“جمع زملائه 35 جنيها".. حكاية سفر صلاح أبو سيف لدراسة السينما بالخارج
108 أعوام مرت على ميلاد المخرج صلاح أبوسيف، الذي ولد في 10 مايو لعام 1915، في بولاق أبو العلا، ولهذا الحي عاداته وتقاليده، وأجواؤه الخاصة، ويبدو أهل الحي كأنهم عائلة واحدة يحرص بعضهم على البعض، ويتكاتفون معا في مختلف المناسبات، وكان لذلك تأثير كبير على حياة المخرج الراحل وهذا ما أكده في مقال له بمجلة "الهلال" لعددها رقم 9 الصادر بتاريخ 1 سبتمبر 1994 بعنوان "سر سعادتي موسيقى البشر" قائلا: علمني هذا قيما أخلاقية ما زلت أحملها في داخلي حتى الآن، منها التلهف على مساعدة الآخرين، وأن نعطيهم ونقرضهم دون أن أطلب منهم وثائق مالية، بل تكفي كلمة شرف واحدة.
رحلة طويلة خاضها المخرج صلاح أبو سيف مع الثقافة والفن، ولكن قبل هذه المرحلة التحق بمدرسة التجارة، ثم بدأ في مراسلة الصحف، يترجم لهم من المجلات الإنجليزية ما يجذبه، فنشر مقالات تحمل اسمه "صلاح الدين أبوسيف" في مجلة الصباح وبقية المجلات التي كانت تظهر في تلك الفترة.
وفي تلك الآونة؛ كانت اللغات هي اهتمامه الأول، أما بقية المواد فلم تكن تهمه، وفي تلك الفترة قابل السيد أبو النجا، الذي كان مدرسا فساعده على نشر بعض أعماله في مجلته المدرسية، وقد سأله ذات يوم عن مقال سينمائي سلمه له "من أين نقلت هذا المقال؟" ورفض نشره، رغم أنه كان من تأليفه.
وفي مقاله بـ"الهلال" يقول "أبوسيف": وعقب تخرجي عملت بالصحافة الفنية في مجلة "الراديو والبعكوكة"، فضلا عن جريدة "الوادي"، وكان كل همي هو تدبير مصاريف المعيشة، ولم تكن الصحافة مصدرا للمال، لكن رئيس التحرير عزت المفتي، قرر أن يدفع لي راتبا شهريا قدره 150 قرشا، مما دفعني إلى رفض جميع الوظائف الأخرى، إلى أن أجبرتني ظروفي أن أعمل موظفا في المحلة الكبرى في شركة مصر للغزل والنسيج التابعة لبنك مصر.
يتابع: ولأنني موظف في شركة فقد بدأت أتمكن من شراء مجموعة كتب ومجلات مثل مجلة المسرح لعبد المجيد حلمي، وأول مجلة سينما باسم "الصور المتحركة" فضلا عن المجلات الإنجليزية، في الوقت نفسه دفعتني دراستي للسينما إلى قراءة العلوم والأدب والفنون الأخرى، فضلا عن دروس الموسيقى التي تلقيتها في عزف البيانو وقراءة النوتة الموسيقية.
ويستطرد: كانت هناك سينما المحلة تعرض فيلمين كل أسبوع، وقد كتبت عنهما مقالا نشرته في جريدة "روز اليوسف" وأثار المقال ضجة، مما أدى إلى رفض صاحب المحل دخولي السينما، فقد ذكرت أن السينما ليست شاشة بيضاء، ولكنها شاشة سوداء.
ويضيف: في تلك الفترة، شجعني زملائي على السفر للخارج لدراسة السينما، وقام بعضهم بجمع مبالغ كي أتمكن من السفر وبالفعل جمعوا "35 جنيها"، وأثناء هذه الأحداث، كان طلعت حرب قد تمكن من بناء استوديو مصر، واستعانوا ببعض المصريين لبناء الاستوديو، من الذين درسوا بالخارج، ومنهم نيازي مصطفى.