رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حادثة مروعة تفتح قضية انتشار الحيوانات التى تهدد أمن المواطنين

تحولت حادثة مدير البنك الذى افترسه كلب مفترس يمتلكه جاره إلى حالة غضب عارم يجتاح المجتمع المصرى، ويفتح ملف قضية مهمة فى حاجة إلى وقفة حازمة وصارمة من المسئولين عن حفظ الأمن وحماية المواطنين فى بلدنا.. إننا نأمل فى وضع حد لمن يستهينون بأرواح المواطنين من أجل الحيوانات المتوحشة والضالة، ويتجاهلون كل مبادئ الإنسانية، ويعرضون حياة الآخرين للخطر والأذى والموت.

إننا فى حاجة إلى أن يقوم المسئولون عن حماية المواطنين بالتصدى لأخطار جسدية ونفسية وصحية يتعرضون لها بسبب ظاهرة تصاعدت مؤخرًا بإطلاق الناس الحيوانات الفتاكة والمفترسة حرة طليقة لتفتك بالناس، سواء أكانت كلاب الحراسة، أو كلاب الشوارع، أو القطط الضالة الضخمة، والقطط التى يقتنيها أصحابها ثم يطلقونها على الناس فى الشوارع والأندية والكومبوندات، لتهاجم الناس وتعقرهم أو تفترسهم أو تصيبهم بعاهات أو تنقل لهم الأمراض المميتة، وهنا أتوقف عند بعض الحوادث الأليمة التى تسببت فيها هذه الحيوانات الطليقة بحرية بدون كمامة، أو بدون قيود فى مكانها، أو بدون سلسلة يقيدها بها صاحبها أثناء سيره بها فى الشوارع، آخر واقعة مروعة حدثت مؤخرًا فى كومبوند شهير وأسفرت عن أن مدير بنك محترم، هو الأستاذ محمد الماوى يرقد الآن مصابًا بغيبوبة تامة فى مستشفى بسبب هجوم عليه من كلب حراسة مفترس يقتنيه جاره فى نفس العقار، وبدأت الواقعة بأن محمد الماوى، مدير البنك، كان قد شكا لجاره من أن كلبه الضخم من نوع الـ«بيتبول» قد هاجمه عدة مرات وأنه يتركه طليقًا بدون كمامة أو تقييد فى منزله، مما يهدد أمنه هو وأسرته، وأنه يخشى أن يقفز الكلب عليه من سور الحديقة، وأنه يهدد حياته وحياة أسرته، إلا أن الجار وهو زوج مذيعة اسمها أميرة شنب تقدم برنامجًا للطبخ باسمها فى قناة الطبخ التابعة لقناة «سى، بى، سى»، لم يكترث لطلب جاره، وحينما كان محمد الماوى عائدًا، منذ يومين، إلى منزله بالعقار بصحبة ابنه شاهدا الكلب ينبح عليهما من شرفة العقار، وكان طليقًا وغير مكمم؛ فانتابتهما حالة من الرعب، وخشى الأب أن يقفز من الشرفة عليهما هو وابنه، فذهب ليبلغ جاره زوج الإعلامية بأن يحكم وثاق الكلب لخطورته على الجميع فى الكومبوند، وحتى لا يصاب أحد بأذى منه، ففتحت لهما العاملة بالمنزل الباب.. وفوجئ بأن الكلب ما إن رآه حتى هجم عليه وتمكن من عقره دون إفلاته فاستغاث ابنه بقاطنى المسكن لنجدة والده من بين أنياب الكلب.. فخرج ابن المتهم وتمكن من السيطرة عليه، ولكن بعد أن أصاب محمد الماوى بإصابات خطيرة وبالغة، وتم نقله إلى المستشفى لإسعافه، إلا أنه أثناء التحضير لتدخل جراحى توقف قلبه فتم إنعاشه ونقله إلى غرفة العناية المركزة، حيث يرقد فى غيبوبة تامة، وأبلغت زوجة المجنى عليه النيابة العامة بالواقعة، وبسؤال الشهود تبين أن الكلب سبق أن تعدى على المجنى عليه بعقره من قبل وسيدة من الجيران بذات العقار، وبسؤال الشهود تبين أنه دائم التعدى على الجيران بالشارع لاستطاعته القفز من أعلى سور حديقة المسكن، كما تبين أنه من نوع الـ«بيتبول» الشرس المحظور استيراده، وبالأمس أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوى بحبس المتهم المسئول عن كلب مدينة الشيخ زايد احتياطيًا على ذمة التحقيق لاتهامه بالتسبب خطأ فى إصابة جاره المجنى عليه بإهماله وترك الكلب بدون قيد أو تكميم، مما أسفر عن عقر الكلب المجنى عليه وإصابته بإصابات بالغة ودخوله فى غيبوبة تامة حتى تاريخه.

وبمناسبة تلك القضية المروعة فإن النيابة العامة تشير إلى أن حرية المرء فى تربية الحيوانات للحراسة أو غيرها لا تعنى تعريض الناس للخطر وتهديد سلامتهم وتخويفهم بما قد يؤذيهم، فهى لذلك تهيب بالكافة التمسك بقيم هذا المجتمع الأصيلة التى تقدس احترام آداب الجيرة. والإحسان إلى الجيران، والحفاظ على حياة وأمن الغير فى مناخ يسوده التلاحم والتآلف والحرص المتبادل، وكانت قد سبقت هذه الحادثة الأليمة عدة حوادث أخرى، منها واقعة سيدة محترمة من سيدات العمل الاجتماعى المرموقات بالإسكندرية، التى روت لى واقعة مروعة حدثت لها وهى السيدة ليلى ديلاور، والتى كانت ذاهبة لزيارة صديقة لها فى أحد الكومبوندات الشهيرة بمنطقة المقطم، وبعدما ركنت سيارتها ونزلت منها فوجئت بكلب حراسة طليق وضخم يهاجمها بشراسة ويعقرها فى جسدها؛ مما تسبب لها فى إصابات بالغة، ما اضطر أسرتها لنقلها إلى مستشفى لإنقاذها، وقالت لى إنها أجرت عدة عمليات فى ساقها لأنه عقرها إلى حد ظهور عظام ساقها، وما زالت تعانى من جراء آثار الإصابات ومن صدمتها من الحادثة المروعة، وإلى جانب كلاب الحراسة التى يقتنيها أصحابها ويتركونها لتسير طليقة دون كمامة فى الشوارع لتصيب المواطنين والجيران بالأذى، متجاهلين أبسط قواعد الإنسانية وأمن الآخرين، فأيضًا هناك ملاك كلاب فى الشواطئ يتركون كلابهم طليقة لتهدد أمن المصطافين، وهذا رأيته بنفسى أيضًا، فهناك مالك لكلب حراسة ضخم الحجم ومعروف فى ساحل قرية الدبلوماسيين يتركه طليقًا على الشاطئ دون قيد أو كمامة ودون أن يمسكه بسلسلة ويتركه حرًا طليقًا ليصيب أهل القرية بالفزع، وهم صفوة المجتمع من أبناء الدبلوماسيين والإعلاميين والسيدات والبنات، مما اضطرنى لإبلاغ الأمن مرارًا وتكرارًا ليأتى ويقيد كلبه، ثم نجده يكرر هذا التجاهل للآخرين بإطلاق كلبه حرًا طليقًا كل يوم، على الشاطئ؛ مما يرعب الأطفال والأهالى، وفى منطقة الجيزة تمتلئ الشوارع بالكلاب الضالة، وفى شارع الجيزة تنطلق مجموعة من الكلاب الضالة الضخمة التى تفزع المواطنين والأطفال والمارة يوميًا، لأن أحد أصحاب العقارات يقتنيها أمام العقار رقم ٦ أ شارع الجيزة، ورغم أن أحد أصحاب العقارات المجاورة قد حرر له محضرًا فى قسم الشرطة لإبعاد الكلاب من وسط المنطقة الآهلة بالسكان لتهديدها أمنهم وأمن أسرهم وأطفالهم، إلا أنه ادعى للمحضر أنها كلاب شوارع، وقال له إنه لا شأن له بها، رغم علم المنطقة بأنه يقتنيها لترويع الجيران، وحتى الآن لم تحضر شرطة المرافق لأخذ الكلاب إلى منطقة غير آهلة بالأسر والأطفال، أو إلى ملجأ بعيد عن المناطق السكنية، وفى نادى الجزيرة الرياضى يحضر بعض الأعضاء قططًا ضخمة من الشوارع ويدخلونها إلى النادى وسط الأسر الجالسة على المقاعد وفى حديقة الأطفال وأدى ذلك إلى عدة حوادث أليمة، حيث عقرت القطط الضالة المتوحشة عدة أعضاء وأطفال، كما عقرت سيدة من الأعضاء فى ساقها، ما نجمت عنه إصابات بالغة واضطرت إلى أن تذهب للمستشفى وأخبرها الطبيب بضرورة أخذ ٥ حقن على مدى ٥ أيام متتالية، حيث أكد الطبيب أن القطط الضالة تنقل مرضًا خطيرًا يصيب المخ والأعصاب هو توكسيبلازموزس، ورغم شكوى الأعضاء المتكررة للإدارة بضرورة إخلاء النادى من القطط الضالة خوفًا من هذا المرض المميت ومن الأذى، ورغم أنها قد عقرت عدة أطفال فى حديقة الأطفال، إلا أن إدارة النادى لم تتحرك، رغم تكرار شكوى الأعضاء الذين يخشون إصابتهم وأطفالهم من جراء تحول النادى إلى مستعمرة للقطط والكلاب الضالة، وبسبب خوف الإدارة من عضوة معينة تهددهم بإبلاغ منظمات خارجية، وحتى الآن لم يتحرك مجلس إدارة النادى لإخلاء النادى من القطط الضالة وكلاب الشوارع وكلاب الأعضاء الذين يتركون كلابهم حرة طليقة دون قيد وبدون تكميم. 

إن هذه الحوادث المروعة والبشعة وتهديد أمن المواطنين قد أصبحت ظاهرة واضحة تنتج عنها حوادث مروعة وأمراض خطيرة مميتة وإصابات بالغة فى بلدنا.

وإن تهديد الأسر الآمنة والأطفال فى الشوارع أو الأندية الرياضية أو الكومبوندات قد أصبحت ظاهرة ينبغى التصدى لها بشكل عاجل وبإجراءات صارمة وحاسمة بسبب الكلاب الضخمة وكلاب الشوارع وبسبب القطط الضالة فى الشوارع أو القطط التى يقتنيها أصحابها ثم يطلقونها فى الشوارع أو العقارات أو الكومبوندات حرة طليقة، وإننا نطالب الجهات المسئولة عن أمن المواطنين بوزارة الداخلية، ونهيب بوزارة الداخلية منع وحظر اقتناء كلاب الحراسة المتوحشة التى تهدد حياة وأمن المواطنين والأطفال والأهالى فى الشوارع والعقارات، ونهيب بشرطة المرافق التصدى لكلاب الشوارع والقطط الضالة فى الشوارع والأندية حفاظًا على أمن وسلامة المواطنين والأطفال والسيدات وإيداعها فى أماكن مخصصة أو ملاجئ خاصة بعيدة عن المناطق السكنية، بل أستطيع القول إن ظاهرة اقتناء الكلاب الضخمة المؤذية وتركها حرة طليقة دون اكتراث بأرواح البشر قد أصبحت واضحة فى مجتمعنا، وفى حاجة إلى وقفة جادة وحازمة من جهات الأمن المختصة، وهذه الظاهرة التى انتشرت ترجع إلى الرغبة فى التباهى باقتناء الحيوانات الضخمة والقطط باهظة الثمن والتمتع بترويع الآخرين والمنظرة الفارغة والبلطجة فى السلوكيات، التى انتشرت بشكل كبير فى السنوات التى أعقبت أحداث يناير ٢٠١١.. وفى تقديرى أن الحادثة المروعة التى حدثت لمحمد الماوى، الذى لا يزال يرقد فى غيبوبة تامة بين الحياة والموت، والتى أثارت غضبًا عارمًا من الرأى العام فى المجتمع المصرى، هى نموذج للقسوة والبلطجة، وتعكس عدة أمور انتشرت فى مجتمعنا فى السنوات الأخيرة، وهى الأنانية والعنف والمنظرة وتجاهل حياة الآخرين وانعدام الإنسانية من قبل محبى الحيوانات، الذين فقدوا أبسط ضرورات الأمن للآخرين أو المراعاة لحياة الآخرين، والتى تتطلبها المعيشة وسط المجتمع. إن هؤلاء غلاظ القلوب، الذين فقدوا الإحساس بأهمية أمن الآخرين وفقدوا الإنسانية من قلوبهم، لا بد من إجراءات حازمة ضدهم تقوم بها الجهات الأمنية المعنية بالدولة لتوفير الأمن للمواطنين وللأطفال وللأسر المصرية فى بيوتهم أو فى الأندية الرياضية أو فى الكومبوندات أو فى شوارع بلدنا.