ميسرة صلاح الدين: الحرب فى الشرق شكل من أشكال السيرة الذاتية
تحدث الشاعر المترجم والكاتب المسرحي ميسرة صلاح الدين، خلال مناقشة رواية “الحرب في الشرق”، للروائي دكتور زين عبد الهادي، والتي عقدت في نادي أدب مصر الجديدة، عن كثرة التناول النقدي للرواية والاشتباك معها أكثر من مرة، مما يدل على أنها عمل روائي جيد، وهو ما دفع للاشتباك مع العمل الروائي بشكل شخصي.
وأوضح “ميسرة”: عنوان الرواية “الحرب في الشرق”، أحالني إلى الأعمال التي تتحدث عن فكرة الحرب، مثل رواية “الحرب في بر مصر”، لكن زين عبد الهادي تناول فكرة هجرة أهالي بورسعيد إلى المدن المجاورة عام 1967 بشكل مختلف ومغاير، في قالب سردي يجذب القارئ من بداية العمل الروائي حتى نهايته.
بينما يوسف القعيد وفي روايته “الحرب في بر مصر”، تناول فكرة الحرب من خلال 6 شخصيات تروي قصة الحرب، وطرح في الرواية سؤالا مهما وهو من يحارب، ومن يجني مكاسب الانتصار في الحرب، وهو ما نجده أيضا في رواية الحرب في الشرق، لأن هذه بطبيعة الحال اسئلة الروايات التي تتناول فكرة الحروب. لكن طريقة الإجابة عليها، وطريقة السرد تختلف من رواية لأخرى ومن كاتب لآخر.
ولفت “ميسرة صلاح الدين” إلى أن رواية “الحرب في الشرق”، هي شكل من أشكال السيرة الذاتية الحقيقية والمتخيلة، وأعتقد أن الكاتب قد استعان بـ 4 نسخ من نفسه لبناء هذه الرواية. النسخة الأولى المباشرة هي الراوي الطفل، والذي يحكي عن كم المآسي والأهوال التي تعرض لها مرتين، مرة بخروجه من بلده بورسعيد والمرتبطة لديه بذكريات الطفولة والأمن والأمان.
أما النسخة الثانية فهي الرواي أو نفس الطفل الذي يستعين بالخيال طوال الوقت، ومع هول الأحداث المأساوية التي تداهمه طوال الوقت كقصف الطائرات لمدينته بورسعيد طول الوقت، قوات الاحتلال التي تطارد الأطفال، من هنا يستعين الطفل بالخيال لمواجهة هذه الأهوال، بنوعين من الخيال، الخيال الشعبي كقصص الجن والعفاريت وألف ليلة وليلة، والخيال القصصي الذي قد يكون قد استلهمه من قصص الراديو وقصص المدرسة كقصة “عقلة الأصبع”، جاليفر أو أيا من القصص التي قرأها في المدرسة.
ثم هناك نسختان من الراوي الكاتب زين عبد الهادي، وهما: الراوي الذي وصل إلى مرحلة من النضج لكي يعيد اجترار ذكرياته، فيبدأ في تذكر ما حدث في الطفولة.
أما الراوي أو النسخة الرابعة التي استعان بها الكاتب دكتور زين عبد الهادي في بناء روايته “الحرب في الشرق”، فهي شخصية الراوي الناضج الذي يستعين بخيال الكبار، وخيال الكبار بالنسبة له هو العلم، العلم الغربي الذي تسلح به الدكتور زين عبد الهادي وجعله يقف أمام خروج مركبة فضائية إلى القمر، ويقول هذه خطوة صغيرة لرجل، خطوة كبيرة للبشرية، فهو بديل لفكرة جاليفر والعفاريت وعقلة الأصبع، ولكنه بديل علمي، أو خيال علمي وهو موجود وسط أحداث الرواية. فكرة وجود شخص في بورسعيد والدنيا من حوله مدمرة وهو جالس أمام تلفاز أبيض وأسود قديم ويشاهد فيلم “رحلة إلي المريخ”، بمعني أن الواقع الذي يعيشه البطل تحت دوي القنابل والقصف أشد فنتازية، وأشد رعبا من فيلم “رحلة إلي المريخ”.