"البيئة": مصر تسعى إلى زيادة حجم التمويل الأخضر المتاح للمشروعات الخضراء
قال الدكتور علي أبوسنة، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، إن الدولة المصرية لم تكن بعيدة عن الاهتمام والتحول إلى "الاقتصاد الأخضر"، حيث يعد هذا النوع من الاقتصاد إحدى الركائز المهمة في خطط التنمية المستدامة الشاملة التي تجري على المستوى الوطني، وذلك من خلال تنفيذ العديد من المشاريع التي تتناسب مع الأولويات الاقتصادية والبيئية للدولة، مشيرا إلى أن دمج البعد البيئي في الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" يحقق الاستخدام العادل والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية لها والاستثمار فيها، من أجل ضمان حقوق الأجيال الحالية وكذلك الأجيال القادمة فيها.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور على أبوسنة في منتدى النمو الأخضر العالمي، المنعقد بدولة كوريا، تحت رعاية وحضور رئيس الوزراء الكوري، والذي تنظمه وزارة البيئة الكورية، بحضور ممثلي أكثر من ٨٠ دولة، بهدف دعم الشراكة وتعميق أوجه التعاون في مجال البيئة بين الحكومة الكورية والدول المشاركة، وكذلك تشجيع مشاركة القطاع الخاص والشركات الكورية في مجالات الاستثمار في قطاع المشروعات البيئية.
وأضاف أبوسنة أن الدولة المصرية في السنوات الأخيرة خطت خطوات هائلة في التحول نحو تدعيم سياسات النمو الأخضر، وبدعم من القيادة السياسية التي وضعت حماية البيئة والحفاظ على الموارد على أولويات الدولة المصرية.
ولفت رئيس جهاز شئون البيئة إلى إطلاق وزارة البيئة مؤخرا وحدة الاستثمار المناخي والبيئي، بهدف فتح أسواق الاستثمار الأخضر، إضافة إلى تحفيز الاستثمارات في مجال الاقتصاد الأخضر والمرونة المناخية من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية المحلية، مؤكدا أن الوزارة تعمل على تسهيل عمليات إقامة مشروعات تتصدى لآثار التغيرات المناخية في مجالات عديدة، وأن فرص الاستثمارات للقطاع الخاص في ملف التغيرات البيئية تصل إلى 28 مليار دولار حتى 2030.
وأكد وعي الدولة والتزامها بالمشاريع الخضراء، مشيرا إلى أن إحدى هذه السياسات البارزة هي استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة المتكاملة لعام 2035، والتي وافق عليها مجلس الوزراء عام 2016 وتحدد أهدافا لمزيج الطاقة المستقبلي في مصر، حيث تشير الاستراتيجية إلى أنه ينبغي أن تسهم الطاقة المتجددة بنسبة 42% من إجمالي قدرة الطاقة بحلول عام 2035، كما تهدف أيضا إلى تقليل الطلب على الطاقة بنسبة 18% بحلول عام 2035 من خلال زيادة الكفاءة.
وأشار إلى الإعلان عن وثيقة سياسية مهمة أخرى في عام 2022، وهي الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، حيث تتمثل الأهداف الرئيسية للاستراتيجية في الحفاظ على النمو الاقتصادي المستدام، وتقليل الانبعاثات الملوثة الناتجة عن الأنشطة الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى تعزيز استخدام الطاقة المتجددة، وتعزيز البحث والتطوير في التكنولوجيا الخضراء، وإنتاج الطاقة من المخلفات، واستخدام أشكال الطاقة البديلة مثل الهيدروجين الأخضر، كما أطلقت مصر تحديثًا لخطة المساهمات المحُددة وطنيًا في مصر، والتى تغطى الفترة حتى 2030، ويتماشى تحديث المساهمات المحددة وطنيًا مع سياسات التنمية وتغير المناخ في مصر، موضحا أنها تركز على ٣ قطاعات رئيسية، هى الغاز والبترول وقطاع الكهرباء وقطاع المواصلات.
وأكد رئيس جهاز شئون البيئة سعي الدولة المصرية لزيادة الاستثمار الأخضر، وأن الحكومة المصرية أصدرت ما يعرف بالسندات الخضراء، لتمويل المشاريع الخضراء، مثل الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والنقل النظيف، وإدارة المخلفات، وغيره، منوها بأن مصر كانت أول دولة في إفريقيا والشرق الأوسط تصدرًا فى السندات الخضراء في عام 2020 بقيمة 750 مليون دولار لمدة خمس سنوات.
كما استعرض جهود مصر في دفع الأجندة العالمية لمكافحة التغير المناخي ونتائج استضافة مصر مؤتمر الأطراف لتغير المناخ في مدينة شرم الشيخ عام ٢٠٢٢ (COP- 27) حيث كان أداء جماعيا وطنيا جديرا بتحديات، منها تنظيم المؤتمر في مدة زمنية قياسية، وبمستوى تنظيمي ولوجستي نموذجي، أتاح للمفاوضين مناخا مواتيا للتواصل والتوصل لنتائج فاقت التوقعات بكل المقاييس، حيث استعدت مصر لوجستيا لاستقبال هذا العدد غير المسبوق على مدار فعاليات المؤتمر، مما أدى لسهولة ويسر في تسجيل الحضور والمشاركة كنقطة إيجابية تحتسب للتنظيم المصري.
وأضاف أبوسنة أن ركائز جهود الرئاسة المصرية للمؤتمر ليست وليدة الحدث، إنما زرعت بذورها بريادة الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، للعمل المناخى منذ سنوات، فقد حرصت الرئاسة المصرية للمؤتمر من اليوم الأول على عقد اجتماعات تنسيقية يومية مع سكرتارية الأمم المتحدة لمتابعة الموقف اللوجستي وحل كافة المشكلات الطارئة، وتم إقامة المنطقة الزرقاء على مساحة 50 ألف م2، والتوسع في إقامة المنطقة الخضراء على مساحة 20 ألف م2، حيث راعت الرئاسة المصرية للمؤتمر إتاحة فرصة أكبر للمشاركات غير الرسمية في المؤتمر في تلك المنطقة التي أقيمت تحت اسم "صوت الإنسانية"، والحرص على تمثيل منظمات المجتمع المدنى فى كلا المنطقتين الزرقاء والخضراء.
وأوضح أبوسنة أن المؤتمر قد شهد زخما كبيرا في الشق التفاوضي ونقاشا حثيثا بين الجميع للوصول لاتفاقات مُرضية لمختلف أطراف المحور التفاوضي، خاصة في برنامج العمل الخاص بالتوسيع العاجل الطموح للتخفيف، والإطار طويل الأجل لتحقيق هدف التكيف العالمي (GGA) بشكل جماعي، والذي يوفر المعلومات التي يمكن أن تساعد في تمكين التقدم وتحقيقه، وستتم مراجعته قبل التقييم العالمي الثاني في عام 2028، وكان من أهم إنجازات الشق التفاوضي للمؤتمر المادة السادسة لاتفاق باريس، وترتيبات تمويل المناخ، ومنها إعلان صندوق تمويل للاستجابة للخسائر والأضرار المرتبطة بالآثار الضارة لتغير المناخ، وهو الهدف الذي طال انتظاره لتعويض الدول النامية خاصة الإفريقية عن الخسائر التي تسببت فيها الأزمات والكوارث البيئية، وهي نقاط مهمة لدعم الإنسانية لتستطيع مواجهة آثار تغير المناخ.
وأضاف رئيس جهاز شئون البيئة أن ما تحقق على المستوى الإقليمي أبرز دور مصر الريادي لقارة إفريقيا من خلال تفعيل المبادرة الإفريقية للتكيف التي أطلقها رئيس الجمهورية، أما على المستوى الوطني، فقد نجحت مصر في حشد التمويل لبرنامج «نوفّى» تنفيذا جزئيا لخطة المساهمات الوطنية المحدثة، مشيرا إلى إطلاق العديد من المبادرات خلال المؤتمر.
وفى سياق متصل، شارك أبوسنة في الجلسة الحوارية عالية المستوى لرجال الأعمال، التى أقيمت على هامش المؤتمر، وبحضور رئيس الوزراء الكورى، والتى تم فيها استعراض الفرص الاستثمارية فى مجال البيئة ومكافحة التغيرات المناخية ودور القطاع الخاص.
كما شهد أبوسنة والرئيس التنفيذى للمعهد الكورى للتكنولوجيا والبيئة مراسم توقيع اتفاق تعاون شراكة بين إحدى الشركات الكورية وإحدى الشركات المصرية فى مجال معالجة المياه فى إطار تشجيع الاستثمار البيئي، قام بعدها بتفقد معرض التكنولوجيات البيئية المقام على هامش الموتمر، بمصاحبة مدير المعهد الكورى الذى أكد تطلعه لدعم استثمار القطاع الخاص الكورى فى السوق المصرية من خلال التعاون مع جهاز شئون البيئة المصري.