"جوهرة إيجة 3": المثلث التاريخي.. جولة في ميادين مونستراكي وسينتاجما وأومونيا بأثينا
لاشيء يوازي التسكع في مدن بعيدة، تختبر الغربة، تراكم خبرات، تلتقي غرباء، لاشيء يضاهي اكتشاف مدن وشوارع لا تعرفها قط.
في نظرتك الأولى لـ"أثينا" ستكتسف أن البنايات هناك لها طابعها الخاص، الأبراج ليست منتشرة، لايوجد ما يحجب رؤيتك للسماء، البنايات صغيرة، عدة طوابق، بيوت مطلية حديثاً، وفي ذات الشارع ونفس الصف، بيوت فقدت طلاءها وسكانها منذ سنوات، كلاهما يصنعان لوحة فريدة، كلنا نعرف البيوت اليونانية ذات اللونين الأزرق والأبيض، يضعون أعلام الدولة على البنايات، ربما تكون عادة، وربما شيء يرمز إلى فخر اليونانيين بهويتهم ووطنهم.
بنظرة أكثر دقة ستكتشف أن أثينا مدينة يقظة، الميادين مٌفعمة بالحياة والحيوية، محطة جذابة بين الماضي والحاضر، حيوية تمتليء بالمحلات التجارية، المكتبات في كل شارع، حانات النبيذ الأنيقة، والمطاعم الفخمة، ومحلات الطعام السريع الصغيرة، المقاهي العصرية والكلاسيكية، والفنادق الفخمة والنُزل البسيطة، هي مدينة لكل الأشخاص وكل الأعمار وكل الأذواق.. جولتي الأكبر كانت بين الميادين الرئيسية في أثينا.. ما وجدته كان رائعاً!
أومونيا
كنت أقطن في منطقة أومونيا، ساحة كبيرة، محاطة بالمباني الكلاسيكية الجديدة، من الشوارع المتفرعة من الميدان يمكنك رؤية الأكروبوليس، أومونيا ممتلئة بالمهاجرين، والعديد من المتاجر البنجلاديشية .
اليونانيون يعتبرونها الأقل ضمن الأحياء الأخرى، في نظري كانت جيدة، قريبة من كل شيء، وأسعارها رخيصة، وفرص للتسوق لا تعوض، سيارات الشرطة ترتكز في الميدان طوال ساعات النهار والليل، وفهمت من السكان أن حوادث السرقة منتشرة في هذه المنطقة، والحقيقة أن الشرطة اليونانية يقظة وتتواجد في كل المناطق السياحية وتتواجد أيضاً بكثافة بعد منتصف الليل، كل ليلة أثناء عودتي إلى الفندق، كنت ألقي عليهم التحية، كانوا يبتسمون ويرحبون بي، يقول اليونانيون عليك تجنب "أومونيا" في المساء، الحقيقة كنت أتجول بحرية بعد منتصف الليل، كنت أشعر بالأمان، لاشيء يضاهي اكتشاف شوارع أثينا بعد منتصف الليل.
بدأت جولتي في الميادين الكبيرة من أومونيا كانت البداية هي "المركز" لاكتشاف المثلث الرئيسي في المدينة، وهي الثلاثة التي تمسك أثينا، وهم: أومونيا وسينتاجما ومونستراكي، أو ما يعرف بالمثلث التاريخي، بينهما شوارع كبيرة وأزقة ضيقة، التجول سيراً على الأقدام متعة، لست بحاجة لبذل جهداَ لتكتشف، ستجد كل شيء حولك، كل شيء قريب منك.
سينتاجما
من أومونيا يمكنك الذهاب إلى ميدان سينتاجما، وهو مركز الحياة السياسية والمدنية في أثينا، من المسيرات الاحتجاجية إلى احتفالات رأس السنة الجديدة. هذا هو المكان الذي ستجد فيه البنوك الكبرى ووكالات السفر والعديد من الفنادق الفاخرة، والشركات والمستثمرين.
المبنى الكلاسيكي على رأس الساحة هو مبنى البرلمان اليوناني، القصر الملكي سابقًا. الشيء الأكثر إثارة للإعجاب في هذا المبنى الكبير هو حجره وكيف يتغير لونه طوال اليوم: من الأبيض الفاتح إلى الذهبي إلى البنفسجي الفاتح قبل أن يضيء بشكل كبير في الليل.
خلال النهار، هذا هو المكان الذي ستشاهد فيه تغيير الحرس عدة مرات في اليوم وقد تسمع فرقة تعزف يوم الأحد في حوالي الساعة 11 صباحًا. غالبًا ما يرتدي الجنود الذين يسيرون أمام مبنى البرلمان وقبر الجندي المجهول الزي الرسمي (التنانير البيضاء المزركشة والأحذية الحمراء) إحياء لذكرى أسلافهم الذين قاتلوا من أجل الحصول على حرية اليونان خلال حرب الاستقلال (1821-1828).
ذات مساء أرتديت ملابس أنيقة وذهبت إلى أحد الفنادق الفاخرة في سينتاجما واستمتعت بأناقة العالم القديم وبريقه في مطعم على سطح الفندق، يطل على كل المناظر الخلابة لأثينا من ارتفاع كبير.
مونستراكي
من أومونيا إلى مونستراكي ستمر عبر منطقة بسيري، المعروفة ببيوتها القديمة والممتلئة بالحانات والمطاعم اليقظة طوال الليل، وكذلك شارع "إيولو" الممتليء بالمحلات والحانات ومنها يمكنك الوصول إلى شارع "إرمو" الشهير بأشهر المتاجر والماركات العالمية، والمعروف بأنه الوجه الجديد اللامع لأثينا.
في الطريق إلى إيولو من ميدان أومونيا سيكون لديك فرصة لإلقاء نظرة على أثينا القديمة العظيمة في القرن التاسع عشر، ستمر عبر كوتزيا بمبانيها الكلاسيكية الجديدة الضخمة بما في ذلك قاعة مدينة أثينا المصممة عام 1874 والمركز الثقافي الوطني للبنك اليوناني. في منتصف الميدان ، تم الكشف عن جزء كبير من طريق قديم، يمكن رؤية العديد من المقابر القديمة والمباني الصغيرة. تكون الساحة أكثر جمالًا في الليل عندما تكون مضاءة بشكل كبير.
في الطريق إلى ميدان "مونستراكي" الأكثر شهرة في أثينا، ستمر عبر شارع أثينا، في النهار ستجد السوق المركزي، أنواع مختلفة وفريدة من الأسماء واللحوم، الفواكه الطازجة والخضورات ذات الألون الزاهية، والجبن وزيت الزيتون من الجزر البعيدة، وعندما تصل إلى مونستراكي، سيكون المشهد مختلف تماماً، في هذا الحي الذي يقع على أطراف "الأجورا الرومانية"، شوارعه الضيقة ممتلئة بالسلع الجديدة وهناك سوق السلع المستعملة، وشوارع أخرى ممتلئة بالحانات والمقاهي والمحلات التجارية في الشوارع ، في الميدان الكبير "مونستراكي" ستجد عروض راقصة لموهوبين، وعازفي الآلات الوترية، هناك احتفال شبه دائم في هذا الميدان، وحيوية، تعيد إليك النشاط بعد جولة كبيرة.
كولوناكي
هل تعرف شوارع حي الزمالك في القاهرة؟ كولوناكي هو الحي التوأم للزمالك، حي راقي وأنيق، بني تحت منحدرات جبل ليكابيتوس، تمتليء شوارعه بالمنازل الأنيقة، والمعارض الفنية، والمطاعم والمقاهي الفخمة، والقصور الكلاسيكية الجديدة الجميلة التي تم تحويلها إلى متاحف، ومعروف أيضا باسم منطقة السفارات، اختتمت جولة الفخامة تلك بالصعود إلى جبل جبل ليكابيتوس للاستمتاع بغروب الشمس الرائع، كانت فرصة لا تعوض لترى اثينا مرة أخرى من ارتفاع كبير.
سسالونيكي
بعد جولتي الكبيرة، قولت لصديقي اليوناني "إلياس": كنت في الشوارع الضيقة التاريخية والميادين الكبيرة والمناطق الحيوية، والشوارع الرئيسية والأخرى ذات الصيت الأقل.. ماذا يمكن أن أفعل أيضاً، قال "إلياس" اذهبي إلى سسالونيكي!
لم أضعها على قائمتي أثناء رحلة اليونان، لبعدها عن أثينا (٣ساعات ونصف بالاتوبيس)، كنت أريد الاستمتاع بأثينا قدر استطاعتي، عرفت أن سسالونيكي هي الأغلى والأفخم والأكثر بريقاً، لم يهمني.. اثينا في نظري الأفضل والأقرب والأجمل .. طالما فوت مدن بسبب انجذابي لمدن أخرى!
مطربي اليوناني المفضل "قسطنطينوس أرجيروس" جمع المدينتين في أغنية واحدة وقال (أحب اثينا وسسالونيكي) وأنا لم استطع جمعهم في رحلة واحدة.. اليوم أندم على تفويت سسالونيكي ! كان يجب زيارتها، كان من الممكن مد الرحلة (الطويلة بالفعل) ليومين آخرين من أجل سسالونيكي! لكني لم أفعل! سأعود ربما من أجل سسالونيكي وأثينا مرة أخرى.