الفرصة الأخيرة.. هل ينجح قادة العالم في إنقاذ الكوكب من موجات الحر؟
كشف العلماء أن أزمة المناخ التي يسببها الإنسان هي المسؤولة عن موجات الحر المميتة التي ضربت أوروبا والولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم في الأسابيع الأخيرة.
وبحسب شبكة "سي إن إن" الامريكية، تأكد أن حدوث أزمة المناخ وموجات الحر كان مستحيل حدوثهما لولا الاحتباس الحراري الناتج عن حرق الوقود الأحفوري بحسب ما أكد علماء متخصصون.
وأمضت مجموعة "WWA"، وهي مجموعة من العلماء الدوليين الذين يقومون بتقييم دور تغير المناخ في الأحداث المناخية المتطرفة، أسبوعًا في تحليل موجات الحرارة الخطيرة التي اجتاحت نصف الكرة الشمالي في يوليو، ما أدى إلى تدمير المحاصيل والماشية، وإشعال حرائق الغابات، وتفاقم الإجهاد المائي وقتل الناس عبر ثلاث قارات.
الحرائق وتغيرات المناخ.. تدمير للأرواح وسبل العيش
وأفادت الشبكة الأمريكية أن النتائج التي توصل إليها العلماء توضح أن الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان يدمر الأرواح وسبل العيش في جميع أنحاء العالم، ما يجعل الحاجة إلى خفض الانبعاثات أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وقال العلماء إن مثل هذه الموجات الحارة الوحشية لم تعد نادرة، وستزداد سوءًا مع استمرار ارتفاع الانبعاثات، وإذا ارتفعت درجة حرارة العالم بمقدار درجتين مئويتين، فستحدث كل سنتين إلى خمس سنوات.
وقال تقرير صادر عن علماء المناخ البارزين في مارس الماضي، والذي أيدته حكومات العالم: "لا تزال ثمة فرصة للسيطرة على الارتفاع السريع لدرجة حرارة الأرض لتأمين مستقبل صالح للعيش ومستدام للجميع، ولكن هذه الفرصة تذهب سريعًا".
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أنه في وقت سابق من يوليو الحالي، تحطمت سجلات درجات الحرارة في العديد من الأماكن في جنوب أوروبا وغرب الولايات المتحدة والمكسيك والصين، ما أدى إلى وفيات مرتبطة بالحرارة وحرائق الغابات.
وشهد الأسبوع الأول من شهر يوليو أعلى درجات حرارة عالمية في التاريخ، حيث وجد الباحثون أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري جعلت موجات الحر أكبر بما يقرب من 2.5 درجة مئوية لتصبح أوروبا أكثر سخونة، بينما ارتفعت درجة الحرارة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بمقدار درجتين مئويتين، بينما ارتفعت درجة حرارة الصين بمقدار درجة واحدة.
الفرصة الأخيرة لانقاذ الأرض
قالت الدكتورة فريدريك أوتو من إمبريال كوليدج لندن، في المملكة المتحدة، والتي كانت جزءًا من فريق التحليل: "لم تعد موجات الحر هذه نادرة، والأهم من ذلك، أن هذه الظواهر المتطرفة تقتل المئات وتُدمر حياة الآلاف وتستهدف سبل عيش الفئات الأكثر ضعفًا وخصوصًا دول العالم الأكثر فقرًا".
وأضافت أوتو أن موافقة الحكومات على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في قمة المناخ للأمم المتحدة Cop28التي تقام في الإمارات، وتنطلق في 30 نوفمبر المقبل، أصبح أمر حتمي.
وتابعت "لا يزال لدينا الوقت لتأمين مستقبل آمن وصحي وإذا لم نفعل ذلك، فسيظل عشرات الآلاف من الأشخاص يموتون من أسباب مرتبطة بالحرارة كل عام".
بينما قالت جولي أريجي، مديرة مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر: "الحرارة شديدة ومميتة وتتزايد بسرعة، يجب على الحكومات أن تعمل بكافة طاقتها لإنقاذ البشرية من الحرارة".
أضافت الشبكة الأمريكية أن تحذيرات العلماء تأتي بعد أن وصف الخبراء خطة الحكومة البريطانية للتكيف مع تغيرات المناخ بأنها "ضعيفة للغاية، حيث أشار رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إلى أنه قد يؤجل أو يتخلى عن بعض السياسات الخضراء تحت ضغط الجناح اليميني في حزبه.
وتابعت أنه تم الحكم على سلسلة مماثلة من موجات الحر عبر نصف الكرة الشمالي في 2018 بأنها مستحيلة بدون الاحتباس الحراري. تم تحليل أكثر من 500 حالة مناخية قاسية من قبل العلماء ، ووجدوا أن 93% من موجات الحر و68% من حالات الجفاف أصبحت أكثر شدة وأكثر احتمالية بسبب الانبعاثات التي يسببها الإنسان.
موجات الحر تهدد أوروبا وتحذيرات من سيناريوهات أسوأ
وأظهرت دراسة مجموعة "WWA"، أن أكثر من 61 ألف شخص لقوا حتفهم في موجات الحر الأوروبية لعام 2022، بما في ذلك أكثر من 3 آلاف شخص في المملكة المتحدة وحدها، حيث قدرت دراسة أخرى أن الملايين ماتوا من الحرارة في جميع أنحاء العالم في العقود الثلاثة الماضية بسبب أزمة المناخ، ومع ذلك، لا يزال التقدم العالمي لخفض حرق الوقود الأحفوري بطيئًا للغاية، حيث كانت مجموعة العشرين هي أحدث مجموعة أعاقت مثل هذه الخطط.
ووجدت الدراسة أن موجات الحر في أوروبا والولايات المتحدة، كحد أدنى، زادت احتمالية حدوثها بمقدار 950 و 4400 مرة بسبب الاحتباس الحراري ما يجعل من المؤكد تقريبًا أنها نتيجة انبعاثات من صنع الإنسان، وفي الصين زادت احتمالية الموجة الحارة 50 مرة.
وأشارت الدراسة إلى أنه من المتوقع حدوث موجات الحر هذه كل خمس سنوات تقريبًا في الصين ، وكل 10 سنوات في أوروبا و 15 عامًا في الولايات المتحدة ، ولكنها ستحدث بشكل متكرر أكثر من أي وقت مضى مع استمرار ارتفاع الانبعاثات.
وقال العلماء إن ظاهرة النينيو المتنامية، وهي ظاهرة مناخية طبيعية، ربما أضافت القليل من الحرارة إلى موجات الحر الحالية، لكن الاحتباس الحراري الناتج عن حرق الوقود الأحفوري كان السبب الرئيسي لشدتها.
وقال جاريث ريدموند كينج، من وحدة استخبارات الطاقة والمناخ في المملكة المتحدة وعضو مجموعة "WWA"، "بينما نستمر في حرق الوقود الأحفور ، نؤجج تأثيرات مناخية أسوأ من أي وقت مضى، لن يتوقف الأمر حتى نخفض الانبعاثات إلى صافي صفر".
بينما قالت هيلين كلاركسون، الرئيس التنفيذي لمجموعة المناخ، التي تعمل مع 500 شركة متعددة الجنسيات: "إن تراجع حكومة المملكة المتحدة عن السياسات الخضراء أمر محبط، في وقت تزداد فيه آثار تغير المناخ سوءًا، وغير مسؤولة اقتصاديًا، حيث أضافت التحركات السابقة لإلغاء السياسات الخضراء ما لا يقل عن 2.5 مليار جنيه إسترليني إلى فواتير الطاقة في المملكة المتحدة خلال أزمة تكلفة المعيشة".