اللغة النوبية.. كلمة السر فى حرب أكتوبر
«أنتم السُمرة الجميلة اللي شاربة الشمس وشايلة نورها».. تعبير صادق لامس قلبي وأسعدني تفوهت به الكاتبة الصحفية والروائية سكينة فؤاد، خلال حديثي معها الذي امتد لأكثر من ساعة، شمل العديد من الموضوعات، ولكنها لم تغفل الحديث عن النوبة بمجرد معرفتها بانتمائي لها، ومنها تفرعنا سريعاً للحديث عن اللغة النوبية ودورها في حرب أكتوبر، ولكن الوقت لم يسعفنا للإبحار في هذا الأمر.
ونحن الآن في رحاب الاحتفال بذكرى انتصار 10 رمضان 1393 هجرياً، «حرب أكتوبر 1973» حيث انتصار جيشنا على العدو الإسرائيلي واستعادة سيناء بعد احتلالها مدة 6 سنوات، والانتصار العظيم شمل تكاتف العديد من العناصر، يأتي أهمها استخدام اللغة النوبية كشفرة في الحرب كونها غير موثقة كتابياً بل منقولة من جيل لجيل بشكل شفهي.
صاحب الفكرة هو الراحل الجندي المصري أحمد إدريس، الحاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية الأزهرية عام 1952، من قرية «توماس وعافية»، حيث تطوع في الجيش وانضم بعد فترة تدريب لقوات حرس الحدود، بمجرد أن جاءته الفكرة تقريباً عام 1971 شرحها لبعض الضباط، وعلى الفور قاده الأمر لاجتماع مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان يحمل طابع السرية التامة، ومدته 45 دقيقة.
وبعد اللقاء بأيام معدودة تم جمع عدد 344 جنديًا مصريًا على دراية تامة باللغة النوبية «ضباط صف»، وتم التخطيط بالفعل لاستخدامها، حيث تم تدريبهم على استخدام أجهزة اللاسلكي والمصطلحات التي سيتم إطلاقها على المدرعات والدبابات وكل هذا الأمر، على سبيل المثال الدبابة تُسمى «أولوم» أي تمساح باللغة النوبية، والعربية المجنزرة تسمي «اسلانغي»، أما جملة «أوشريا ساع أوي» بمعني «اضرب الساعة الثانية» وهي من الجمل المصيرية بالطبع.
وتعد من أهم الأسلحة الأساسية في الحرب والإعداد الجيد خطة الخداع الاستراتيجي والتشويش على عقل الخصم والتضليل، بحيث لا يدرك مغزى التحركات التابعة للقوات المسلحة، فساهمت الشفرة النوبية في تأمين الاتصالات العسكرية المصرية خلال حرب أكتوبر 1973، وتحقيق الانتصار العظيم.
وحفاظًا على اللغة النوبية ابتكر بعض المهتمين بالحفاظ على التراث النوبي واللغة فكرة لتدوين كلمات اللغة في قاموس خاص، وهذا ما يتم حاليًا للمحافظة عليها من الاندثار.