قضايا مهمة فى صالون نادى القصة لمناقشة «الخطة 51» للكاتب محمد شعير
شهد نادي القصة مناقشات مهمة وثرية حول عدد من القضايا والمسائل الأدبية في الصالون الثقافي الذي عقده لمناقشة رواية الخطة 51، للكاتب محمد شعير.
أدار اللقاء الناقد شوقي عبدالحميد، وتحدثت الروائية النائبة البرلمانية ضحى عاصي، والناقدة الدكتورة بسمة الصقار، بحضور الكاتبات فاطمة وهيدي وهبة البدهلي وأمل عمر.
وقالت ضحى عاصى، إن أحداث رواية «الخطة 51» جاءت جاذبة، غير مملة، وأنها أنهت قراءة أغلبها في ليلة واحدة واستكملتها في اليوم التالي، لأن قارئ الرواية يظل شغوفا بمعرفة مآلات أحداثها وشخصياتها، كما أنها تضيف إليه معرفيا حول عالم خفي كبير، هو عالم كرة القدم، ومحاولات اللاعبين الصغار الالتحاق بالأندية لاحتراف لعب الكرة، وما يعيق ذلك ويعرقل مسارات أحلامهم من فساد وصفقات وسمسرة ورشاوى.
وأشارت بسمة الصقار إلى أنها وجدت شخصيات الرواية قريبة منها، تشبه أغلبنا، فالأحداث لا تدور مثلا في عالم العشوائيات مع الإغراق في وصف القبح، ولا ضمن طبقة الثراء الفاحش مع عرض سلوكيات شديدة الفساد، إنما جاءت الشخصيات وعوالمها قريبة من أغلب المصريين بما فيهم من خير وشر، قوة وضعف، نجاح وإخفاق، بلغة شاعرية تقرب القارئ إليها، مع خفة ظل واضحة عكستها بعض المواقف.
وبينما تجري أحداث الرواية في زمن مستقبلي يمكن تقديره بأنه «بعد عشرين سنة من الآن» فإن البطل السارد الصحفي يشير في النهاية، دون إفصاح، إلى أن الثورية الشديدة في السياسة غير مفيدة وأن الموالاة والتأييد الدائمين لا يجديان، وأنه لا بد دوما من التوازن.
وعلق شوقى عبدالحميد مدير الصالون قائلا، إن رواية «الخطة 51» قد جذبته إليها، ولفتت انتباهه، وأن بعضا من الجُمل والمواقف بها ينبغي قراءته جيدا لمعرفة المعانى الخفية وراءه، وما يقصده الكاتب تحديدا، وهذا هو الفن الجيد الذي يدعو القارئ إلى التفكير، عبر الرمزية التي يستخدمها الكاتب، خصوصا فيما يتعلق بجدل المواقف المختلفة من الثورة بين الأجيال؛ الشباب والكبار. وأضاف أن هذه الرواية تضع عبئا كبيرا على «شعير» كي لا يأتي عمله المقبل في مستوى أقل منها.
بينما أكد مدير الصالون والكاتبتان أن رواية «الخطة 51» لا تبدو أنها عمل أدبي أول لكاتبها، إنما رواية ناضجة منضبطة، ربما بسبب عمل المؤلف في الصحافة وكتبه السابقة غير الأدبية، أضاف شوقي عبدالحميد أن الرواية لم تخلُ أيضا من بعض عيوب «العمل الأول» الذي يريد كاتبه أن يقول فيه كل شيء لديه، لذا فقد جاءت في بعض أجزائها مغرقة في التفاصيل، وقال إنه كان يتمنى أن تنتهي الرواية قبل الفصل الأخير، الذي لم يضف إليها، وكان يتمنى حذفه بالكامل، لأن متعة القارئ تكون في ملء الفراغات التي يتركها له الكاتب، ليفكر فيها ويكتبها بنفسه في خياله.
في المقابل، علقت الدكتورة بسمة الصقار بأن الفصل الأخير كان أكثر الفصول التي أحبتها في الرواية، وقالت إن الكاتب يحتاج أحيانا أن يؤكد للقارئ العادي، لا الناقد أو المثقف، الفكرة التي يريد أن يقولها، وذلك كي يضمن وصولها.
وقالت الروائية ضحى عاصي أن المسألة شديدة التعقيد، إذ أن الكاتب؛ أي كاتب، كثيرا ما يضع جملة ثم يجد أنه يجب حذفها وأن يستبدل بها موقفا يعبر عنها، كما أن كثيرا من الاتجاهات الحديثة في الأدب أصبحت تميل إلى «النهايات المفتوحة للروايات» لتترك للقارئ الحرية لاختيار النهاية التي يميل إليها.
وفي الختام، وجه الكاتب محمد شعير الشكر لنادي القصة وجميع المتحدثين والضيوف، للمناقشات المستفيضة الثرية حول روايته الأولى، قائلا: إن العمل الصحفي على مدى أكثر من ربع قرن لا شك أنه أفاده، ومنحه مخزونا من المواقف والمشاهدات واللقاءات والعلاقات، مما لا يُسمح كثيرا في صحافتنا بالتعبير عنه بالرؤية الذاتية للمحرر، إذ أن التفاتةً لمسئول في مؤتمر صحفي أو تعبيرا على وجه شخصية في اجتماع علني أو غيرها من أحداث إنسانية بسيطة تقع في الدوائر الرسمية أو العامة؛ كلها قد يضيف للمحرر رؤية، لكنه يعجز عن تقديمها صحفيا، فالمطلوب غالبا هو «أعلن.. وصرح.. وأضاف»، فيبقى هذا المخزون الكبير داخل الصحفي ضاغطا عليه، ليخرج غالبا في الأدب، لكن كثيرا من الصحفيين يرتكبون خطأ إخراجه كما هو، دون اجتهاد بالخيال أو احترام لقواعد الأدب، وهو ما حاولت الهروب منه سنوات طوال، كي لا أُتهم بالسطحية، حتى أنني كنت بدأت قبل خمسة عشر عاما كتابة رواية وقطعت فيها شوطا كبيرا، لكنني قررت التوقف لهذا السبب.
وفيما يتعلق بنهايات الروايات، قال الكاتب أن هناك بالفعل مدارس مختلفة، لكنه لا يميل كثيرا إلى النهايات المفتوحة، لأن الصحافة أيضا تعلم أي كاتب أن يضع القارئ العادي دوما أمام عينيه، فلا ينبغي أن يخرج هذا مرتبكا، لا يعرف كيف انتهت القصة، لكن هذا لا يعني أن يفصح الكاتب عن كل ما بداخله أو أن النهاية التي يضعها تكون حاسمة ونهائية، إنما هي رؤية، يحق للقارئ أن يتفق ويختلف معها، لكن بعد أن يعرفها. وكل هذا أيضا لا يعني أنني لن أكتب نهايات مفتوحة في أي أعمال جديدة مستقبلا، ربما ألجأ إليها، فالعامل الحاسم في الأمر هو الموضوع نفسه، الذي يحدد نهايته؛ إما مفتوحة أو مغلقة.