الموجى يروى ذكريات تدريس "الكيمياء" لـ "آمال فريد" و"سهير البارونى"
محمد الموجي والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1995، بعد مسيرة فنية حافلة بالمئات من الألحان التي قدمها نجوم الغناء والطرب في مصر والعالم العربي.
“الموجي” وقبل اتجاهه لاحتراف الفن قضي عدة سنوات يعمل بالتدريس، وهي الفترة التي سجلها بقلهم علي صفحات مجلة الكواكب، في عددها الـ 402 والصادر بتاريخ 14 أبريل 1959.
ويستهل محمد الموجي ذكرياته عن فترة عمله بالتدريس، مشيرا إلي: الحق أنني ما كدت أسمع عن نقلي من مدرسة البنين إلي مدرسة البنات حتي تصبب عرقي وكأنني صرت في موقف حرج. فجأة وبدون مقدمات، فأنني تعلمت كيف أروض العفاريت من الأولاد، فكيف لي أن أروض العفاريت من البنات وليست لي خبرة بطباعهن، ولا يمكن أن أحكم عليهن جميعا من مجرد أنني أعيش بين أخوات، أو قريبات في الريف فإن تلميذات المدارس في القاهرة لون آخر وشأن آخر.
ــ محمد الموجي يدرس الكيمياء
ويمضي الموسيقار محمد الموجي في ذكرياته عن التدريس ــ تحديدا مادة الكيمياء ــ في إحدي مدارس البنات، موضحا: حلق الهم فوق رأسي من أول يوم.
ودخلت الفصل فتبدلت نظرتي إلي الأشياء بعض الشئ، فقد كانت التلميذات معقولات، أو لعل الأيام الأولي من العام الدراسي تكون دائما محاطة بالهدوء النسبي لأنها فترة تعارف.
ومضت الأيام، وتعرفت علي تلميذاتي في الفصول وأنا أدرس "الكيمياء" والمادة معقدة، ولا بد فيها من شرح واضح، ولا بد فيها من انصاف.. ولا شك أن هذا جعلني في موقف شائك، فإنني كنت أسمع من زملائي أن الطالبات يسببن المتاعب للمدرس، وكان زملائي كلهم يتمنون أن يعودوا إلي مدارس البنين حيث يستطيعون عقاب التلاميذ إذ أن العقاب في مدرسة البنات حساس وشائك.
ــ موقف حرج يتعرض له محمد الموجي
ويتابع محمد الموجي ساردا المواقف المحرجة التي تعرض إليها خلال تدريسه للبنات، علي طريقة زينات صدقي عندما دست مفتاح المطبخ في صدرها لكي لا يستطيع “ابن حميدو” الفرار من حصارها في المطبخ، ذلك المشهد الشهير في فيلم “ابن حميدو”.
يقول "الموجي": كنت في تلك الأيام أخطو خطواتي الأولي نحو الشهرة في ميدان التلحين، كنت قد لحنت أغنية "صافيني مرة" التي غناها عبد الحليم حافظ في أيامه الأولي وقد صار للأغنية صيت، وذاع أمرها بين تلميذاتي اللاتي كنت يلاحقنني بعبارة "صافيني مرة" كلما مررت أمامهن. وكنت أضع علي وجهي تكشيرة مخيفة، كأمر الناظرة، وكانت الناظرة معجبة بي أشد الإعجاب بسبب هذه التكشيرة.
وكنت في حجرة الكيمياء العملية ذات يوم، عندما فوجئت بأربع طالبات يقتحمن الحجرة ويغلقن الباب من خلفهن، ثم دست إحداهن المفتاح في صدرها، حتي لا تصل إليه يدي وقلن في صوت واحد: لازم تغني لنا صافيني مرة، وصحت منفعلا: مش ممكن ثم أزاي تقفلوا الباب بالشكل ده، ولو مرت الناظرة مش حاروح أنا في داهية؟ فقلن في صوت واحد: أنت حر.
ــ آمال فريد وسهير الباروني تلميذات الموجي
ويضيف محمد الموجي: ووقفن متحديات وكنت أعرفهن واحدة واحدة، “آمال فريد”، التلميذة الشقية التي كانت تبعثر كميات الملح أو المحاليل حتي أعطيها غيرها فتحدثني أثناء ذلك عن السينما وفاتن حمامة.
وثانيتهن "سهير الباروني" رئيسة فريق التمثيل في المدرسة، وكانت تبشر بمستقبل عظيم في هذا الميدان، وثالثتهن "فوزية الأنصاري" التي كانت ضمن فريق التمثيل.
أما الرابعة فهي "جيلان حفيظ"، التي ظهرت في السينما باسم "حبايب"، وكانت مطربة المدرسة الأولي، وكنت أجلس خلفها بالعود وهي تغني في كل حفلات المدرسة.
ــ باب عازل بين حجرة الموجي وتلميذاته
ويتابع محمد الموجي: أحسست حرج الموقف وكان التفكير في أخذ المفتاح بالقوة أمرا جنونيا بعد أن أختبأ في صدر إحداهن ونظرت إلي الباب وإلي وجههن، واستسلمت جعلت أنقر بأصابعي اللحن كله وأغني لهن صافيني مرة. وبعد هذا انصرفن، وشاء حظي العاثر أن تمر الناظرة أمام الحجرة في وقت انصرافهن، فأقبلت علي وأرغدت وأزبدت، وفي اليوم التالي جاءت بالنجار فصنع حاجزا خشبيا بين حجرتي وفناء المدرسة ليمنع وصول الطالبات إلي.
وشقت الفتيات الأربع طريقهن، وأتمني لهن المستقبل العظيم، فأنهن، كن في يوم من الأيام تلميذاتي، ونجاحهن نجاح لي، وإحياء الذكريات الطيبة في فصول المدرسة وحجرة الكيمياء.