فكري داود: في رمضان نزين النوافذ والأبواب بالأغصان الخضراء وسعف النخيل
تحدث الكاتب الروائي فكري داود لـ “الدستور” عن ذكرياته الرمضانية، مشيرا إلى أنه عندما يهل رمضان سنويا بروحانياته، تثور شجوننا ونتذكر أيامه الخوالي، وأنا كريفي ولد ونشأ بقرية (السوالم ــ كفرسعد بدمياط)، لصق شاطيء النيل.
اهتديت - كأقراني _، بمن سبقني من أطفال وصبية، بداية من سماع فتوى بدء الشهر، فانطلق مع المنطلقين، مهللا ’’أهلا رمضان‘‘ و’’مرحب مرحب شهر الصوم‘‘ و’’وحوي يا وحوي إياحة، رحت يا شعبان جيت يا رمضان‘‘، ’’افرحوا يا أولاد يللا وهيصوا، رمضان أهو نور فوانيسه‘‘، و...، ثم أرافق والدي لصلاة العشاء والتراويح، وشراء ما يلزم للسحور.. وأتابع مع الأسرة الفوازير والمسلسلات، خصوصا ألف ليلة وليلة، التي أثْرَت وجداني وساهمت في تنمية خيالي، حيث كان للإذاعة آنذاك دور مهم، ثم أشارك الرفاق، لعب الاستغماية و(نط البصلة).
وتابع “داود” في تصريحات خاصة لـ “الدستور”: أحرص في بداية الشهر على مشاركة والدي الوقوف ببلكونة دارنا، لمشاهدة المسحراتي، وهو يدق طبلته، مقلدا الشيخ سيد مكاوي، مُسَمِّيا الكبار كي يتسحروا، وكم ملأتني البهجة، وأبي يحثه على ضرورة ذكر اسمي، باعتباري ابنه البكري، ووريث مجده الأسري.
في الصباح، أقصد الغيطان مع الرفاق، لنجلب الأغصان الخضراء وسعف النخيل، لتزيين النوافذ وشراعات الأبواب، ونساعد الآباء في تعليق الفوانيس الكبيرة على الواجهات.
حتى إذا امتلكنا فوانيسنا الصغيرة – أم شمعة، المصنوعة من الصفيح والزجاج، حملناها مُضائة الشموع، وتبعنا المسحراتي حتى الحارات القريبة، ونعود مرددين:’ ’يا أم رمضان قومي اتسحري بالعيش والجبنة والفجل الطري‘‘.
فيما يحرص الأهل على تدريبنا على الصيام، مانحين من يكمل يومه مكافآت، من طعام أو شراب أو عملات.
وتابع: “أشارك والدي وأهلي في الزيارات والعزومات، وتوزيع زكاة الفطر من الحبوب، كما أشارك والدتي إعداد حلويات رمضان، كالكنافة والقطايف والمكرونة باللبن، حاملا بعضها سعيدا، إلى الأهل والجيران، تقابلني المساجد بالطريق، أتأمل زينة مآذنها، التي يعاد تجديدها قبيل الشهر الكريم، حيث تظل هدفا يوميا لأعيننا، قبل كل مغرب، في انتظار ظهور المؤذن ببلكوناتها الدائرية، فإذا قال: الله أكبر...طرنا إلى البيوت صائحين: افطر يا صايم وحد الدايم”.
فإذا وصلنا إلى الأسبوع الأخير، أشعلت أمي فرننا البلدي، لتصنع مع النسوة، كعك العيد والقرص والغريبة واللقمة البيضة واللقمة الصفراء، كما تُنصب الأراجيح بالشوارع، وتجدد الزينات، وتُسْتَجْلَبُ ملابسُ العيد، فنحتضنها طوال الليل، فإذا أصبحنا رددنا معا: ’’يا لبيب ويا لبيب، بكرة الوقفة وبعده العيد‘‘، و’’بكرة العيد ونعيد وهندبح فاطمة أم السيد‘‘. كنا نردد ذلك فرحين دون أن نسأل، ترى من تكون فاطمة أم السيد؟ ولماذا ندبحها على العيد؟.