فيفيان سمير: الحروب حاضرة على مدار التاريخ الإنساني.. والثورات لها أثر سلبي على الإبداع
- ڤيڤيان سمير، فازت قصتها "الكلمة حياة" وتم نشرها بكتاب مجمع تحت اسم "قلبي يحدثني" صدر عن المكتبة العربية للنشر والتوزيع 2020، تم نشر أولى مجموعاتها القصصية بعنوان "لحظات تانجو" 2021 عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، وتحتوي المجموعة على 36 قصة قصيرة ترصد اللحظات الفارقة في حياة الإنسان، والتي قد تغير حياته بالكامل أو تظل علامة لا يمحوها الزمن.
- فيفيان انتهت من روايتها الأولى منذ شهر، والمعنونة بـ "غالية" وهي قيد النشر وستصدر عن دار "بدائل"، فيفيان تنحو في كتابتها صوب مناطق وجودية، تنهل من ذات قلقة تعودت بل وتربت على قراءة الفلسفة وعلم الأديان، والقرآن واللاهوت لتصبح أعمالها، سواءً في القصة أو الرواية، أشبه برجرجة باحثة جادة يخاتلها اليقين، عن دوافع العيش والحب والعزلة والوحدة لتشيد، على عتبات تلك الأفكار والرؤى، الكثير من مساحات العشق للحياة وزرع الأحلام من خلال التماهي السردي مع ذات قلقة ترى أن الإبداع/ الكتابة هي السبيل الأوحد للنجاة والتصالح مع الحياة، من حين لآخر.." الدستور" التقت فيفيان سمير وكان هذا الحوار..
بعد انتهائك من روايتك الأولى "غالية" لماذا البعد عن القصة القصيرة خاصة أن لك عملين (لحظات تانجو & فراشات المقهى)؟
لا أستطيع البعد عن القصة القصيرة فهي عشقي الأول، لكن كان هناك دائما ملاحظة من أساتذتي النقاد أنني أكتب بحس روائي، بنص تعبيرهم، وتمنوا على صدور عمل روائي وبقدر سعادتي بهذه الملاحظة المتكررة بقدر شغفي بارتياد ذلك الملعب الجديد علي والذي يتيح مساحة أكبر للتفاصيل وحبكة الأحداث المتشابكة والمتصاعدة وربط عدد أكبر من الشخصيات المرسومة بطباع وأفكار متباينة وإن كنت أنتظر بلهفة تقيمهم للمحاولة الأولى وأتمنى ألا أخذلهم.
_ الملاحظ من خلال عناوينك القصصية التي صدرت من قبل (لحظات تانجو، فراشات المقهى) أن هناك ثمة مناقشات حادة وجادة عن الوحدة والعزلة وتماهي الكائنات البشرية مع الجماد، لماذا كان هذا المسار في التناول؟
لا أعتقد وجود هذا الاتجاه بمجموعتي القصصية وإن أوحت العناوين بذلك، فالأولى ترصد اللحظات الفارقة في حياة الإنسان ما بين الفرح والحزن والحب والكره، والتي من شأنها تغيير مسار حياة الشخص بالكامل أو تظل علامة فارقة بها لا يمحوها الزمن أو يطويها النسيان، ودعوة للاستمتاع بكل لحظة حتى لو كانت لحظات جنون كما قد يراها البعض. والثانية هي صور متنوعة لخبرات البشر، والتي تشابه كثيرا رواد المقهى وكلنا عابرون، منا من يستطيب جلسته وفنجان قهوته، ومنا من يتجرعه سادة حتى النهاية، لكن في كل الأحوال تختفي وجوه وتظهر أخرى والحياة تسير.
ليتك تحدثينا عن الخارطة النقدية أو النقد الثقافي في مصر خاصة الإبداع الروائي والقصصي، وهذا انطلاقا من تعامله مع نصوصك؟
من وجهة نظري المتواضعة والحديثة العهد بهذا المجال، أرى أن النقد الأدبي مظلوم جدا رغم أهميته، فلا غنى للإبداع الأدبي عن النقد الذي لا يقل عنه إبداعا، فهو الذي يبرز نقاط ضعفه ونقاط قوته ويظهر ما به من جماليات أو نواقص ويشرح للقارئ الكثير من محاور المتعة بالنص ومقاصد الكاتب غير المعلنة، وهو المعلم الرئيسي لكل كاتب مبتدئ حتى يصير مبدعا حقيقيا، لكن ورغم كثرة النقاد العددية إلا أن الحرفي منهم الذي يمتعك بحق قليل، وقد حالفني الحظ بالتعرف إلى بعض جواهر هذا المجال والذين كان لهم أكبر الأثر في دعمي ومساندتي، لكن تظل الصلة ضعيفة بين الكتاب والنقاد، ويجب التوصل لوسيلة ربط تتيح فرص أكبر للتكامل فيما بينهما فلا يستطيع أن يغرد كلا منهما منفردا، وكذلك التواصل بشكل أوسع وأشمل مع القارئ سواء عن طريق الوسائط الرقمية أو الفاعليات الحية والمباشرة.
في ظل الحروب بالوكالة وحروب الإبادة والحروب عبر التاريخ والجغرافية، كيف ترى الكاتبة فيفيان مستقبل كل من الأدب والفن والفكر؟
كما ذكرت أنت الحروب حاضرة عبر كل العصور وعلى مدار التاريخ الإنساني ولم تمنع الإبداع من الظهور، وإن ألقت بظلالها التوثيقية في بعض الأحيان على كل صنوف الفن والفكر، بل قد نكون أكثر حظا في العصر الحالي، فوسائل ووسائط النشر أسهل وأكثر وفي متناول شريحة أكبر بكثير من الماضي، خاصة التواصل والنشر الرقمي الذي يسيطر على المبدع والمتلقي على حد سواء. ويظل الجمال يزاحم قبح النفوس إلى المنتهى ويجد طريقه إلى الانتشار والخلود.
عن مفهوم الخلاص، ونشوه الكتابة، هل ينتهي دور الكاتب مع الانتهاء من كتابة نصه؟
إن فرغ النص من الرسالة يكون مجرد رماد تذريه الرياح، وبالطبع لا تنقطع الصلة بين الكاتب ومبادئه أو وجهة نظره التي يطرحها من خلال النص، بل يظل مدافعا عن جزء منه تجسد بسطور العمل.
عن ظاهرة الجوائز الأدبية في مصر والوطن العربي والتي زادت في السنوات الخمسة عشر الأخيرة، كيف ترين هذه الظاهرة؟
الظاهرة في حد ذاتها هي ظاهرة إيجابية، تحفز الكتاب والمبدعين وتوجد تنافس محمود، لكن للأسف جانب كبير منها اتخذ مسار المجاملات والتحزب وابتعد عن الحيادية الواجب توافرها، مما أفقدها مصداقيتها وتسبب في إحجام الغالبية من المبدعين العمالقة عن المشاركة فيما أسمه بمهرجانات المعارف والتحالفات.
من خلال علاقتك بعالمي القصة والرواية، كيف تقيمين المشهد الروائي المصري والعربي خاصة بعد الربيع العربي؟
لا شك أن أزمة الثورات التي مرت بها بلادنا كان لها أثر سلبي على كل مراحل العملية الإبداعية، بداية من المؤلف مرورا بدور النشر والمكتبات وانتهاء بالمعارض والفعاليات الثقافية المختلفة، لبعض الوقت، وقد بدأت بالتعافي والعودة بقوة، لكن مع الأسف أفرزت لنا نوعية جديدة من الكتاب الذين لا نستطيع أن نطلق عليهم مبدعين ولهم جمهورهم، لكن القارئ ذكي يستطيع الفرز والاختيار حتى وإن تم تضليله لبعض الوقت، والدليل أن الإنتاج الأدبي الكلاسيكي ما زال يعاد طبعه وعليه إقبال شديد حتى من الشباب.
من من الكتاب أو الكاتبات المصريين أو العرب أو العالميين كان السبب في توجهك للكتابة؟
درست قدر لا بأس به من الأدب الإنجليزي على مدار سنوات دراستي بكلية رمسيس للبنات، ومزاولة هوايتي للقراءة التي بدأت منذ صغري وقادتني لمكتبة والدي العامرة بإصدارات كبار الكتاب العرب والمترجمات العالمية، ومن أهم الكتاب الذين تأثرت بهم على مدار مراحل حياتي المختلفة، جورج برنارد شو، جين أوستن، تشارلز ديكنز، فيودور دوستويفيسكي، أنطون تشيخوف، ومن الكتاب العرب نجيب محفوظ، يوسف إدريس، إحسان عبد القدوس، بهاء طاهر، توفيق الحكيم، أنيس منصور، مجيد طوبيا، جمال الغيطاني، إلياس خوري، سهيل إدريس، عبد السلام العجيلي وغيرهم الكثير، استغرقتني متعة القراءة إلى أن أستبد بي شغف الكتابة وبدأت محاولاتي بسن مبكرة، وأول قصة مكتملة كانت بسن الخامسة عشر وما زلت أحتفظ بها وأعتز بها جدا