رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البنات المصريات قادمات

البنات المصريات قادمات فى مختلف المجالات، وستشهد مصر طفرة خلال الفترة المقبلة نظرًا للبطولات التى يحصدنها لمصر على المستوى الإقليمى والقارى والعالمى، وفقط إذا ما تعهدنا بناتنا المتفوقات علميًا والبطلات الرياضيات بالرعاية والاهتمام الضروريين من جانب الدولة، وضرورة وضع خطة تهدف إلى رعاية التفوق للبنات الصغيرات ورعاية مشوارهن، سواء فى الرياضة أو فى الفنون أو فى العلوم، حتى يحققن لمصر الفخر والبطولات وحتى يكون النجاح والتفوق سياسة تتبعها الدولة، وليس فقط حالة فردية أو حالة خاصة.

هناك دلالات على أن هناك حالات تفوق وبطولات تحققها الفتيات المصريات الصغيرات حاليًا، وهناك طفرة فى حياة بنات مصر مع الدعم والتوجيه بتمكين المرأة المصرية والتقدير، الذى يقدمه رئيس الدولة عبدالفتاح السيسى للمرأة والأم والبنت المصرية، مما يهيئ المناخ لظهور حالات تفوق وعبقريات وما هو فى تقديرى أشبه بالمعجزات، وذلك بسبب دعم القيادة السياسية، ومع اهتمام ورعاية الأسرة مثل الأم والأب أو الزوج أو الأخ، واهتمام المدربين بتدريب مناسب وبمستوى عالمى، فإن ذلك قد حقق لمصر طفرات وبطولات مؤخرًا.. إلا أنه ينبغى أن يكون اتجاهًا تتبناه الحكومة والأجهزة المعنية فى الدولة، بالإضافة إلى توافر مسئولى الاتحادات المنصفين والقادرين على دعم البطلات وليس وضع العثرات فى طريقهن، كما حدث مؤخرًا مع معجزة تنس الطاولة الفتاة المصرية البطلة «هنا جودة»، البالغة من العمر ١٥ عامًا، التى فازت ببطولة إفريقيا تحت ١٧ سنة مؤخرًا، فأصبحت مصدر فخر للمصريين وليس لأسرتها التى رعتها فقط.. إننى أطالب المسئولين فى الحكومة المصرية بوضع سياسة للدولة لدعم ورعاية البطلات الرياضيات والتعهد بدعم الموهوبات والمتفوقات فى أى رياضة دولية، وما أكثرها، وتذليل العقبات التى تواجههن، وإتاحة تدريبهن بشكل سليم ومحترم ودعم سفرهن لتمثيل مصر فى البطولات العالمية وفى المسابقات الدولية خارج البلاد، وتوفير كل الإمكانات الضرورية واللازمة ليحصدن البطولات الدولية والإقليمية لمصر.

إن الدول الكبرى ترصد الميزانيات وتوفر التمويل اللازم، وكذلك تدعم المؤسسات الدولية الكبرى المواهب الرياضية حتى يفزن بالبطولات على المستوى العالمى.. إن البطل الرياضى فى تقديرى حينما يحصد بطولة رياضية عالمية فإنه يتحول من بطل رياضى إلى سفير فوق العادة لبلده وخير دعاية لها، وهكذا فإن تعزيز قدرات البنات المتفوقات ينبغى أن يكون سياسة للدولة، كما ينبغى أن يكون تمكين وتعليم ودعم البنات هدفًا أساسيًا للدولة فى بلد يتجه للتقدم والتنمية والازدهار.

إن دعم البنات والمساواة فى التربية بينهن وبين أشقائهن من البنين ينبغى أن يكون توجهًا عامًا فى الأسر وفى التعليم وفى الرياضة وفى الفنون، وينبغى أن تدرك الأسر المصرية أن البنت ليست أقل من أخيها، وضرورة دعمها خلال مشوار حياتها بعيدًا عن أفكار التطرف أو القسوة أو القهر، وتعليمهن المسئولية والوعى بكيفية مواجهة الحياة بشكل سليم وسوى والثقة بالذات والتفوق، وتخريج جيل من البنات والفتيات مصريات قادرات على التفوق والمساهمة فى تقدم الوطن وتأسيس الجمهورية الجديدة على أسس سليمة، ومن المؤكد الآن أننا فى خلال السنوات المقبلة سنشهد نقلة نوعية كبيرة فى عالم البنت المصرية إذا ما توافر لذلك عنصران أساسيان، أولهما: احترام كيان المرأة والبنت المصرية ووضع سياسة للدولة تقضى بتعزيز ودعم قدرات البطلات الرياضيات والمتفوقات علميًا، وثانيًا: ضرورة اهتمام الآباء والأمهات بتفوق البنت وبرعايتها ودعمها إن كانت لديها قدرات رياضية أو مهارات خاصة أو مواهب فنية، وأن ننشر الوعى فى الفترة المقبلة بأهمية تمكين البنات لتشب الأجيال الجديدة ولديها القدرة على مواجهة المستقبل ومستجدات الحياة والعالم الحديث والتفوق العالمى، فعلًا اخترقت وتجاوزت البنت المصرية كل ما كان يتوقعه المتفوقون، ليس فقط المصريون، ليس فى المدرسة فقط ولكن أيضًا التفوق على مستوى عالمى. 

وكنت قد كتبت مقالًا منذ ٢٥ عامًا بعنوان «المصريات قادمات»، وبالفعل أصبحت المرأة المصرية الآن فى وضع أفضل ولدينا أعداد كبيرة متفوقة وفى مناصب عليا بدعم من القيادة السياسية وقادرة على العمل والصمود ومواجهة الحياة والمشاركة فى بناء مصر، وما زلت أطالب بالمزيد وبالمساواة التامة مع الرجل فى كل مجالات الحياة، وبوقف الدعاوى المتطرفة، وبتطوير القوانين فى الأحوال الشخصية وغيرها، لنضمن لها الأمان والحماية والحياة الكريمة. 

إن لدينا مؤخرًا بنات فى مصر من ذهب، فلدينا منذ أيام طفلتان نفتخر بهما فى رياضة تنس الطاولة هما؛ «هنا جودة»؛ بنت مصر التى استطاعت أن تتقدم ٣ مراكز فى التصنيف العالمى لتنس الطاولة، لتصبح مصر رقم ٣٢ عالميًا، وهو التصنيف الأعلى فى تاريخها منذ أيام، ووصفها الاتحاد الدولى لتنس الطاولة بأنها صنعت معايير غير مسبوقة وتعيد كتابة تاريخ تنس الطاولة فى إفريقيا.

ولدينا أيضًا بنت أخرى من ذهب، وهى «حبيبة البسومى»، بنت مصر التى فازت بلقب بطولة إفريقيا لتنس الطاولة للناشئات تحت سن ١٥ سنة بالمغرب، منذ أيام قليلة، وفى تقديرى أنه لا بد أن يسود فى بلدنا الوعى بضرورة تعليم البنات واكتشاف مواهبهن منذ سن صغيرة، وهذا الأمر يعتمد على الأهل أولًا ثم على المدربين، ثم أن يسود الوعى بأهمية الاهتمام بالرياضة لبنات مصر فى المدارس بشكل عام وبشكل أساسى حتى نبتعد عن تنشئة أجيال منغلقة العقول أو تسيطر عليها أفكار رجعية لأهل التطرف والتشدد والقهر للبنات، والقضاء على الأفكار الرجعية التى تعتبر البنت مواطنًا من الدرجة الثانية، ومراقبة وتصحيح مسارات المدارس المتشددة فى فكرها تجاه البنات، التى يقوم بعضها بفرض الحجاب على البنت منذ سن صغيرة جدًا بهدف تحجيم طموحها وقهرها واعتبارها عورة، ولا بد من متابعة ما يحدث فى الاتحادات من جانب وزارة الشباب والرياضة.

فلا بد من أن يكون هناك ضمير للذين يختارون البنات للمشاركة فى الألعاب الرياضية على المستوى العالمى حتى لا يتكرر ما حدث لهنا جودة، البنت المصرية بطلة إفريقيا فى تنس الطاولة، فقد دونت وشكت هنا جودة على صفحتها بـ«فيسبوك» من أن الاتحاد المصرى لتنس الطاولة قد رفض طلبها باصطحاب مدربها الشخصى معها فى بطولة أغادير بالمغرب لتنس الطاولة، باعتباره مدربها المتواجد معها فى جميع مشاركاتها الدولية، الذى مكنها من الفوز على المستوى العالمى من قبل.

إننى أرى أن هنا جودة هى سفيرة فوق العادة لمصر رغم صغر سنها وكان لا بد من تذليل العقبات أمامها وليس وضع العراقيل فى طريقها، والتى يضعها البعض لأغراض شخصية، ولا بد أن يكون هناك حل لهذه الممارسات المغلوطة ضد بناتنا من البطلات الرياضيات لتمكينهن من الفوز ببطولات دولية مشرفة لمصر، وأن تكون لدينا معايير وقواعد لخروج البنات المتفوقات ومشاركتهن فى البطولات الدولية بدلًا من وضع العراقيل والصعوبات أمامهن، حتى يتسنى لهن الفوز دون منغصات، واستكمال مشوارهن المشرق، حتى يصبح دعم التفوق ثقافة عامة فى المجتمع وليس العكس.