صورة الصين السياسية فى ثلاثية الروائى السورى حنا مينه
مواصفات البطل النموذجي عند الروائي السوري حنا مينه، والذي غادر عالمنا في مثل هذا اليوم قبل خمسة أعوام، تحديدا في العام 2018، ليرتاح للمرة الأخيرة، فقد سبق خبر إعلان وفاته في العام 2018 أن تردد خبر وفاته أكثر من مرة، ليخرج هو ساخرا من هذه الأخبار.
وحنا مينه، قدم للمكتبة العربية العشرات من الأعمال الروائية والأدبية، نذكر من بينها: "إلياطر"، "المصابيح الزرق"، "نهاية رجل شجاع"، "المستنقع"، "الأبنوسة البيضاء"، "حكاية بحار"، "الشمس في يوم غائم"، "حدث في بيتاخو"، عروس الموجة السوداء"، "المغامرة الأخيرة".
وروايته التي عنونت بـ"الشراع والعاصفة" احتلت المرتبة الرابعة عشرة في قائمة أفضل رواية عربية خلال القرن العشرين.
ويجمع النقاد ومؤرخي الأدب علي أن قوة أدب حنا مينه الروائي في توظيف الفقر الذي عاشه في جميع أعماله الروائية، لذا فقد جعل من رواياته مساحة للتعبير عن الصراع الطبقي، وعن البحث المضني والدائم عن العدالة الاجتماعية.
ــ صورة الصين السياسية في ثلاثية حنا مينه
في رسالتها لنيل درجة الدكتوراه، والمعنونة بـ"صورة الصين السياسية في ثلاثية حنا مينه": "حدث في بيتاخو"، عروس الموجة السوداء"، "المغامرة الأخيرة"، تذهب الباحثة "وجدان محمد"، إلي أن تنوعت ألوان صورة الآخر في أدب حنا مينه الروائي الذي عرف في حياته جماعات بشرية متنوعة، منذ مولده في النصف الأول من القرن العشرين، أيام الانتداب الفرنسي في سوريا إلي تنقله في منافيه خلال الفترة "1959 ــ 1967"، وبين بلدان: المجر، الصين، بلغاريا وغيرها.
وتلفت "وجدان" إلي أن أدب حنا مينه يحمل تعابيرا عن اللقاء الحضاري بين المثقف العربي والمجتمعات الأخري، فحملت روايته "الربيع والخريف الصادرة عام 1984 ــ علي سبيل المثال ــ صورة لقاءه المجتمع المجري، أما تصويره للقاءه المجتمع الصيني فقد تركز في ثلاثيته الروائية "حدث في بيتاخو"، عروس الموجة السوداء"، “المغامرة الأخيرة”. ولقد اتسم هذا اللقاء الحضاري بسمة ثنائية "تصادمية وتصالحية"، فبطل الرواية الثلاثية “زبيد الشجري”، يوجه انتقادات لفكر القائد الصيني "ماوتسي يونج"، والذي أسس بيروقراطية من نوع عجيب في الصين، لكنه في الوقت نفسه يجد مسوغا للتزمت والتشدد الصيني والانغلاق والجمود العقائدي في الصين، وهو المحافظة علي الهوية القومية.
ــ ماهية ثلاثية حنا مينه الروائية عن الصين
وتلفت الباحثة في دراستها إلي أن: ثلاثية حنا مينه عن الصين تتألف من روايات ثلاث، تتكامل موضوعا ورؤية، يقدم فيها حنا مينه عالما فريدا وغريبا، إنه عالم الصين، وحركة المجتمع الصيني المائجة المضطربة بين عامي "1960 ــ 1962"، والثورة الثقافية في قمة الاضطراب والنكوص والحماس والإقدام مع الخلاف الذي استحكم بين موسكو وبكين.
وثلاثية حنا مينه الروائية: "حدث في بيتاخو"، عروس الموجة السوداء"، “المغامرة الأخيرة”، صادرة في ألف صفحة موزعة في "34" فصلا و"33" مذكرة يومية، تشرح كل شئ عن هذا البلد ــ الصين ــ ثقافيا واجتماعيا وجغرافيا وتاريخيا، وكأنها تحاول أن توصل تجارب حنا مينه الحياتية بتفاصيلها وغناها إلى قراءة.
وتوضح "وجدان": يجيئ السرد في ثلاثية حنا مينه الروائية "حدث في بيتاخو"، عروس الموجة السوداء"، "المغامرة الأخيرة"، علي لسان الكاتب، أما اليوميات فهي مذكرات "زبيد الشجري" بطل الرواية العربي الذاهب إلي الصين. فالرواية تسير على خطين متوازيين، يكمل أحدهما الآخر. الخط الأول: سردي يقص حياة الشخصيات، والخط الثاني: هو اليوميات التي سجلها بطل الرواية نفسه.