شبلول: النظام في حياة نجيب محفوظ هو الأساس الذي ساعده على النجاح
عن فلسفة النظام في حياة أديب نوبل نجيب محفوظ، قال الشاعر أحمد فضل شبلول: "يعترف نجيب محفوظ أن النظام في حياته هو الأساس الذي ساعده على النجاح. يقول: حدث نوع من التكيف بين جهازي العصبي والرغبة في الكتابة، فتجد تلك الرغبة تأتي في وقتها تماما، وأنا جالس على مكتبي في التوقيت المحدد، تماما مثل فنجان القهوة (ينقر) على دماغك أو السيجارة.
وأوضح “شبلول”، خلال ندوة “نجيب محفوظ بين الأدب والفلسفة” والتي عقدت بمركز الحرية للإبداع: وكنت عند كتابة كل عمل جديد، أحس أنني كاتب مبتدئ، إلى أن أصبحتْ عملية الكتابة نفسها شيئا أمارسه دون التفكير فيه، كالمشي مثلا، فالإنسان لا يفكر بشكل واع أثناء المشي في عملية وضع قدم أمام الأخرى، وإنما هو يمشي بشكل تلقائي، وبلا تفكير، وقد كانت الكتابة عندي تتم بالطريقة نفسها، فقد كان فكري مشغولا بالأفكار والكلمات وليس بالقلم الذي أمرره على الورق. ثم صار القلم شيئا يوازي روحي تماما. فحياتي كلها كانت مرتبطة بالقلم صعودا وهبوطا. وكان يمثل إصبعا سادسا في كفي، وأكون مخطئًا لو قلت لك إنني أوجهه كيفما شئت، ذلك أن للقلم كيانًا خاصا.
وتابع: "وزاد من ارتباطي به أنني لم أعرف في حياتي وسيلة أخرى للكتابة غير القلم، فلم استخدم الإلة الكاتبة مثلا، ولا استبدلت القلم بعد ذلك بالكمبيوتر، ولم ألجأ إلى الإنترنت. وأحزن كثيرا حين أسمع عن الوسائل الحديثة التي يقال إنها ستحل محل القلم، إن ذلك بلا شك تطور علمي نسعد به، لكني أحزن أن تقل قيمة القلم أو يُذل. على الكاتب أن يجلس لممارسة الكتابة كل يوم، يمسك القلم ويخط على الورق أي شيء. وفي القرآن آية القسم بالقلم التي تقول: "نون والقلمِ وما يسطرون". وقد تعودت التفكير بقلمي، وبدون القلم لا تأتي الأفكار. بدونه تظل الورقة بيضاء. لقد كان القلم دائما هو حياتي ومتعتي، وهناك بيني وبينه قرابة أبدية.
ويضيف “شبلول”: ويوضح نجيب محفوظ أنه قسَّم حياته بين: البيت للقراءة والكتابة والتأمل، والمقهى للأصدقاء، والحديقة لحب الطبيعة، وفي الإسكندرية خصَّصت وقتًا للتأمل في البحر والسماء الزرقاء الصافية.
وكان يتساءل دائما في أعماله: ما جدوى الحزن؟ ما فائدة السرور؟ ما مغزى القوة؟ ما معنى الحياة؟ ما معنى الإنسان؟ ما معنى الموت؟ لماذا يوجد المستحيل؟
وستظل هذه الأسئلة الفلسفية هي الشغل الشاغل في معظم أعمال نجيب محفوظ الإبداعية، وأحيانا نجد إجابات مثل قوله: إن حب الدنيا آيةٌ من آيات الشكر، ودليلُ ولعٍ بكل جميل، وعلامةٌ من علامات الصبر.
وعند اقتراب النهاية يقول: لا أريد أن أُسلم روحي وهي تنزُّ ألمًا أو إثمًا، أريد أن أسلمها وهي تزغرد للقاءِ ربِّها، وهي فرحة بالمطلق واللامتناهي. ومستبشرة فرَّتْ من قسورة، وقد أدَّت ما عليها في الحياة.