التطبيع الصعب.. زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى إلى البحرين.. الأهداف والصعوبات
وصل وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، إلى مطار البحرين الدولي مساء الأحد، في أول زيارة رسمية له إلى إحدى الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، وبعد مرور 3 سنوات على توقيع اتفاق التطبيع بين إسرائيل والبحرين.
واستقبل "كهين" الذي وصل المنامة بصحبة وفد من ممثلين سياسيين وتجاريين نظيره البحريني عبد اللطيف الزياني، وسفير البحرين لدى إسرائيل خالد الجلاهمة.
وكان من المقرر أن يزور كوهين العاصمة البحرينية المنامة في يوليو الماضي، لكنه اضطر إلى تأجيل رحلته، بسبب زيارة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى الحرم الإبراهيمي، الأمر الذي أثار غضبا في العالم العربي.
ومن المقرر أن يلتقي "كهين" خلال زيارته نظيره البحريني، كما سيزور قاعدة الأسطول الخامس الأمريكي، وافتتاح المقر الدائم الجديد للسفارة الإسرائيلية في المنامة رسميًا، ومن المتوقع أن يتم التوقيع على عدة مذكرات تفاهم بين إسرائيل والبحرين، كما ستعقد اجتماعات مختلفة تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين.
التطبيع الصعب
فيما ترى دراسة لمعهد الأمن القومي أن انضمام البحرين إلى "اتفاقات أبراهام" كانت أكثر تعقيداً من الإمارات: ففي البحرين، عائلة آل خليفة السّنية تحكم أغلبية شيعية، وعلى الرغم أن البحرين لديها مجتمع مدني قوي، إلا أنه في الوقت نفسه قدرة المنامة على المناورة محدودة بسبب ارتباطها بالسعودية، وأيضاً بسبب تراجُع عائداتها النفطية. على هذه الخلفية، اعتُبرت الموافقة السعودية على التطبيع بين البحرين وإسرائيل إشارة إيجابية من السعودية حيال إسرائيل.
تأتي الزيارة بعد صعوبات واجهت العلاقات بين إسرائيل والبحرين، ومشاهد تم نشرها حول رفض التطبيع داخل البحرين، فقد ظهرت صور من البحرين لرجال دين شيعة يدوسون على علم إسرائيل مع أصوات تشجعهم خلال مسيرة عاشورائية.
ولم تكن هذه هي الحادثة الوحيدة، لكن منذ توقيع الاتفاق مع إسرائيل، شهدت البحرين حوادث احتجاج محدودة، لكن متواصلة، ضد إسرائيل وتأييداً للفلسطينيين،على سبيل المثال، عندما تظاهر مئات البحرينيين قبيل زيارة الرئيس يتسحاق هرتسوج إلى البحرين في ديسمبر 2022، وبينما اتهمت مصادر إسرائيلية إيران "بتأجيج الأجواء". إلا أن المتظاهرين هم بالفعل من المتعاطفين مع حزب الوفاق الشيعي، وزعيمه الروحي عيسى قاسم المنفي في إيران، ومن هناك يبعث برسائل معارِضة للتطبيع مع إسرائيل.
في مايو الماضي، وقّعت مجموعة من 40 شخصية دينية بحرينية بارزة رسالة حادة أُرسلت إلى وزير التعليم البحريني، تطالبه فيها بإلغاء "تغييرات مشبوهة" في مناهج التعليم الرسمية: إلغاء أحاديث وتفاصيل من حياة النبي محمد (تتناول علاقته باليهود) وكذلك بعض التعديلات حول اسم إسرائيل على الخريطة، فور نشر الرسالة، سارع ولي العهد إلى إعلان وقف فوري للتغييرات.
كما تشير استطلاعات للرأي العام أُجريت في البحرين إلى عدم وجود فارق فعلي في موقف السّنة والشيعة في البحرين من التطبيع مع إسرائيل. وما لا يقل أهمية هو التراجع الحاد في تأييد الاتفاق بمرور السنين. عند توقيع الاتفاق في سنة 2020، نظر إليه 40% من السكان بإيجابية، في حين أظهرت الاستطلاعات التي أُجريت لاحقاً تراجعاً كبيراً.
زيارة كهين
تأتي زيارة كهين في مناخ صعب، وتعتبر محاولة لإحراز تقدم ملموس في التطبيع بين الجانبين في وقت أن خطوات الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تساعد في تقدم العلاقات بين إسرائيل والبحرين، فيما انتقدت العائلة المالكة في البحرين عدة تصريحات لوزراء في الحكومة الإسرائيلية حول الفلسطينيين.
ورغم أن معارضة التطبيع في البحرين تنبع من الأساس من المعارضة البحرينية للحكومة وتستهدف العائلة المالكة إلا أن الخطوات على الأرض لتقدم التطبيع لم تكن لافتة، وحتى هذه اللحظة من المشكوك فيه أن تتمكن زيارة "كهين" من إحراز تقدم ملموس رغم أنها يمكن اعتبارها خطوة إيجابية في مناخ من الصعوبات، ويمكن رؤية نتائج ملموسة في المجالات الاقتصادية والتجارية بشكل أكبر من الجوانب السياسية والدبلوماسية.
لكن الجانب الأهم، هو أن التطبيع بين البحرين وإسرائيل يشكل بالون اختبار بالنسبة إلى السعودية مع التجارب السابقة في العلاقات مع إسرائيل، على خلفية المبادرة الأمريكية للدفع قدماً بالتطبيع بين تل أبيب والرياض.