كتبه أثناء النفي.. لماذا وكيف كتب مكيافيلي كتابه الأكثر شهرة "الأمير"؟
في أوائل القرن السادس عشر، عُرف مكيافيلي بعمله الدبلوماسي البارز في جمهورية فلورنسا، وتم تعيينه مستشارًا، ثم أمضى وقتًا طويلاً في السفر عبر إيطاليا وفرنسا، تكشف رسائله في كتاب "الأمير" عن رجل لديه فهم عميق وواسع لطبيعة السياسة وكيفية التلاعب بالسلطة وبالأشخاص الموجودين فيها.
الكتابة في المنفى
ولسوء حظ مكيافيلي، استعادت عائلة ميديشي السلطة في فلورنسا عام 1512، والاستيلاء عليها، كما نجحوا في الإطاحة بالحكومة ومعاقبة أي شخص مرتبط بحكمها، وكان مكيافيلي أحد ضحايا هذا التطهير، ففي عام 1513 تم سجنه وتعذيبه لعدة أسابيع، ثم إطلاق سراحه، ومن ثم هرب مكيافيلي إلى مزرعته في ضواحي فلورنسا.
وكان وقت مكيافيلي في المنفى السياسي مثمرًا، حيث عكف على كتابه الأكثر شهرة "الأمير" في عام 1513 ونوى أن يستخدمه لتقديمه إلى عائلة ميديشي كوسيلة للتقرب منهم ومن السلطة من جديد، وروى مكيافيلي تجاربه من خلال الفترة التي قضاها في المنصب السياسي، والتي أدرك فيها أن الخير الأخلاقي وحده لا يكفي للفوز بالسلطة والحفاظ عليها.
يجمع الأمير هذا الفهم من خلال تقديم سلسلة من الفصول التي تقدم نصائح مباشرة للقادة حول أفضل طريقة للوصول للسلطة والحفاظ عليها.
مكيافيلي يذهب بعيدًا عن "المثالية"
ووفقًا لموقع the collector، جاء كتاب "الأمير" حينها ليمثل، تغييرًا جذريًا عن الأطروحة السياسية المتداولة، لعدة قرون، في أوروبا، التي كانت السياسة فيها مرتبطة دائمًا بالأخلاق، فذهب مكيافيلي في كتابه إلى منطقة مختلفة تمامًا، فقد كشف في الكثير من كتاباته، مرارًا وتكرارًا، أنه ليس مهتمًا بمناقشة الشكل الذي قد يبدو عليه المجتمع المثالي: "هناك فجوة بين الطريقة التي يعيش بها المرء وكيف يجب أن يعيش".
كما ركز مكيافيلي على ما رآه أمام عينيه، بعيدًا عن النظر إلى القادة السياسيين في أوروبا على أنهم حكام مسيحيين نموذجيين، تم وصف "الأمير" بأنه إعادة تقييم أكثر للساسية بشكل واقعي وكيفية عملها.
ومن العجيب، أن "لورنزو دي ميديشي"، الذي كتب مكيافيلي الكتاب من أجله، لم يقرأه أبدًا، ومع ذلك تم انتشاره على نطاق واسع وقد قرأ الكتاب العديد من الشخصيات البارزة في أوروبا بما في ذلك هنري الثامن ، ملك إنجلترا، وتشارلز الخامس، الإمبراطور الروماني، وتوماس كرومويل، الذي كان رئيس وزراء ملك إنجلترا.
انتقادات كتاب "الأمير"
تم إدانة ما جاء في كتاب "الأمير"، من قبل الكنيسة الكاثوليكية ووضعه البابا بولس الرابع على قائمة الكتب المحظورة عام 1559، فقد اتهم العديد من المفكرين مكافيللي بالإلحاد والفجور، على الرغم من الترحيب بها من قبل كبار الأدباء في ذلك العصر، الذين طوروا أفكار مكيافيلي إلى شخصيات مسرحية مختلفة شهيرة.
كما قرأ الأمير الكثير من قادة العالم، لما طرحه مكيافيلي من أفكار مؤثرة ومثيرة للاهتمام الأكاديميين والمؤرخين والسياسيين على حد سواء، أثبتت نظرته القاتمة للبشر على أنهم "مخلوقات بائسة" إعجاب الكثيرين. هناك شيء واحد مؤكد: لقد غير مكيافيلي تمامًا الطريقة التي يناقش بها الناس السياسة والسلطة.