رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علاقة رضوى بالخروف.. وقصف الجبهة بصناعة المحتوى

إن كنت تبحث عن بكائية عن أحوال الإعلام أو مزايدة مجانية على "عجل وقع"، فقد سوّحك الـGPS غالبًا.

لم أحمل أي غضب أو كراهية تجاه رضوى الشربيني، مذيعة cbc المحالة للتحقيق، بسبب سقطة تدوينة "الرجال والخرفان"، بل هالني أمر آخر، هو التعميم الواثق في تدوينتها، فالذكي الذي كتبها- وأعتقد أنه مسئول حساباتها الإلكترونية أو أتمنى- أخرج جملة ورطت إعلامية شهيرة في تهمة التنمر على نوع كامل من البشر.. هو الرجال، في محاولة لإضحاك نصف المجتمع الآخر "الناعم".. وهذا أمر بائس ومثير للشفقة، لا العداء.

البوست المنسوب لرضوى- للأسف- تضمن وصم جميع الفتيات بالفشل في اختيار الشريك، وهذا ليس استنتاجًا، فقد استخدمت الإعلامية أو من ينوب عنها "ال-بنات" فخرج الأمر عامًا وفادحًا، لدرجة تفسد جودة «الإفيه»، إن كان هناك إفيه أصلًا.. وبمجرد استخدام "ال" التعريف، أثبتت القاعدة اللغوية نجاحها حتى في العامية.

كان من الممكن أن يكون البوست ببساطة: "مش فاهمة ليه (فيه) بنات ما تحبش…"، كان الاستثناء بقول "بعض" سيكون مخرجًا سهلًا، بعيدًا عن أنه سيكون رخيصًا أيضًا.

كما تضمنت التدوينة وصمًا للرجال "نعم كلهم" بسبب نفس الـ"ال" التي استخدمتها مع "البنات"، وأصبح الجميع فجأة خرفانًا.. واستاء الذكور بسرعة من تشبيههم بالحيوان الذي يضيعون أعمارهم في رؤية فيديوهات لسلخه وطهيه، ولشراء ما يكفي من لحمه في المواسم.

هذا أمر يستحق الشفقة أيضًا، وأتمنى ألا يعلم الكثير من الناس حول العالم، عن طريق حساب إلكتروني لإعلامية مصرية شهيرة، أننا في مصر نشكو من ارتفاع سعر لحوم حيوان نستخدمه للسب في حياتنا اليومية.

ليس هذا وحسب، فبعض الناس تستخدم وصف الخروف كإشارة لضعف الرجل بكل أشكاله، متأثرين- دون وعي- بمقولة جورج واشنطن:

”If the freedom of speech is taken away then dumb and silent we may be led, like sheep to the slaughter”

نعم، تحولت كلمة حماسية قالها الرئيس الأول لأمريكا، قبل أكثر من 200 عام- إلى منطق في الحياة وخام لإفيهات واقعة.

الأهم من وجهة نظري، ليس محاولة تصحيح «خطأ جهل» صدر عن إعلامية كبيرة أو فريق مساعديها، بل فهم خطورة الكلمة، وخطورة أن يسلّم أحدهم لسانه الإلكتروني لشخص جاهل.

بس ليه كل الفرهدة دي؟

وكأن "لو سكت هايقولوا اللي سكت أهو"، يتبارى الجميع على السوشيال ميديا لمواكبة الترند.. أي ترند، وبدلًا من الاكتفاء بكلاشيه تهنئة العيد، رأت "رضوى الإلكترونية" أن العيد لا يجب أن ينتهي كذلك: "تتقفل كبيرة.. قفلة تليق بيا"، ورزعت الإفيه المُلغم لقصف جبهة الرجال.. وكان الهدف رخيصًا وفي مرمانا جميعًا.

يحب المصريون ألعاب الكلام ويجيدونها ويصفقون للعبة الحلوة، ولن يكون الأمر مشكلة إن كان في سياق الضحك، لكنه يمتد لأبعد من ذلك.

للأسف يخلط الناس بين الضحك واختراق الحياة الشخصية والسب والقذف والتنمر.. وقد يقبلون أي جريمة من تلك الجرائم للسيطرة حتى لو بشكل مؤقت على الترند. 

اثبت للناس أنك “شبح” وتتمتع بسرعة البديهة وقادر على إهانة خصمك، وستحصل على المشاهدات.. إن كان هناك مشهور يؤمن بجدوى هذه النظرية، فقد آن الأوان ليراجع نفسه.

• تجدر الإشارة إلى أن جامعة العلوم الإلكترونية والتكنولوجيا بالصين، نشرت بحثًا عام 2001، يؤكد أن الخروف قادر على تذكر تفاصيل 50 وجهًا لمدة تتجاوز عامين، وهذا لا يجيده كل البشر.