مَن هو الشيخ حمزة البودشيشي الذى تحتفل صوفية المغرب بذكرى انتقاله؟
تحتفل الطرق الصوفية بالمملكة المغربية، خلال هذه الأيام، بذكرى رحيل قطب وعالم ربانى، كان له دوراً بارز فى تأسيس علم السلوك الصّوفي، هو الشيخ العارف بالله حمزة بن العباس القادرى البودشيشي، شيخ صوفية المغرب ومؤسس الطريقة القادرية البودشيشية ببلاد المغرب والعالم الإسلامى، والذى كان له دور كبير فى مواجهة المتشددين وأصحاب الفكر المتطرف، حتى أن كثيراً ممكن كانوا يحملون الأفكار المتطرفة تابوا عن هذا الفكر واعتنقوا التصوف وصاروا مريدين فى طريقته الصوفية.
ولد فى مداغ عام 1922
وولد شيخ الطريقة البودشيشية الذي نال هذا الشهر العالمية فى قرية مداغ بإقليم بركان المغربى فى العام 1922، حيث كان الإبن الأكبر لوالده العباس، إلى طريقة صوفية ذات إشعاع عالمي، لم تصله طريقة صوفية أخرى باستثناء الطريقة التيجانية، إذ انتشرت في شتى أصقاع وقارات العالم، ليتحول الرجل إلى أحد أشهر أقطاب ورموز الصوفية في العالم.
حمزة البودشيشى وملوك المغرب " علاقة محبة وتقدير"
كان الشيخ حمزة القادري بودشيش، شيخ صوفية المغرب وشيخ الطريقة القادرية البودشيشية بها ، تجمعه علاقة قوية بالأسرة العلوية التى تحكم بلاد المغرب، ودائما ينظر ملوك المغرب لهذه الطريقة على أنه طريقة صوفية وطنية بإمتياز فجميع مريدوها يحبون بلدهم ويخلصون لوطنهم، ويبذلون الغالى والنفيس فداءا للعرش العلوى المجيد، فخرج مريدى هذه الطريقة يؤيدون الملك فى أكثر من مناسبة أو تظاهرة حتى أن البعض أطلق عليهم " صوفية البلاط" إلا انه ذلك غير صحيح لأن العلاقة التى تجمع البودشيشية بملك البلاد هى علاقة محبة، هذه العلاقة التى أوجدها الشيخ الراحل حمزة البودشيشى الذى كان دائما ينصح مريديه بالوقوف خلف القيادة المغربية المتمثلة فى ملك البلاد والاسرة الحاكمة، حيث كان ينظر الشيخ الراحل إلا أن دعم صوفية المغرب لملكهم وبلادهم، عامل أساسى فى أستقرار البلاد .
حول طريقته من المحلية إلى العالمية
وانطلق الشيخ حمزة بن العباس البودشيشي بطريقته الصوفية من طور المحلية إلى طور العالمية فأصبحت فى عهده الطريقة القادرية البودشيشية أكبر طريقة صوفية داخل المغرب وخارجه، حيث يأتى المريدين إليها بالآلآف من دول أوروبا لنيل البركة والتشرب من روحانيات الزاوية البودشيشية فى مداغ بإقليم بركان، وأصبحت للطريقة عدة مراكز عالمية فى فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وبلجيكا.
دوره فى تأسيس "الملتقى العالمي للتصوف"
كان حمزة البودشيشى صاحب الفضل فى تنظيم فعاليات الملتقى العالمى للتصوف بالمغرب، حيث كان من اكثر المؤيدين للفكرة التى طرحها حفيدة الدكتور منير القادرى بودشيش والذى يرجع له الفضل فى طرح هذه الفكرة على جدة شيخ الطريقة وقتها، حيث وجده مؤيد ومساند له بشدة فى تأسيس ملتقى صوفي عالمى يجمع أهل التصوف من مشارق الأرض ومغاربها.
الطريقة القادرية البودشيشية
الطريقة القادرية البودشيشية طريقة صوفية مغربية، يوجد مقرها في قرية مداغ بإقليم بركان شرق المغرب في منطقة قبائل بني يزناسن، تنتسب إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي ظهر في القرن الخامس الهجري، أما لقب البودشيشية، فقد اكتسبه بواسطة الشيخ علي بن محمد الذي حمل لقب «سيدي علي بودشيش» لكونه كان يطعم الناس أيام المجاعة -طعام الدشيشة - بزاويته.
شيوخ الطريقة
من بين شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية في المغرب الشيخ سيدي المختار بن محي الدين (ت 1914) والشيخ سيدي أبو مدين بن المنور (ت 1955). الذي أخرج الطريقة من مرحلتها التبركية إلى السلوك التربوي، وقد حصل على الإذن بالتربية الذي حصَّله بعد بحث ومجاهدة روحية شاقة.
وقد تابع بعده هذه الوظيفة التربوية كل من سيدي الحاج العباس ثم ابنه سيدي حمزة وسيدي جمال باعتبارهم الوارثين الروحيين لسيدي أبي مدين؛ وقد عملوا على تجديد الطريقة فانتشرت انتشارا متميزا.
فقبيل وفاة سيدي أبي مدين سنة 1955، أبلغ سيدي العباس أنه وارث سره، وقد كان هذا الأخير مثالا للتواضع ونكران الذات فلم يعلن هذا الأمر، واستمر في خدمته للطريق سنوات، إلى أن اضطر إلى الاضطلاع بمهام ومقتضيات المشيخة.
وقد كان سيدي حمزة ابن العباس مؤهلا ومأذونا من قبل سيدي أبي مدين للقيام بمهام التربية والإرشاد، كما أكد ذلك والده سيدي العباس؛ إلا أنه بقي مريدا لوالده تأدبا معه وامتثالا لإشارته في إخفاء الأمر حتى يحين وقته. وبعد وفاة سيدي العباس سنة 1972 أصبح سيدي حمزة شيخ الطريقة المربي كما نصَّت على ذلك وصية سيدي العباس المكتوبة والموقع عليها من قبل كبار الطريق آنذاك.