الروائية الفرنسية آني إرنو: الكتابة ليست وسيلة للبحث عن الحقيقة
أجرى موقع "سكرول إن" الهندي حوارا مؤخرا مع الروائية الفرنسية آني إرنو، الفائزة بجائزة نوبل لعام 2022، أثناء زيارتها للهند بشهر فبراير الماضي، تحدّثت فيه الكاتبة عن أفكارها حول الكتابة وبعض الموضوعات المركزية في أعمالها، كما سلطت الضوء على الزوايا غير المستكشفة حتى الآن منها.
تقول المحاورة في تقديمها للمقابلة إنه عند القراءة لإرنو، ينتاب المرء شعورًا بأنها تفكر عبر عينيها، وعبر لمستها، فهي على دراية وإحساس بالطبيعة المادية والحسية للتفكير، ما يميزها عن المفكرين العقلانيين بما في ذلك المفكرين من فرنسا.
لا أكتب بناء على فلسفة
تقول المحاورة في سؤالها لإرنو: اعتبر غابرييل غارسيا ماركيز في مقابلة له أن نجاح الفكر الديكارتي في فرنسا ربما كان سببًا لعدم نجاح رواياته هناك، خلافًا لبقية العالم. ولكني أجدها حجة مستبعدة؛ ففرنسا أيضًا موطن مارسيل بروست وأندريه بريتون. هل تعتقدين بأن روحك السردية أقرب إلى الشخصيات الأدبية مثل بروست وبريتون ومارجريت دوراس؟ هل يتأثر تفكيرك بفكرة سارتر العامة عن الآخر كشخصية سلبية؟
وتجيب الروائية الفرنسية آني إرنو: أنا لا أكتب حقًا بناءً على فلسفة معينة. رغبتي في الكتابة لم تأت من أي فلسفة أو من خلال قراءة الفلسفة. على سبيل المثال، جاءت من قراءة رواية "الغثيان" لسارتر، فرغبتي في الكتابة جاءت من قراءة الأعمال الأدبية لسارتر وليس من أعماله الفلسفية.
على الرغم من أنني أعتبر نفسي سارترية بطريقة ما، إذ أعتقد بأن وضعنا وظروفنا هي بالفعل أساس وجودنا في العالم. فإنني عندما رغبت في الكتابة، لم أكن أحاول حقًا تطوير أي نوع من الفلسفة.
وتتابع: بالطبع ترعرع جيلي في ظل فلسفتي ديكارت وكانط، ولا يمكن أن ننسى أن كيركجارد كان أيضًا مهمًا لهذا الجيل، ولكن عندما تسألين عن كوني ديكارتية، فسأقول لا، فأنا أميل إلى بروست ومارجريت دوراس.
البحث عن الحقيقة
تشير إرنو إلى أن الكتابة بالنسبة إليها ليست وسيلة للبحث عن الحقيقة وإنما للبحث عما هو صادق، لا سيما وأن الحقيقة شيء لا يمكن تحقيقه من خلال وسائل الإعلام، ولا يمكن رؤيته إلا من خلال ترك المسافة وتقدير الزمن.
وبسؤالها عن معنى الانتظار في أعمالها وما إن كان يربط بين الحب والرغبة والموت، تقول إرنو: الانتظار يشكل أساس العاطفة. إنه الأمل في شيء يتجاوز الشخص الذي نرغب في حضوره، وهو شعور مميت في جوهره. فعندما ننتظر الحب، ثمة تركيز وتكثيف لكل ما يشكل الحياة البشرية وآمالها، وهذا الانتظار سينتهي
في النهاية بالموت. كل هذا يمثل مأساة الحياة البشرية، ويشكل سمة لنا باعتبارنا بشرا بطريقة مخيفة للغاية.
وتضيف: نحن نولد وحدنا ونموت بمفردنا. يُنظر إلى الشعور بالوحدة عمومًا على أنه شيء يأتي من حسرة القلب، لكنه بالأساس يعود إلى الطفولة. بين الاثنين؛ وحدة الولادة ووحدة الموت، نتوقع الكثير من الآخرين من حولنا. يصبح الأمر غير متعلق بالخوف من الهجر أو عدم الثقة، إنه يأتي من تجارب الطفولة، فالخوف لا ينبعث من قصص الحب أو أي قصص أخرى في الحياة، وإنما يتعلق بما عاشه الشخص، والذي يعود إلى تجارب الطفولة.
تقول الروائية الفرنسية آني إرنو: الحياة بالنسبة إلي أكثر مأساوية من الكتابة. لا أرى الكتابة تحريرا، ولكن يمكنها تقديم حل لشيء ما؛ لبعض المشاكل في الحياة. قد تساعد الكتابة في فهم مشكلة معينة، لكنها لا تؤدي إلى التحرر. إن قيمة النص في الواقع تأتي من الرؤية الجديدة للأشياء التي تكسب القارئ إياها.