من زيارة لبعض الأصدقاء.. هكذا بدأت مسيرة حلمي شعراوي للدراسات الأفريقية
من زيارة لبعض الأصدقاء، تحديدا في ربيع عام 1956 بدأت مسيرة حلمي شعراوي للدراسات الأفريقية والدكتور حلمي شعراوي الذي فارق عالمنا قبل ساعات عن عمر ناهز السابعة والثمانين، واحد من أبرز الباحثين في مجال الدراسات الإفريقية.
يحكي شعراوي كيف أن شغفه بقراءة علم الأنثروبولوجيا، كان الخطوة الأولي نحو عالم القارة السمراء حيث يذكر في مذكراته أن بعض أصدقائه دعاه إلي مقابلة بعض “الأفارقة”.
يقول شعراوي: كان صاحبي من أسرة ميسورة نسبيا، يستطيع أن يركب أتوبيسات، ويزور أقارب بعيدين عن موقع منزلنا في حي السيدة زينب الشعبي الكبير، فدفع بي في أكثر من أتوبيس لنصل إلي الزمالك المعروف بالحي الراقي، ثم نمشي إلي هدفنا ــ الرابطة الإفريقية ــ في تفريعة من شارع 26 يوليو، وفي 5 شارع أحمد حشمت، وجدنا أنفسنا وجها لوجه مع الأستاذ “محمد عبد العزيز إسحق”المشرف علي هذا الصرح والأب الروحي لمجموعة الشباب الأفارقة من رواده.
ــ من الرابطة الإفريقية بدأ شغف حلمي شعراوي
ويضيف عميد الدراسات الأفريقية في مصر الدكتور حلمي شعراوي: بسرعة نسيت الهدف الاجتماعي لصاحبنا، وتحولت إلي فحص الحشد الصغير المحيط بالرجل من شباب سمر الوجوه، قلت لصديقي بعد ذلك، إنه ليس فيهم من ملامح “الزنوجة” أو السواد الأكحل، ما نسمع عنه إلا من شاب من نيجيريا وآخر من جنوب السودان، بينما تتدرج السمرة في الباقين من شباب الصومال وإريتريا وتشاد والسنغال، حتي سمرتي الشخصية.
ويلفت شعراوي إلى لن أنسي كيف كانت ليلة خصبة بهذا الشكل وكأنني فجأة في قلب حدث إفريقي. وهذه المجموعة من الشباب تلتف حول الأستاذ وكأنهم تلك المجموعة من الوافدين الأفارقة حول “شيخ العمود” بالأزهر يتبادلون البيان حول الآيات البينات. لكن صاحبنا الأستاذ هنا يشكل عالما آخر.
وتعرفنا بسرعة، وهو ذلك العلماني الوفدي الأصل، مترجم كتاب “الحرية والدين”، المصادر في منتصف الأربعينيات، يحدث الشباب حوله عن الاستعمار الإنجليزي، وألاعيبه والتي أدت إلي استعباده شخصيا ــ وغيره ــ من جامعة “جوردون ــ الخرطوم حاليا ــ ثم يبتسم وهو يقول في سخرية إنه عاد من السودان ”بخفي حنين" وقصد الإشارة إلي ذلكما الشابين من جنوب السودان ممن أحبهم وأحبوه، فجاءوا معه لدراسة الطب في القاهرة وأنه بخروج من مصر من السودان ستبدأ رحلة صعبة بالتأكيد.
ــ حلمي شعراوي وعلم الاجتماع
ويلفت شعراوي في مذكراته إلي أن هذه الزيارة تمت وهو مازال في السنة الثانية قسم الاجتماع بجامعة القاهرة اقرأ في الأنثروبولوجيا، وأحب الفلسفة، وأحضر دروسها من كبار الأساتذة، كما أحضر أنشطة الفكر الأخري وها هي “الرابطة الإفريقية” تربطني بنشاط آخر، أري الأنثروبولوجيا، تروي عن شعوب حية من شباب يتطلع لتغييرها، خاصة والأستاذ “إسحق”، كان لا يقبل منهم فكرة تمجيد حالات البداوة والتخلف علي أنها الواقع الهادي الجميل.
ولم تتوقف مفاجآت تلك الليلة العجيبة عند ذلك، فإذا بشاب من المجموعة يتقدم للأستاذ بورقة من “نيوزويك” بعنوان "القومية السوداء" وأجد نفسي مندفعا لتطوعي بترجمتها لاستثارتي من فكرة “قومية سوداء” في حشد يقول بالقومية الإفريقية، وفي منطقة القومية العربية.