انطلاق فعالية إضاءات جديدة على دراسات المؤتمر العام لـ"المرأة العربية"
انطلقت صباح اليوم الثلاثاء الفعالية التي تنظمها منظمة المرأة العربية على مدار ثلاثة أيام تحت عنوان “إضاءات جديدة على دراسات المؤتمر العام التاسع للمنظمة”، والتي تشهد عرض نتائج دراسات إقليمية أعدَّتها المنظمة “بناء على مخرجات دراسات وطني” في أربعة موضوعات هي: "قوانين التحرش في مكان العمل، وواقع النساء والفتيات ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والاحتلال والإرهاب، وقوانين الانتخابات والأحزاب السياسية من منظور المساواة بين الجنسين، وأنظمة الحماية الاجتماعية للمرأة في مجال الصحة في المنطقة العربية، وهي دراسات سبق عرضها خلال فعاليات المؤتمر التاسع للمنظمة (طرابلس، ليبيا : 27-28/2/2023) لكن المنظمة ارتأت باب النقاش حولها مجددا لتوسيع دائرة الإفادة منها لأهميتها ، وسعيا لوضع خطط عمل مستقبلية في مختلف المجالات محل الدراسة.
تعقد الندوات افتراضيا عبر تطبيق Zoom على مدار الأيام الثلاثة من الساعة 11 صباحا إلى الساعة 2 ظهرا بتوقيت القاهرة.
وناقش اليوم الأول الدراسة الإقليمية حول (قوانين العنف والتحرش في مكان العمل: رؤية عربية مقارنة من منظور النوع الاجتماعي) والدراسات الوطنية التي أعدها الخبراء في الموضوع نفسه.
افتتحت الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة للمنظمة الفعاليات بتوجيه الشكر إلى القائمين على إعداد الدراسات الإقليمية والوطنية، وأوضحت أن المنظمة تلقت العديد من المطالبات من المعنيين من الباحثين والنشطاء إعادة فتح باب النقاش حول الموضوعات محل الاهتمام لتوسيع دائرة التفاعل حولها والخروج بتوصيات يمكن الاسترشاد بها في أنشطة المنظمة المستقبلية.
وأعربت عن تطلعها لأن تتوصل الفعاليات إلى أوراق سياسات في الموضوعات الأربعة تساعد دولنا في التصدي لهذا الأمر.
في الجلسة الأولى من فعاليات اليوم الأول، قامت الدكتورة جلنار واكيم المستشارة في مجال النوع الاجتماعي وحماية الطفل وحل النزاعات، والتي أعدت الدراسة الإقليمية حول (قوانين العنف والتحرش في مكان العمل) بعرض الدراسة.
وقد أعربت في البداية عن سعادتها بالعمل مع كوكبة من الأساتذة من مختلف الدول العربية في إعداد الدراسة، وذكرت أن أهمية الموضوع تنبع من معاناة المرأة الكبيرة من ظاهرة التحرش في أماكن العمل، موضحة أن الدراسة نظرت للمرأة -لا ككائن بيولوجي - وإنما ولكن كطبقة اقتصادية واجتماعية تتعرض لممارسات تمييزية مثلها مثل اللاجئين واللاجئات والعمال الأجانب.
وأوضحت أنه تم وضع منهج موحد للعمل في الدراسات الوطنية، وأن منظور النوع الاجتماعي الذي تبنته الدراسة كان منظورا شاملا لا يقتصر على النساء فحسب، وإنما على علاقات وأدوار الجنسين، وقد أُعدت تقارير وطنية من كل من الأردن والسودان وسلطنة عمان وفلسطين ولبنان والمغرب وموريتانيا واليمن. ثم قامت الدراسة الإقليمية -بناء على نتائج الدراسات الوطنية- بتحليل المرجعيات والقوانين الدولية الخاصة بقوانين العمل للنساء، والفجوات القائمة على النوع الاجتماعي في قوانين العمل. وقدمت مقترحات وتوصيات ترفع إلى مُشرعي القوانين لمواجهة التحديات التي تعوق المشاركة الاقتصادية الكاملة للمرأة في سوق العمل.
أعقب عرض الدراسة الإقليمية، عرض الدراسات الوطنية، فعرض الدكتور راشد بن حمد البلوشي، التقرير الوطني لسلطنة عمان، وعرضت فداء البرغوثي، التقرير الوطني لدولة فلسطين، وجميلة لعماري، عرضت التقرير الوطني للمملكة المغربية، والدكتورة هند أشبيه أبوه، عرضت التقرير الوطني للجمهورية الإسلامية الموريتانية، والدكتورة روزا جعفر محمد سعيد الخامري، عرضت التقرير الوطني للجمهورية اليمنية.
في جلسة العمل الثانية، عرضت الدكتورة أمل فاضل عبد خشان عنوز، أستاذة القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة النهرين بالعراق التقرير الوطني لجمهورية العراق حول "واقع النساء والفتيات ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والاحتلال والإرهاب في العالم العربي والتدابير المتخذة لحمايتهن ودعمهن".
وأوضحت أن العنف ضد المرأة مشكلة خطيرة وواسعة الانتشار تؤثر في حياة أعداد لا تحصى من النساء. وهي عقبة أمام تحقيق المساواة والتنمية والسلام في العالم.
وأضافت أن هذه الدراسة بينت الخطوط العريضة لكثير من أشكال العنف ضد المرأة ومظاهره في سلسلة عريضة من الأوضاع بما في ذلك الأسرة، وفي الصراع المسلح، وأوضاع اللاجئين، والنازحين، ويشكل هذا العنف استمرارا على امتداد حياة المرأة بكاملها، ويتفشى في القطاعين العام والخاص. وغالبا ما يعزز كل شكل من أشكال العنف الأشكال الاخرى، ويتخذ العنف ضد المرأة شكلا بدنيا مباشرا في كثير من الاحيان، لكنه يمكن ان يكون اعتداء نفسيا أيضا وحرمانا اقتصاديا، وعلى الرغم من الاعتراف المتزايد بالأشكال المتعددة للعنف ضد المرأة ومظاهره، ما زالت البيانات الشاملة اللازمة لتحديد نطاق مختلف أشكال هذا العنف وحجمها غير كافية.
كما أوضحت أن ما حدث خلال العقدين الماضيين هو تقدم كبير في وضع معايير وقواعد دولية لمعالجة العنف ضد المرأة والاتفاق عليها. وشكلت هذه المعايير والقواعد خط أساس لالتزام الدول وأصحاب المصالح الآخرين، بمن فيهم منظومة الأمم المتحدة، بالعمل على مكافحة العنف ضد المرأة ولا سيما في أوقات النزاعات المسلحة، وأن على الدول مسئولية وواجب في معالجة العنف ضد المرأة في ظل هذه الأوضاع، إضافة إلى الأوقات العادية، والتحقيق في هذه الأعمال أينما وقعت ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وتوفير سبل الانتصاف والجبر لمن ارتكبت ضدهن هذه الأعمال.
كما قدمت الدكتورة كريمة المدني الأستاذة بكلية القانون، جامعة طرابلس، ليبيا، مداخلة حول ملف العنف ضد المرأة في النزاعات المسلحة في ليبيا. فبينت أن النزاع المسلح الذي شهدته ليبيا جعل العنف ضد المرأة ظاهرة تعجز السلطات المعنية عن مواجهتها بسبب حالة عدم الاستقرار السائدة.
وأشارت إلى أن هذا النزاع هو نزاع ليبي-ليبي وليس ناتجاً عن احتلال او اعتداء خارجي. ولا شك أن المرأة هي الأكثر تأثراً به كونها الحلقة الأضعف في المجتمع. وبينت أن من آثار ومظاهر العنف ضد المرأة في ليبيا ظاهرة التهجير والنزوح، فالتهجير هو إجبار المدنيين على مغادرة مناطق الاشتباكات بينما النزوح هو هرب المدنيين طوعاً من مناطق الاشتباكات. في الحالتين، المرأة تخرج من بيتها في ظروف صعبة. وأشارت إلى مشكلة الإيذاء الجسدي، ومن مظاهرها زواج القاصرات الناتج أساساً عن خوف الأهل على بناتهم، وتعرض السياسيات وصاحبات الرأي والحقوقيات لاعتداءات.
وأشارت ثالثًا إلى مسألة العنف الجنسي والاغتصاب، التي تعتبر مسألة حساسة جداً لأنها تمس الشرف والعرض والتقاليد، وغالباً ما يتم التكتم عنها على الرغم من خطورتها وعدم انحصارها بالجرم فقط بل بتداعياته النفسية والصحية. كما أوضحت أن الدولة الليبية اتخذت تدابير وطنية عدة لمعالجة آثار العنف.
وخلص النقاش إلى أهمية تبني برامج خاصة بالصحة النفسية للنساء والفتيات الناجيات من النزاعات المسلحة والاهتمام بأوضاع الجريحات والمصابات من النساء والفتيات في ظروف الحروب والنزاعات والاحتلال والمبادرة بأنشطة لدعمهن ورعايتهن. والاهتمام بالتأطير القانوني لمسألة حماية الناجيات صحيا ونفسيا.