منها "آنا كارنينا".. 4 أعمال كلاسيكية تقدم رؤى عميقة عبر أبطال مكروهين
يقدم الكاتب بليك سنيدر، في كتابه "Save the Cat"، نصائح لرواية القصص لكتاب السيناريو الطموحين، كانت نصيحته الرئيسية، التي منها جاء عنوان الكتاب "انقذ القطة"، ما يعني باختصار أن الكُتّاب يجب أن يقدموا أبطالهم بجعلهم يفعلون شيئًا يوضح سماتهم الرئيسية أو كودهم الأخلاقي، وأن تفعل الشخصية شيئًا لجعل الجمهور يحبها، مثل إنقاذ قطة من الموت.
ويرى سنيدر أن الشخصيات المحبوبة يمكنها تقديم قصصًا مُقنعة أكثر من القصص التي يكون أبطالها مكروهين، فالأبطال المحبوبون يجعلون القراء مندمجين مع العمل فيشعرون بسعادة أكبر عندما يحقق أبطال الرواية هدفهم ويزداد حزنهم عندما لا يفعلون ذلك.
وعلى النقيض من ذلك، يخاطر الأبطال غير المحبوبين بتنفير قراءهم. في أسوأ الأحوال، قد لا يهتم القراء إذا فشلوا أو نجحوا، وفي أفضل الأحوال، قد يرغبوا بشدة أن يفشلوا.
أبطال غير محبوبين
ومع ذلك، ووفق موقع "big think"، فإن الكتاب المذكور قد منح أبطالًا غير محبوبين سمعة سيئة لا يستحقونها، فعندما يتم بناء القصص بشكل جيد، يمكن أن تكون أكثر جاذبية من القصص المعتمدة على الأبطال المحبوبين، خاصةً عندما تكون قصصهم حول البحث عن الخلاص مثل راسكولينكوف في رواية "الجريمة والعقاب" لفيودور دوستويفسكي أو الخروج من النعمة مثل لوسيفر في "الفردوس المفقود" لجون ميلتون.
علاوة على ذلك، يمكن للأبطال غير المحبوبين أن ينقلوا دروسًا قيّمة لا يستطيع المحبوبون نقلها، من خلال الأمثلة السلبية، وإظهار ما يحدث عندما نتخذ خيارات سيئة في الحياة، ويمكنهم أيضًا أن يجعلونا نتساءل عن المعايير الاجتماعية، أو يجبروننا على رؤية العالم من منظور مختلف وإدراك أن الإنسانية يمكن العثور عليها في أكثر الأماكن غير المرغوبة.
كازو إيشيجورو وأوسكار وايلد
تأتي الشخصيات الرئيسية غير المرغوبة في العديد من الأشكال المختلفة، فبعضها عابث وأناني ومتعجرف، بينما البعض الآخر متواضع ويؤثر الآخرين لدرجة مزعجة. ويمكن أن يتراوح الأبطال غير المحبوبين من مختلين يفتقرون إلى العواطف إلى أفراد دمرتهم آرائهم المحدودة للعالم.
ينطبق هذا الوصف الأخير على السيد ستيفنز في رواية الكاتب البريطاني الياباني كازو إيشيجورو "بقايا اليوم"، فستيفنز كبير الخدم قاده سعيه الدؤوب للالتزام بالخدمة المخلصة إلى قمع عواطفه، وفي النهاية يأسف لفشله في إقامة علاقات حقيقية، ومن ثم فإن شخصيته بمثابة حكاية تحذيرية للقراء.
الشخصية الرئيسية الأخرى التي تقدم درسًا من خلال المثال السلبي هي دوريان جراي، بطل رواية أوسكار وايلد "صورة دوريان جراي"، فجراي في الرواية أرستقراطي نرجسي يخفي مظهره الوسيم قبح روحه، وهو مهووس بصورته الخاصة لدرجة أنه لا يتسبب فقط في انتحار عشيقته، بل يفسر موتها أيضًا على أنه يضيف لونًا ودراما إلى قصة حياته الخاصة.
آنا كارنينا
نادراً ما تذكر قوائم الشخصيات الأدبية غير المحبوبة روايات ليو تولستوي لسبب وجيه؛ فالكاتب الروسي، من بين الأعظم على الإطلاق ممن نقلوا بدقة الحالات العاطفية لشخصياته بحيث لا يسع القراء إلا أن يتعاطفوا معهم بغض النظر عن مدى عيوبهم.
إذا وجدت تولستوي في إحدى هذه القوائم، فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب "آنا كارنينا"، فعبّر العديد من القراء، ذكورًا وإناثًا، عن إحباطهم من المواقف المتقلبة للبطلة تجاه زوجها وتجاه فرونسكي الذي بدأت معه علاقة غرامية.
لكن سلوك كارنينا الذي يبدو غير متسق؛ الاشمئزاز من زوجها اللطيف والمتسامح، هو ببساطة انعكاس للرغبات المعقدة والمتناقضة الموجودة داخل روح الشخص. فالموضوع الرئيسي في الرواية هو أن هناك أنواعًا مختلفة من الحب يمكن أن تحدث في نفس الوقت.
تم الترويج لآنا كارنينا، من خلال نادي كتاب أوبرا وينفري وغيرها من المجموعات باعتبارها تأكيدًا على الحب الرومانسي، بينما هي في الواقع حكاية أخلاقية تحذر من إغراءات الرومانسية، إذ تظهر العلاقة بين كارنينا وفرونسكي أن الرومانسيين اليائسين لا يحبون بعضهم البعض، بل يحبون المثل الأعلى للحب الرومانسي نفسه.
يقدم تولستوي، الذي كان شديد التدين، بديلاً من خلال علاقة الزواج بين كيتي وخطيبها ليفين، فعلاقتهم على عكس كارنينا وفرونسكي لا تقوم على العاطفة، ولكن على الوعي الذاتي والالتزام والتضحية المتبادلة.
لوليتا لـ فلاديمير نابوكوف
لن يكتمل أي نقاش حول أبطال غير محبوبين من الأدب العالمي بدون إدراج هامبرت هامبرت، بطل رواية "لوليتا" لـ فلاديمير نابوكوف.
في الرواية، التي تم سردها بالكامل من منظور بطل الرواية، يحاول هامبرت شرح سبب اعتدائه جنسيًا، وهو رجل يبلغ من العمر 37 عامًا، على دولوريس هيز، الملقبة بلوليتا والبالغة من العمر 12 عامًا.
وبصرف النظر عن الأوصاف المقززة للاغتصاب، فإن الجانب الأكثر إثارة للصدمة في السرد هو المدى الذي يذهب إليه همبرت، وبالتالي نابوكوف، لتطبيع انجذابه البيدوفيلي تجاه لوليتا.
تختبر الرواية قدرة القارئ على تحمل بلاغة هامبرت وسحره والتعرف على وحشيته كما هي. وبعد الانتهاء من الرواية، لن تفهم بشكل أفضل فقط كيف يفكر ويتصرف بعض المتحرشين بالأطفال، ولكن أيضًا كيف يتلاعبون بضحاياهم.