"هيكل" صحفى القرن وأدب الرحلات.. نظرة طائر على أفريقيا وآسيا
كتب محمد حسنين هيكل (23 سبتمبر 1923 –17 فبراير 2016) -أحد أشهر الصحفيين العرب والمصريين في القرن العشرين- عددًا من المقالات عن بعض الرحلات، يحكي كل مقال منها بشكل مقتضب ومختصر رحلة منفردة، وأيضًا هناك سلاسل ممتابعة ومتصلة عن رحلات ذات تفاصيل أكثر؛ منها رحلاته في أفريقية وآسيا.
الباحث والكاتب الصحفي عماد عبد الراضي؛ في رسالته لـ"الدكتوراه" بعنوان "مقالات محمد حسنين هيكل - دراسة فى البنية والأسلوب"، أفرد فصلًا كاملًا عن "أسلوب هيكل في مقالات الرحلات"، والتي تضمنت رحلة أفريقية نشرها في سبعة مقالات عام 1965 بجريدة الاهرام، ورحلة أسيوية التي نشرها في ستة مقالات عام 1966، ونظرة طائر على آسيا التي نشرها في أربعة عشر مقالًا عام 1973.
هيكل في أفريقيا
يقول عماد عبد الراضي، إن الكاتب محمد حسنين هيكل لا يلجأ لأسلوب الوصف كثيرًا في كتابة هذه الرحلة، بل يغلب عليه أسلوب التحليل العقلي لكل ما يراه، فهو يخضع كل ما يراه خلال رحلته للبحث والتحليل السياسي والتاريخي، رابطً إياه بظواهر وأحداث تستدعيها ذاكرته وثقافته وخبرته السياسية.
وهكذا تغلب على هيكل خلال كتابته عن هذه الرحلة طبيعته ككاتب سياسي، حتى إنه يخصص مقاله الأول فيها عن حدث سياسي – وقع في سياق رحلته الأفريقية- قبل الحديث عن الرحلة نفسها، وهذا الحدث هو تأجيل المؤتمر الأسيوي – الأفريقي الذي كان من المقرر عقده في الجزائر، وكان يُفترض أن يحضر هيكل فعالياته خلال الرحلة.
هيكل في آسيا
عماد عبد الراضي، يقول عن مقالات "هيكل" الخاصة بزياراته لأسيا:" أورد في هذه الرحلة ستة مقالات متتالية نشرت في جريدة الأهرام، زار فيها الهند وتايلاند واليابان"، ويختلف أسلوب كتابة هيكل لهذه الرحلة عن سابقتها، فيرتبها ترتيبًا مكانيًا، وهو أحد انواع تدوين الرحلة.
وفى رحلته إلى الهند استخدم "هيكل" عنصري القص والحوار بشكل مكثف، كذلك فإن روح السياسي المحنك داخله تطغى عليه، فإنه لا يتخلى عن التحليل السياسي لكل مشهد او حدث يقابله في رحلته، هذا بالإضافة إلى الوصف الذي يعد ركنًا أساسيًا في المقالات.
يرصد الباحث والكاتب عماد عبد الراضي، أن "هيكل" أورد هذه الرحلة في أربعة عشر مقالًا، نُشرت في جريدة الأهرام، وزار فيها دول الصين واليابان وبنجلاديش والهند وباكستان وهي الرحلة الوحيدة التي أصدرها هيكل في كتاب مستقل.
ويري الباحث أن هذه المقالات تتميز بتنوع محاورها وتعدد أطرافها؛ وذلك بسبب عدد الدول التي زارها الكاتب وكثرة الشخصيات التي قابلهان ولكن رغم ذلك فإن أحداثها تبدو مترابطة بشكل كبير، لوجود رابط قوى يربط بين كل أطرافها، فالمحور الذي يجمع كل أطراف الرحلة التي سردها"هيكل" هو هيكل نفسه، الذي يمثل رابط الأحداث التي تتجمع كلها خوله، وأنه لاشك أن شخصية الكاتب لها أثر كبير في أدب الرحلة، فهو بطل الحدث وكاتبه في الوقت نفسه.