جلاء الطيرى: حبسة الكتابة أسوأ ما يمر به الكاتب
تبدو القطيعة مع الكتابة بمثابة أمر شائع ومؤلم غالبًا، تمتد تلك القطيعة لأيام أحيانًا تصل لسنوات، ويعيش أصحابها في حيرة، خاصة في غياب مبررات يتم تقديمها لأنفسهم أو حتى لأخرين، ويبدو الأمر أشبه بالهروب وبالمتاهة، حبسة الكتابة غالبًا يمكن تشبيهها بعرض مرضي ليس هناك أسباب واضحة لحدوثة عن تلك الفترة التي يصاب فيها المبدع بحبسة الكتاب.
وقالت الكاتبة الروائية جلاء الطيري: "بداية عليينا الاعتراف بأن حبسة الكتابة هي أقسى ما يمر به المبدع، ولقد مررت بذلك كثيرًا حتى ظننت أن لن أكتب أبدًا وأن الله أعطاني منحة وهبة وقد سلبهما مني ولكن سرعان ما تدور الأفكار ليخرج النص".
وتابعت "الطيري": "قد تكون حبسة المبدع أبدية مثلما حدث مع الشاعر رامبو الذي كتب نصوصه كلها وهو صغير وفجأة توقف في بداية العشرينات واتجه للتجارة، عكس ماركيز الذي بدأ الكتابة وهو في الأربعين من العمر، وهناك فرق بين الكاتب المتمرس والكاتب الهاوي".
ولفتت "الطيري": "الكاتب المتمرس لا يعاني من حبسة الكتابة لأنها صارت مهنة وباستطاعته الكتابة في أي وقتن وقد نصحني أستاذنا المبدع الكبير فتحي عبد السميع بالكتابة دائمًا وألا أرضخ لحبسة الكتابة، وإن لم أجد أفكارًا فلتكن تدوينات أحداث يومي في مفكرة صغيرة، والتي سرعان ما تتحول لأحداث وشخوص تسكن النص".
وأشارت "الطيري": "عندما تتدفق الأفكار بسرعة لا أقف وأتأمل القلم، وهو ينغمس في الحبر ولو للحظة لأن تأمل الشموع والتجول في الغرفة لن ينجز العمل بدلًا مني، كانت هذه نصيحة الكاتب لورانس ستيرن لمن يعاني من تخاذل الأفكار وعدم تدفقها".
وأكدت "الطيري" على أنه لا يوجد كاتب إلا ومرت حالة نفسية أو ذهنية تجعله يقف عاجزًا أمام النصوص الغير مكتملة أوعدم وجود نص أصلًا، والمتمرسون فقط هم من يتجاوزون هذه الحالة، وقد تتواجد الأفكار ولكنها بالكثرة التي تجعل الكاتب لا يستطيع لملمتها لتصنع لنا نصًا مكتملًا، وبالتالي حبسة الكاتب هي من أسوأ ما يمر به".