رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سواريس دا كونيا ومحمود حميدة

تعددت طرق الاقتباس فى عملية تحويل العمل الأدبى إلى عمل سينمائي، فهناك شكل خاص من أشكال المعالجات تلك التى قام بها الكاتب والسيناريست مصطفى ذكرى، ضاف وحذف وعدل من رواية "ميتتان لرجل واحد" للروائي البرازيلي جورج أمادو حتى تصل للشكل الذى أراد.

تدور الرواية حول رجل فى الخمسين من العمر يدعى "جواكيم سواريس دا كونيا" الذى قرر أن يهجر منزله وعائلته وأصدقاءه، ويسير مشردًا فى شوارع المدينة بلا هدف بل يفقد وعيه فى الحانات الرخيصة جراء إفراطه فى شرب الخمر ومرافقته العاهرات وأصدقاء السوء المشردين، ووقت وفاته لم يرد سكان المدينة أو أصدقاؤه القريبون من تصديق هكذا، واعتبروها مزحة، بل استمروا فى التعامل معه على أنه- كالعادة- غائب عن الوعي وتتوالى الأحداث.. الفيلم من إخراج أسامة فوزي الذي مرت ذكرى وفاته منذ بضعة أيام.

عالج مصطفى ذكرى رواية أمادو لتقديمها للسينما بشكل مختلف فى فيلمه «جنة الشياطين»، بطولة محمود حميدة، فيقول ذكرى إن الرواية من ذلك النوع الذى يصنف "أدب درجة تانية" وأحداث الرواية تحتوى على الكثير من النقاط التى كان يجب سد ثغراتها، وعلى رأس هذه الثغرات تلك المتمثلة فى مشاهد "الماء"، حيث ابتعد ذكرى عن الشاعرية المتمثلة فى ارتباط بطل الرواية بالمساحات المائية، فابتعد تمامًا عن الإشارة إلى الماء لما لها من مردود شاعرى ورومانسى- طبقًا لرأي السيناريست- أنه لا يليق بأحداث حياة رجل أراد أن يحيا فى علب الليل والأزقة الضيقة،  بل رأى أن الجفاف هو المناخ المناسب للمعالجة السينمائية، ولم يكتف بهذا التعديل فحسب بل أضاف شخصيات تخدم الدراما المتخيلة فى عقله، فقد صنع مصطفى من السيارة المتهالكة، التى تنقل البطل الميت "بطل" وأصدقاءه، باعتبارها بطلًا مساعدًا للشخصيات الرئيسية فى الفيلم.

وعن نوعية الأعمال الأدبية التى تصلح للمعالجات السينمائية، يقول مصطفى ذكرى إنه كلما زادت جودة العمل الأدبي زادت صعوبة معالجته سينمائيًا، ومثال على ذلك ملحمة الحرافيش لكاتب نوبل «نجيب محفوظ»، وهذه الملحمة على الأخص تعرضت للعديد من المعالجات والاقتباسات تعدت عشرة أعمال سينمائية تقريبًا، مما سبب الإضرار بالعمل الأدبي العظيم.
اختلفت الآراء أو اتفقت على جودة الأعمال الأدبية وتأثيرات تحويلها إلى أعمال سينمائية بين بعض المخرجين ممن يعتبرها مهمة صعبة، وتتطلب إعدادات أولية قبل البدء فى المعالجة السينمائية لأى عمل أدبي من رسم الشخصيات الجديدة التى يجب إضافتها أو الأحداث التى يقوم بحذفها، ومنهم من لا يخوض تلك التجربة نظرا لتقديس العمل الأدبي الذى يفكر فى معالجته، ومن هنا تنشأ فكرة خيانة العمل الأدبي والعبث فى جوانبه للوصول إلى نتيجة سينمائية مرضية وناجحة.