علماء بالأزهر والأوقاف: العناية بالنشء مسئولية الآباء والمعلمين
انطلقت قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، اليوم الجمعة، إلى محافظتي القاهرة "مدينة الأمل- عزبة الهجانة سابقًا"، وشمال سيناء العريش، وذلك في إطار التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، وبرعاية من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة.
وتضم القافلة الدعوية المشتركة "عشرة علماء": خمسة من علماء الأزهر الشريف، وخمسة من علماء وزارة الأوقاف، ليتحدثوا جميعًا بصوت واحد حول موضوع: "عناية الإسلام بالنشء".
وأكد علماء الأزهر والأوقاف أن ديننا الحنيف اعتنى بالنشء عناية بالغة، فهم مستقبل الأمم، ولهم علينا حقوق كثيرة، من أهمها التنشئة الصحيحة دينيًّا وفكريًّا ووطنيًّا منذ نعومة أظافرهم، حتى لا تتخطفهم أو تنال منهم أيدي المتطرفين.
كما أكدوا أن العناية بالنشء مسئولية الآباء والمعلمين والمجتمع كله، حتى يخرج النشء مستقيمًا، ناضجًا، وطنيًّا، يبني ولا يهدم، ويعمر ولا يخرب، يدرك معنى الحياة، ويواجه التحديات بعزيمة قوية، وروح وثابة نحو البناء والتعمير وعمارة الكون، وحب الخير للناس جميعًا، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفَظَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ"، ويقول الإمام الغزالي رحمه الله: "إن الصبي أمانة عند والديه.. فإن عُوِّد الخير وُعلِّمَه، نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلِّم له ومؤدِّب".
وأشاروا إلى أن الإسلام أرشدنا إلى الإحسان إلى النشء، ومعاملتهم بالرفق والرحمة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ"، وعندما كان نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذْ أَقْبَلَ حَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَعَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَنَزَلَ (صلى الله عليه وسلم) فَحَمَلَهُمَا، وقال: "إِنِّي رَأَيْتُ هَذَيْنِ يَمْشِيَانِ، وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى نَزَلْتُ فَحَمَلْتُهُمَا"، وحينما مر سيدنا أنس بن مالك (رضي الله عنه) على صبيان وسلم عليهم، قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يفعل ذلك؛ وذلك لما يتركه ذلك الإحسان في نفس النشء من الحب لمن أحسن إليه، والإصغاء لنصحه وتوجيهه.
ولا شك أن الإسلام قد اعتنى بتكوين النشء إيمانيًّا وأخلاقيًّا، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما) قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَوْمًا، فَقَالَ: "يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"، وعن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلمَةَ (رضي الله عنهما) قَالَ: كُنْتُ فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ [أي: الإناء]، فَقَالَ لِي (صلى الله عليه وسلم): "يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ".
وشددوا على أن تعليم النشء تعليمًا صحيحًا يسهم في بناء مجتمع سوي متماسك مترابط، ومن أعظم ذلك تعليم القرآن ومعانيه وأحكامه وآدابه، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّة"، ويقول الحافظ السيوطي (رحمه الله): "تعليمُ الصبيانِ القرآنَ أصلٌ من أصول الإسلام، فينشئون على الفطرة، وتسبق إلى قلوبِهِم أنوارُ الحكمة".