بطل التأميم.. كيف تحدى محمد حلمي صعاب وعقبات تشغيل قناة السويس؟
تحتفل مصر اليوم الأربعاء الموافق 26 يوليو، بالذكرى الـ 67 لتأميم قناة السويس عام 1956، عندما أعلن الرئيس الأسبق، جمال عبدالناصر، بميدان المنشية فى محافظة الإسكندرية قراره التاريخي بتأميم قناة السويس.
ونحن نحتفل بذكرى تأميم قناة السويس، شريان الحياة، هناك أبطال كان لهم دور هام ومحوري في تشغيل قناة السويس وتحدي الصعاب والعقبات التي حاولت احباطهم، نلقي الضوء على أحد هؤلاء الأبطال إنه الدكتور محمد حلمي بهجت بدوي، أول مصري تولى إدارة قناة السويس بعد التأميم.
تحمل مسئولية إدارة القناة في ظروف عصيبة حمل على كاهله الصعاب لإثبات أن المصريين يستطيعوا إدارة القنال وحدهم دون مساعدة الأجانب.
كانت الظروف غير طبيعية والأجواء ملبدة بسحب الغضب لتأميم القناة دولاً أعلنت الحرب على مصر وشرعت في ذلك لتحصل علي جزء من كعكة القناة أو تتخذ ذلك ذريعة في القضاء على مصر.
العالم يترقب كيف سيدير المصريون القناة؟ مرشدون أجانب أعلنوا انسحابهم من العمل مؤامرة مدبرة ليحبطوا فرص نجاح المصريين.
علينا الآن أن نبدأ في مهمة إفشال هذه المؤامرات كان ذلك لسان حال الدكتور محمد حلمي بهجت بدوي، أول مصري تولى إدارة قناة السويس بعد التأميم.
ليبدأ في ٢٦يوليو من عام ١٩٥٦ أسندت المهمة لرجل القانون المحنك فلديه من الخبرات ما تؤهله لقيادة القناة في هذه الظروف فلم يكن المكان بغريب لانه كان احد اعضاء مجلس ادارة الهيئة ضمن خمسة مصريين قبل التأميم.
ولد «بدوي» بالإسكندرية في عام ١٩٠٤، وتلقى دراسته بمدارس الجمعية الخيرية بالإسكندرية، وواصل دراسته بمدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية وحصل على شهادة الكفاءة وانتقل بعد ذلك لإكمال دراسته بالقاهرة والتحق بمدرسة الحقوق العليا فتخرج منها عام ١٩٢٥ وأوفدته الجامعة في بعثة إلى باريس وحصل على الدكتوراة.
في عام ۱۹۲۹ عن رسالة بعنوان «مسئولية رب العمل وعمل مدرسا في كلية الحقوق جامعة القاهرة وانتقل للعمل في السلك القضائي ليتولى عدة مناصب قيادية قضائية. لم تكن مهمة إدارة قناة السويس هي الاختبار الأكبر لقدرة رجل القانون على الإدارة، حيث كان وزيرا للتجارة والصناعة في حكومة مصر في ٩ ديسمبر ١٩٥٢ بعد ثورة يوليو.
مما أكسب الرجل مهارات عديدة، فهو اعتاد على تولي المناصب القيادية منذ عودته من دراسته بباريس، حيث تولى عدة مناصب عامة منها سكرتير جمعية الهلال الأحمر المصرية، وعضوا بمجلس إدارة البنك الأهلي المصري.
كان «بدوي حريصا على حضور المؤتمرات الدولية بتكليف من الحكومة المصرية، حيث شارك في مؤتمر مونترو عام ۱۹۳۷لإلغاء الامتيازات الأجنبية كما شارك في عام ١٩٤٥ بمؤتمر واشنطن ممثلا عن مصر.
هذه الخبرات القانونية والدولية والإدارية كانت كفيلة بأن يصبح بدوي، الرجل المناسب في المكان المناسب فخبراته في القانون والإدارة عبر سنوات قبل التأميم جعلته ينجح في إدارة القناة في تلك الظروف الصعبة.
لم تمنعه رئاسته كافة هذه المؤسسات الحكومية والأهلية من أن يخطف مساحات خاصة لهواياته في تأليف الكتب التي أثرت التراث الثقافي المصري حيث أصدر ثلاثة كتب بعنوان مسئولية رب العمل وكتاب أصول الالتزامات وكتاب العبقرية المصرية الراحلة
أصول بهجت الاسكندرية ومساهمته في رفعة الدولة المصرية في كافة المناصب التي تولاها كانت كفيلة بأن يصبح أيقونة تاريخية لهذه المحافظة العريقة وتقديرا لذلك المجهود أطلق اسم هذا الرجل على أحد شوارع الإسكندرية بمنطقة الابراهيمية.
توفي الدكتور محمد حلمي بهجت بدوي بمدينة السويس في عامه الرابع والخمسين بعد أن أدار القناة لمدة عام تقريبا، ليلقى وجه ربه بأمنية كتبها في قصيدة بمقدمة كتاب العبقرية المصرية الراحلة تقول.