في الذكرى الثالثة لرحيل ديجو مارادونا.. شاعر كرة القدم وساحرها الأول
تمر اليوم الذكرى الثالثة لرحيل أسطورة كرة القدم العالمية وساحرها الأول، ديجو أرماندو مارادونا، الذي رحل في مثل هذا اليوم الـ 25 من نوفمبر عام 2020.
كتاب "تاريخ شعبي لكرة القدم“ لميكائيل كوريا، أوضح أن مارادونا انضم إلى "سيبوليتاس" فريق الناشئين بنادي أرجينتينوس جونيورز، ذاع صيته بسرعة فائقة، فكانت الحشود تأتي للاستمتاع بالمراوغات المذهلة لـ "طفل الشوارع"، ولأن المفتونين بهذه الظاهرة الكروية أصبحوا على نطاق واسع، فإن التلفزيون نفسه جاء لمقابلة الطفل المعجزة القادم من الأحياء المعدمة في سن ال 12 عاما.
تعاقد كلاعب محترف في سن الـ 15 مع نادي أرجينتينوس جونيورز، الذي توهج مع مارادونا وبسببه صعد إلى دوري الدرجة الأولى الأرجنتيني، وبعد بضعة أشهر في فبراير 1977 ارتدي قميص المنتخب الأرجنتيني لأول مرة ضد المجر، قبل أن يحرز مع منتخب التانجو كأس العالم تحت سن ال 21 سنة 1979 وحصل مارادونا حينها على جائزة أفضل لاعب في البطولة. وأطلقت عليه الصحافة لقب الفتى الذهبي قبل أن يشتريه نادي بوكا جونيورز الأسطوري في بوينس آيرس عام 1981.
لم يكن مارادونا على ما يرام فيما بعد ولم يكن الطريق سهلا، فالوجه الآخر لفتى الشارع ظهر فيما بعد ساحر الكرة يصيبه الغضب والحنق جراء التدخلات العنيفة، استهداف أقدامه من قبل مدافعي العالم، كانت سببا في ردود فعل تبدو غير متزنة.
ففي نهائيات كأس العالم عام 1982 في إسبانيا، أظهر مارادونا نفسه متمردا وظهر ذلك واضحا في مباراة الأرجنتين والبرازيل والتي عقدت في 2 يوليو 1982، ورغم تقدم منتخب البرازيل بثلاثة أهداف مقابل لا شيء إلا أن ذلك لم يعصم مدافعهم من استهداف قدم مارادونا الذي دفعه بتسديد ركلة في بطن اللاعب البرازيلي باتيستا وذلك قبل انتهاء المباراة ب خمس دقائق وتم طرد مارادونا.
لم ينته أبدا استهداف المدافعين لإقدام مارادونا، ولكن لكونه ساحرا سنجده يتلاعب بهم ويسقطهم واحد تلو الآخر، وشهد العالم مباراة الأرجنتين مع إنجلترا والتي كانت تشبه تماما المعركة فكلا الفريقين دخلا الملعب وفي ذهنه جزر فوكلاند التي راح ضحيتها 650 جنديا أرجنتينيا، و250 جنديا بريطانيا. جاءت المباراة في الربع نهائي من كأس العام 1986 وضمت مدرجات ملعب أزتيكا المكسيكي ما يقرب من 110 ألف متفرج ووصفت الصحافة البريطانية المباراة بالحرب.
شهد الشوط الثاني من المباراة الهدف الأول لمارادونا والذي جاء بشكل مباغت يروى الصحفي الفرنسي ميكائيل كوريا عبر كتابه تاريخ شعبي لكرة القدم "انتهي الشوط الأول بنتيجة 0-0 لكن بعد ست دقائق من زمن الشوط الثاني، أخترق مارادونا، الذي كان يرتدي القميص 10 دفاع إنجلترا بشكل مباغت ليمرر لزميله المهاجم خورخي فالدانو، وبينما ترتد الكرة بشكل عشوائي عن قدم زميل دييجو في الفريق، حاول المدافع الإنجليزي ستيف هودج، الذي تفاجأ بسرعة وخفة مارادونا، إعادة الكرة إلى حارسه بيتر شيلتون، وفي تلك اللحظة ظهر مارادونا بقامته القصيرة في قفازات الحارس الإنجليزي العملاق ليمد ذراعه اليسرى والكرة في يده ويسكنها الشباك البريطانية، وانفجرت المفردات، رغم الاحتجاجات الشديدة من لاعبي إنجلترا، إلا أن الحكم التونسي على بن ناصر، الذي لم ير يد الأرجنتيني، أكد صحة الهدف الأول، بعد ثلاث دقائق بالضبط ومثل طائرة رقية كونية على حد تعبير المعلق الأورجوياني فيكتور هوجو موراليس أنطلق مارادونا في رحلة برية من منتصف الملعب وراوغ بجرأة نصف دستة من اللاعبين الإنجليز الذي كانوا على درجة واحدة من الإرهاق والهلع من هدف ثان رائع كان مرادفا لتأهل الأرجنتين إلى نصف النهائي. فازت الأرجنتين على ألمانيا الغربية 3–2 أمام 115.000 متفرج على ملعب أزتيكا ورفع مارادونا كأس العالم كبطل قومي وكوني وساحر أول لكرة القدم.
في كأس العالم عام 1990 وصل مارادونا بمنتخب الأرجنتين إلى المباراة النهائية، إلا أن فريقه خسر أمام منتخب ألمانيا الغربية بنتيجة 1–0 في المباراة النهائية بضربة جزاء مشكوك بأمرها في الدقيقة 85. وتعد هي الليلة التي بكى فيها عشاق كرة القدم لبكاء مارادونا.
يبقى شيء علينا أن نقر به كما أقر به الكاتب الصحفي الفرنسي ميكائيل كوريا في كتاب "تاريخ شعبي لكرة القدم" أن مارادونا بالنسبة لعدد من الأرجنتين ومحبيه" كلما زاد الضجيج الذي يحدثه مارادونا من حوله، كلما أصبح بشكل طبيعي تجسيدا للفتى الطائش اللعوب "إدمان المخدرات وتهريبها، والدعم السياسي لهوجو شافيز وفيدل كاسترو، تعكس رحلة مارادونا الفوضوية بشكل رائع.