران، بالنسبة إلى النظام والشعب على حدّ سواء. لقد فقدت الجمهورية الإسلامية الثقة، وبات الغضب يسيطر على قلوب الناس بدلًا من الخوف.
.. محمد، في السجن، لن تتمكن من حضور توزيع الجائزة، قد تفرح قليلا، لكل لديها قوة تنقل لها حقيقة ان ما يصيب الناس والمجتمع الدولي، أزمات لا تفك حجابها جائزة نوبل للسلام.. أو أي خطوة في الفراغ.. باي باي نوبل للسلام المغيب.