مذكرات محررين عسكريين في حرب أكتوبر: «الغيطاني» على خط النار.. و«الكنيسي» شاهدًا على الانتصار
بمناسبة مرور نصف قرن على ذكرى العاشر من رمضان المجيدة لم ننس دور المراسلين الحربيين الذين كلفوا بتغطية ونقل صورة حية للحرب من على الجبهة، وهو ما خلدوه في مذكراتهم ومؤلفاتهم ومقالاتهم فيما بعد؛ ومن أبرز هؤلاء المراسلين الحربيين جمال الغيطاني، حمدي الكنيسي، عبده مباشر، مكرم جاد الكريم، حمدى لطفي، محمد لطفي، صلاح قبضايا.
جمال الغيطاني على خط النار
من الكتب التي وثقت تجربته كمراسل عسكري لجريدة الأخبار على الجبهة خلال حرب الاستنزاف، ثم حرب ونصر أكتوبر العظيم، كتاب "على خط النار.. يوميات حرب أكتوبر"؛ والذي يحتوي على ثلاثة فصول: رسائل فترة حرب الاستنزاف، المصري على خط النار.. سواء لأحوال الجنود والضباط أو لسكان محافظات القناة، ويتناول الفصل الأخير بعض رسائل الأعمال العسكرية على الجبهة مع العدو الإسرائيلى أثناء حرب أكتوبر.
يكشف "الغيطاني" فى الفصل الأول من الكتاب عن سر حربي يذاع لأول مرة ويقول: أخيراً وبعد صمت استمر عامين كاملين، يزاح الستار عن عملية بحرية من أجرأ العمليات العسكرية التى تمت بعد حرب يونيو 1967 لقد أثار اختفاء الغواصة الإسرائيلية داكار كثيراً من التساؤلات فى مختلف أنحاء العالم وترك حيرة عميقة فى عقول المعلقين، الخبراء العسكريين لماذا؟لأن الغواصة اختفت تماماً ولم يظهر لها أى أثر فى مياة البحر المتوسط وكأن أحد الاحتمالات القوية وقتئذ هو احتمال تعرض الغواصة الإسرائيلية لقذيفة من إحدى السفن الحربية وفعلاً داكار أغرقتها البحرية المصرية فى مياهنا الإقليمية.. ويكشف التفاصيل الكاملة للعملية الرائعة التى لا تقل أهمية عن تدمير المدمرة "إيلات" درة البحرية الإسرائيلية.
وحرص الغيطانى فى كتاباته من الجبهة على تدوين بطولة الإنسان المصري ممثلًا في الجندي المقاتل، الذي تعرض عقب 1967 لحرب نفسية مكثفة لنزع الثقة وتصوير المصريين باعتبارهم شعبًا لا يجيد القتال، فإن أجاد الفن والحضارة، فإن الأمر لا ينطبق على قدرته على درء العدوان، وهو ما حرصت اسرائيل والداعمون لها على تكريسه الأمر الذي جعل الغيطاني يحرص على أبراز بطولة الرجال ممن جاءوا من مختلف ربوع مصر.
الطوفان والحرب طريق السلام.. الكنيسي يروي مشاهداته فى الحرب
من أبرز المراسلين الحربيين الذين قدموا شهاداتهم فى حرب أكتوبر المجيدة الإذاعي الراحل حمدي الكنيسي، وهو ما قدمه عبر كتابين؛ الأول جاء بعنوان "الطوفان" وهو مجلد كبير ذكر فيه الكنيسي تفاصيل الحرب من 3 وجهات نظر (المصرية والإسرائيلية وآراء الخبراء)، ويعقب الكنسي عن ذلك فيقول إن المشير الجمسي لما قرأ هذا الكتاب قال لي " إنت جبت المعلومات دي منين يا بطل؟" قلت له أنني جلبتها من مشاهداتي في الحرب ومن مراكز الدراسات واتصالاتي. فأعجب الجمسي من هذا الجهد وقال لي إن "أنا أعطيت تعليمات للقيادات العسكرية في القوات المسلحة يقرأوا الكتاب ده".
الكتاب الثاني لـ"الكنيسي" عن الحرب وهو كتاب "الحرب طريق السلام"، وهو كتاب ألفه الإذاعي الراحل بعد 20 سنة من الحرب للرد على إسرائيل بأن هزيمتهم في حرب أكتوبر كانت سبباً لموافقتهم على السلام مع القاهرة.
"الكنيسي" لم يكتف بتقديم شهاداته فى الحرب عبر كتبه وحسب بل وعبر أثير الإذاعة المصرية؛ وهو ما برز فى برنامجه " صوت المعركة" الذي قدمه و لاقي انتشاراً وصدى هائلأً عن المصريين والعرب، وصل هذا الصدى إلى إسرائيل بعدما شكلت لجنة لفحص أسباب الهزيمة، فورد اسم البرنامج على لسان اللجنة الإسرائيلية، فلما علم الرئيس الراحل أنور السادات بذلك أوعز إلى وزير الإعلام آنذاك وطالبه بتكريم الكنيسي "عشان واجع دماغ الإسرائيليين".
قال الكنيسي عن هذا الموقف تم تكريمي وترقيتي درجتين استثنائيتين من قبل وزير الإعلام، فرفضت ذلك وقلت له "لا تخدش علاقتي بالوطن بهذه التكريمات"، وطلب الكنيسي من وزير الإعلام جمال العطيفي بنقل هذا التكريم إلى نقابة الإعلاميين لكنه ترك الوزارة قبل أن يفي بهذا الوعد.
يوميات عبده مباشر عن اكتوبر فى سيناء والجولان
مراسل الحرب الشهير، والكاتب عبده مباشر الذي شارك في حرب 6 أكتوبر 1973 متطوعا ضمن مجموعة 39 قتال تحت إشراف العقيد إبراهيم الرفاعى، قدم تجربته في كتاب "يوميات أكتوبر في سيناء والجولان" تجربته عندما شارك في مجموعة 39 قتال، حيث كان يدرس في ألمانيا وقطع البعثة ورجع ليتصل بالعقيد إبراهيم الرفاعى، ويطلب منه إن يقوم بعمليات خلف خطوط العدو، وقتها "الرفاعي" قال له :" تعالى تطوع فجئت وتقدمت بطلب تطوع وقام بتزكية طلبي".
عبده مباشر الصحفي الذي كان يريد بمشاركته أن يحارب من أجل بلده، وبدأ مشواره بالعمل الفدائي تحت إشراف إبراهيم الرفاعي قائد المجموعة 39 في الحرب.
للكاتب الصحفي عبده مباشر كتاباً آخر عن حرب أكتوبر بعنوان “حرب الاستنزاف” بالاشتراك مع إسلام توفيق.