«كلهم محدثين نعمة».. ذكريات حسين رياض مع الفنانين الجدد
في عددها الـ 389 والصادر في يناير 1959، نشرت مجلة الكواكب المصرية لقاء صحفيا مع الفنان ذو الألف وجه حسين رياض، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1897.
يستهل محرر الكواكب تقديمه للقاء والذي أجري بدار الأوبرا القديمة قبل احتراقها، مشيرا إلى أن حسين رياض كان وقتها يشارك في إحدى مسرحيات الفرقة القومية.
وفي بداية حديثه وحول رأيه في فنانين “الأيام دي”، قال رياض: "كل فناني الأيام دي محدثين نعمة، الواحد منهم عايز يظهر بطل على طول، أما دور بطولة وإلا فلا، لقد تناسي هؤلاء الجدد أننا دفعنا الكثير لنكون فنانين لهم جمهور. إن طابع الوجوه الجديدة اليوم هو الاستعجال، استعجال المجد والشهرة، واستعجال حب الجماهير وتقديرها، متناسين أن الجمهور لا يتعلق بفنان ما لم يتأثر به وينفعل له مرة ومرة. إن مجد الفنان لا يقوم على ظهوره كبطل في فيلم أو مسرحية، بل هو يقوم على ماض مجيد من انتصارات فنية متتابعة.
ــ الغرور هو كل شيء في الوسط الفني
ويتابع حسين رياض: "لقد أصبح الغرور هو كل شيء في الوسط الفني، قاتل الله الغرور، أنني أستطيع أن ألمس بيدي وأري بعيني الغرور يتفشى حول، لقد أصبحت كلمة "أنا" وأصبحت الأنانية وأصبح الزيف هو كل ما يميز فنانينا الجدد، لا تكاد تري مخرجا يقرأ سيناريو أو مسرحية بين طائفة من الفنانين إلا ويقول كل واحد منهم أنه أصلح من يمثل دور البطولة، وكل فنانة ترشح نفسها كبطلة حتي ولو كانت صفاتها تغاير صفات البطلة المطلوبة، وأذكر أنني كنت منذ ثلاثين عاما فنانا شابا، كنت واحدا من الوجوه الجديدة بالنسبة للممثلين القدامي، وكنا نحن الجدد نحترمهم ونقدرهم ونخضع لإرشاداتهم وتوجيهاتهم ولا نتعالي عليهم أو نغتر، وكانوا هم لا يبخلون علينا بالعطف والحنان والتشجيع، ولهذا أخذنا فرصتنا كاملة، كنا نأخذ فنهم ونتعلم علي أيديهم عمليا ونظريا».
ــ ذكريات حسين رياض مع الفنانين الجدد
ويستطرد حسين رياض في حواره مع “الكواكب”: "لقد لمست الغرور الذي يملأ نفوس الفنانين الجدد بنفسي، كانت الفرقة المصرية "القومية الآن" قد عقدت اجتماعا لممثليها وفنييها في بداية موسم من المواسم، ووقف أحد خريجي معهد التمثيل ليلقي كلمة، ماذا تظنه قال؟ لقد قال بالحرف الواحد: "اخواننا الممثلين القدامى كتر خيرهم بقي ويسلمونا المشعل ويستريحون هم في بيوتهم". أي والله هكذا قال بالحرف الواحد. لقد أراد أن يمحو مجد كل فنان قديم ليأخذ هو مكانه ظنا منه أن لجمهور الذي يقدر هذا الفنان، سيقدره هو أيضا لا لشيء إلا لأنه حل محل الفنان القديم المجيد. وكأنما حب الجمهور وتقديره منحة تنتقل هكذا بقدرة قادر من هذا لذاك.
ــ هذه الممثلة قالت أن فاتن حمامة تغار منها
ويتابع حسين رياض طارحا مثالا آخر عن غرور الفنانين الجدد كما وصفهم: أما الفنانة المغرورة، فهي ممثلة ناشئة، استطاعت أن تفيد من ترحيب الصحافة بها، أسكرتها الدعاية التي أحاطتها بها الصحف، والترحيب الذي أحاطه بها النقاد أثر ظهورها في فيلم من الأفلام، لقد فوجئت بها تقول لي في يوم من الأيام: "أن فاتن حمامة تتحدث عني لأنها تخاف مني"، وذهلت لم أكن أتصور أن غرورها سيصل إلى هذا الحد، لقد كانت كالبيضة التي تعترض طريق صخرة هابطة من قمة جبل والصخرة هنا هي السيدة فاتن حمامة طبعا.
ــ هذه الفنانة حطم حسين رياض مرآتها
ويضيف حسين رياض: وقد قلت لهذه الفنانة الناشئة ناصحا: "إياك أن تقولي مثل هذا أبدا، أن فاتن حمامة أكبر من أن تفكر فيك فأنت مازلت ممثلة ناشئة". وحدث أيضا أن عملت معها في أحد الأفلام، وكانت تجلس أمام المرأة قبل التصوير خمس ساعات أو ستا، ولا تظن أني مبالغ في هذا، فتلك حادثة مشهورة يعرفها كل من عملوا معنا في الفيلم، وكانوا مثلي ينتظرون انتهاء الوجه الجديد من زينتها أمام المرآة، ولم يعجبني هذا الوضع في أحد الأيام، فكسرت كل المرايا وكل "الأمشاط" الموجودة في الاستديو واشتبكت مع أحد المسئولين عن الفيلم في نقاش حاد. لقد مثلت الوجه الجديد ثلاثة أو أربعة أفلام، وكانت ثمرة الدعاية التي أحاطتها بها الصحف والمجلات هي هذا الغرور الذي لا مثيل له. لقد بلغ من غرورها أنها قد طلبت أجرا قدره أربعة آلاف جنيه، أن هذا الغرور سيكون نهايتها بلا شك.