بعد 15 قرنًا.. كواليس عودة العلاقات بين الأقباط والكاثوليك عام 1973
تتميز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في عهد البابا تواضروس الثاني، بمستوى جيد في العلاقات مع الكنائس الأخرى وعلى رأسها الكنيسة الكاثوليكية.
واستعرض الموقع الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تاريخ عودة العلاقات بين الكنيستين عام 1973، بعد انقطاع دام لـ15 قرنا، إذ بدأ الحوار بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، والكنيسة الكاثوليكية ، كانت نقطة البداية هى زيارة ولقاء ، ثم حوار غير رسمى ، ثم أعقبه حوار رسمى نتج عنه اتفاق لاهوتى.
والتقى بابا الاسكندرية البابا شنوده وبابا روما البابا بولس السادس في مايو 1973م ف عندما زار قداسة البابا شنودة الثالث الفاتيكان فى الفترة من 4 – 10 مايو عام 1973 م ، حيث التقى بقداسة البابا الراحل بولس السادس بابا روما ، كان هذا هو أول لقاء تاريخى منذ أكثر من خمسة عشر قرنًا، وكانت الزيارة بمناسبة مرور 16 قرنًا على نياحة القديس العظيم البابا أثناسيوس الإسكندرى (الرسولى).
ويعتبر هذا اللقاء استعادة لتاريخ قديم حينما تقابل البابا أثناسيوس الرسولى مع البابا يوليوس الأول في روما عام 341 م خلال منفاه ( البابا أثناسيوس ) إلى الغرب.
كانت هذه الزيارة خطوة لدفع مسيرة المسكونية وتطورها بين الكنيستين ، القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية . حيث صدر فى نهاية الزيارة بيان مشترك تناول نقاط الخلاف ، والاتفاق في النواحي اللاهوتية ، وذلك بهدف الوصول إلى حل لهذه الخلافات تمهيدًا لاستعادة الشركة الكاملة بين الكنيستين.
ولتزايد رباط المحبة بين الكنيستين، فقد أهدى قداسة البابا بولس السادس لقداسة البابا شنودة الثالث والوفد المرافق له، جزءًا من رفات القديس أثناسيوس الرسولى، الذى تم إيداعه فى المزار المخصص له بالكاتدرائية المرقسية بمنطقة الأنبا رويس بالعباسية بالقاهرة.
وكان هذا نص البيان المشترك والهام الذى صدر فى ظهر يوم الخميس 10 مايو سنة 1973:
بولس السادس أسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية ، وشنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرسى المرقسى يقدمان الشكر لله فى الروح القدس . إذ أنه بعد عودة رفات القديس مرقس إلى مصر قد نمت العلاقات بين كنيستى روما والإسكندرية، وازدادت بعد ذلك الحدث العظيم حتى أمكن الآن أن يصير بينهما لقاء شخصى . وهما يرغبان فى ختام اجتماعاتهما ومحادثاتهما أن يقررا معًا ما يلى :
لقد تقابلنا معًا تحدونا الرغبة فى تعميق العلاقات بين كنيستينا ، وإيجاد وسائط واضحة المعالم وفعالة للتغلب على العقبات التى تقف عائقًا فى سبيل تعاون حقيقى بيننا فى خدمة ربنا يسوع المسيح الذى أعطانا خدمة المصالحة لنصالح العالم فيه. وطبقًا لتقاليدنا الرسولية المسلمة لكنيستينا والمحفوظة فيهما، ووفقًا للمجامع المسكونية الثلاثة الأولى ، نقر أن لنا إيمانًا واحدًا بإله واحد مثلث الأقانيم، وبلاهوت ابن الله الوحيد الأقنوم الثانى من الثالوث القدوس كلمة الله، وضياء مجده وصورة جوهره، الذى تجسد من أجلنا متخذًا له جسدًا حقيقيًا ذا نفس عاقلة، وصار مشاركًا إيانا إنسانيتنا، ولكن بغير خطيئة.
ونقر بأن ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح إله كامل من حيث لاهوته، إنسان كامل من حيث ناسوته . وأن فيه قد اتحد اللاهوت بالناسوت اتحادًا حقيقيًا كاملًا بغير اختلاط، ولا امتزاج، ولا تشويش، ولا تغيير، ولا تقسيم، ولا افتراق. فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة أو طرفة عين . وأنه وهو الإله الأزلى الأبدى غير المنظور صار منظورًا فى الجسد واتخذ صورة عبد ، وفيه قد حفظت كل خصائص اللاهوت ، وكل خصائص الناسوت جميعًا باتحاد حقيقى كامل ، اتحاد لا يقبل التجزئة أو الانقسام ولا يقبل الانفصال.
نؤمن معًا أن الحياة الإلهية تمنح لنا بواسطة أسرار المسيح السبعة فى كنيسته. وأن تلك الحياه الإلهية تنمو فينا وتغتذى بهذه الأسرار وهى : المعمودية ، الميرون (التثبيت) ، الإفخارستيا (القربان المقدس) ، التوبة ، مسحة المرضى ، الزيجة ، الكهنوت .
ونحن نكرم العذراء مريم أم النور الحقيقى ونعترف أنها دائمة البتولية ، وأنها والدة الإله ، وأنها تشفع فينا ، وأنها بصفتها والدة الإله ( ثيؤتوكوس ) تفوق فى كرامتها كرامة جميع الطغمات الملائكية.
ونحن لنا إلى حد كبير مفهوم واحد للكنيسة وأنها مؤسسة على الرسل . والدور الهام الذى للمجامع المسكونية ، والمحلية . ولنا معًا روحانيتنا التى تعبر عنها طقوسنا خير تعبير ، كما يعبر عنها القداس الإلهى تعبيرًا عميقًا . لأن القداس هو مركز وجوهر عبادتنا الجماعية ، وهو قمة اتحادنا وشركتنا مع المسيح فى كنيسته . ونحن نحفظ الأصوام والأعياد التى يأمرنا بها ديننا . ونكرم ذخائر القديسين، ونستشفع بالملائكة وبالقديسين الأحياء منهم والمنتقلين، هؤلاء يؤلفون سحابة من الشهود فى الكنيسة وهم ونحن ننتظر – فى رجاء – المجئ الثانى لربنا عند استعلان مجده ليدين الأحياء والموتى .
ونحن نعترف بكل اتضاع أن كنائسنا غير قادرة على أن تشهد للحياة الجديدة فى المسيح بصورة أكمل بسبب الانقسامات القائمة بينها ، والتى تحمل وراءها تاريخًا مثقلًا بالصعوبات لعدة قرون مضت. والواقع أنه منذ عام 451 م لميلاد المسيح نشبت خلافات لاهوتية امتدت واتسعت شقتها بفعل عوامل غير لاهوتية . هذه الخلافات لا يمكن تجاهلها . وعلى الرغم من تلك الخلافات، فنحن نعيد اكتشاف أنفسنا، فنجد أن بين كنيستينا تراثًا مشتركًا ونحن نسعى بعزم وثقة فى الرب أن نحقق كمال تلك الوحدة وتمامها ، هذه الوحدة التى هى عطية من الرب .
ولكى ما نتمكن من إنجاز هذا العمل ، نشكل لجنة مشتركة من الكنيستين مهمتها التوجيه لدراسات مشتركة فى ميادين : التقليد الكنسى ، وعلم آباء الكنيسة، والطقوس ، وخدمة القداس (الليتورجية ) واللاهوت ، والتاريخ ، والمشاكل العلمية ، وهكذا بالتعاون المشترك يمكن أن نتوصل إلى حلول للخلافات القائمة بين الكنيستين بروح التقدير المتبادل . ونستطيع أن ننادى بالإنجيل معًا بوسائل تتفق مع رسالة الرب الأصيلة وتتناسب مع احتياجات العالم المعاصر واّماله . ونعبر فى نفس الوقت عن تقديرنا وتشجيعنا لأى جماعات أخرى من الدارسين ومن الرعاة من بين الكاثوليك والأرثوذكس ، ممن يكرسون جهودهم فى نشاط مشترك فى الميادين المذكورة وما يتصل بها.
وإننا فى إخلاص وإلحاح نذكر أن المحبة الحقيقية والمتأصلة فى أمانة كاملة للرب الواحد يسوع المسيح ، واحترام متبادل من كل طرف لتقاليد الطرف الآخر ، هى عنصر جوهرى فى السعى نحو الشركة الكاملة .
إننا بإسم هذه المحبة نرفض كل صور الجذب من كنيسة إلى أخرى ، وننبذ أن يسعى أشخاص من إحدى الكنيستين إلى إزعاج طائفة من الكنيسة الأخرى وذلك بضم أعضاء إليهم من هذه الكنيسة بناء على اتجاهات فكرية ، أو بوسائل تتعارض مع مقتضيات المحبة المسيحية ، أو مع ما يجب أن تتميز به العلاقات بين الكنيستين . ينبغى أن يوقف هذا الجذب بكل صوره أينما يوجد . وإن على الكاثوليك والأرثوذكس أن يعملوا على تعميق وتنمية التشاور المتبادل وتبادل الرأى والتعاون فى المجالات الاجتماعية والفكرية . ويجب أن يتواضعوا أمام الرب ويتضرعوا إليه، أن يتفضل وهو الذى بدأ هذا العمل فينا أن يؤتيه ثماره.
وإذ نفرح بالرب الذى منحنا بركات هذا اللقاء، تتجه أفكارنا إلى اّلاف المتألمين والمشردين من شعب فلسطين ، ونأسف على سوء استخدام الحجج الدينية لتحقيق أغراض سياسية فى هذه المنطقة . وبرغبة حارة نتطلع إلى أزمة الشرق الأوسط حتى يسود سلام حقيقى قائم على العدل خصوصًا فى تلك الأرض التى تقدست بكرازة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وموته وقيامته ، وبحياة القديسة العذراء مريم هذه التى نكرمها جميعًا بصفتها والدة الإله ( ثيؤطوكوس ) .