رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مواهب وقدرات خاصة فى الاحتفال باليوم العالمى لأصحاب الهمم

أمضيت احتفال رأس السنة هذا العام بشكل مختلف لكنه ملىء بالبهجة والأمل، فقد كانت آخر أيام العام مفعمة بالأمل والبهجة مع الاحتفال باليوم العالمي لذوي الهمم.. ففي آخر يوم في العام، وتحديدًا في يوم وليلة رأس السنة، السبت الماضي ٣١ ديسمبر ٢٠٢٢، أمضيت يومًا  أمدني بجرعة كبيرة من التفاؤل بالعام الجديد ٢٠٢٣، فقد  كانت كلمة "مفيش مستحيل" هي الشعار الذي تم اختياره من أجل الاحتفال بذوي الهمم بمتحف القوات الجوية بمناسبة اليوم العالمي لأصحاب الهمم، والذي تشرفت بحضوره وبلقاء ذوي الهمم في ذلك اليوم.

وفي رأيي أن الاحتفال كان عبارة عن توليفة متقنة تمزج بين البعد الإنساني والبعد الوطني والبعد الاجتماعي، كما أنه يجمع بين القوة الناعمة للقوات الجوية المتمثلة في المتحف وبين ذوي الهمم من مختلف الإعاقات ونماذج من المجتمع  المصري متمثلة في المـؤسسات والجمعيات المتخصصة في مجال ذوي الهمم، وشارك فيه أيضًا وزراء وشخصيات عامة وعدد من ضباط القوات الجوية وعدد من المحاربين القدماء، وبين القوة الصلبة المتمثلة في  الطائرات الحربية التي تم الاحتفال وسطها في الهواء الطلق بساحة المتحف الرائع المترامي الأطراف.
فلقد أقيمت الاحتفالية في الهواء الطلق بين نماذج حقيقية من الطائرات الحربية والتي تمثل تاريخ الطيران الحربي في مصر، ومنها طائرات شاركت في حرب اكتوبر المجيدة سنة ١٩٧٣، وضم الاحتفال جزءين، أولهما: مشاركة ذوي الهمم في ورش فنية لتصنيع منتجات يدوية ولوحات فنية.. أما الجزء الثاني فهو تقديم عروض ريظظضية واستعراضات غنائية وفقرات غنائية وموسيقية متنوعة، ويشارك في كليهما عدة أنواع من الإعاقات لذوي الهمم، وفي كلا الجزءين شاهدت ولمست بنفسي مواهب فذة وقدرات فائقة لذوي الهمم.

وتشرفت بحضور هذا الاحتفال الذي كان بمثابة يوم بهجة وأمل بالنسبة لذوي الهمم وبالنسبة لي أنا أيضًا ولكل من حضره، وفي مقدمة الحضور في يوم البهجة د. نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، ود.نيفين القباج وزيرة التضامن، واللواء إسماعيل الفار نائب وزير الشباب والرياضة، والسفيرة مشيرة خطاب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ود. إيمان كامل المشرف العام على المجلس القومي لأصحاب الهمم، والشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وبمشاركة العديد من الجمعيات والمؤسسات الرائدة في مجال رعاية وتأهيل وتنمية ذوي الهمم، وحضر أيضًا بعض الرموز الوطنية من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والمحاربين القدماء، وبعض البرلمانيين منهم د. سلوى حداد عضو مجلس الشوري، والإعلاميين، وبعض الفنانين ومنهم هاني رمزي، ومن المجتمع المدني د. عماد عبدالوهاب وعادل حافظ وزوجته، وساعدت في التنسيق إيمان النشرتي عضو المجلس القومي للمرأة فرع القاهرة، كما حضرت د. مني الوكيل عضو المجلس القومي للمرأة فرع القاهرة، والفنانة التشكيلية شيرين بدر، والأستاذ سامر يوسف وزوجته المهندسة رباب عبدالعاطي وأمل رضا وشيرين حجازي، وماجدة الصباحي.

وفي كلمته، أكد مدير متحف القوات الجوية اللواء أركان حرب د. مجدي دويدار، الذي كان في استقبال الحاضرين: إن الاحتفال بأصحاب الهمم بين الطائرات الحربية جاء بهدف الدمج بين القوة الصلبة والناعمة ليعلموا أن القوات المسلحة المصرية هي لهم البيت والدرع والسيف، وأن متحف القوات الجوية يرحب بهم في أي وقت لأنهم كنز أمتنا الحقيقي، وهم في قلب الوطن يمتلكون دعمه وقوته وحمايته، كما أشار في كلمته إلى أن الاحتفال جاء أيضًا لتأكيد أن الشراكة في العمل المجتمعي باتت هي الأقوى تأثيرًا في المساهمة في نشر الوعي بحقوق أصحاب الهمم، وتأكيدًا لأهمية العمل على تأهيلهم ودعمهم المادي والمعنوي، ومساعدتهم على الدمج في المجتمع ونبذ العنف والتنمر وتحقيق المجال والإتاحة لهم، ويأتي ذلك في إطار وضع القيادة السياسية استراتيجية بناء الإنسان، خاصة أصحاب الهمم على رأس أولويات الدولة المصرية، ليكونوا لبنة في صرح الجمهورية الجديدة طبقًا لرؤية مصر ٢٠٣٠ لتقدم وازدهار مصرنا الحبيبة.

وشارك في الفقرات العديدة التي قدمها أصحاب الهمم حوالي ٣٠٠ فرد منهم من مختلف الأعمار، أما ما كان لافتًا للنظر في تقديري فهو مشهد فريد يستحق وقفة، وهو مشهد ذوي الهمم وهم يقدمون إنتاجهم الفني واستعراضاتهم الرياضية والفنية البديعة، والتي تظهر قدراتهم ومواهبهم الفنية، والتي تستدعي إلى الأذهان جهودًا كبيرة قدمها لهم أسرهم ومدربوهم والمسئولون في المؤسسات والجمعيات الخاصة بهم ليظهروا بهذا المستوى الفني والرياضي المتميز، وأن هذا المشهد الفريد الذي لن ننساه كان يتم بين الطائرات الحربية المصرية، فجمع هكذا بين إحساسهم بالفرحة بالاحتفال بهم وإحساسهم بأن القوات الجوية تحمي ظهرهم وتهتم بهم، وهي حامية الوطن، مما سيغرس في كل منهم بلا شك الشعور بالانتماء والولاء للوطن والفخر بأنفسهم وبقواتنا المسلحة، وسيظل هذا اليوم محفورًا في ذاكرتهم، بل وفي ذاكرة كل من حضره.

ومن بين الاستعراضات الفنية المبهجة والمتميزة التي قدمها ذوو الهمم الاستعراض الغنائي الذي قدمه أبناء مؤسسة "أولادنا "التي ترأستها سهير عبدالقادر علي المسرح المفتوح، وهو العرض الغنائي الذي أحببناه جميعًا "الليلة الكبيرة"، للشاعر المصري الكبير الراحل صلاح جاهين.. كما قُدم فيلم رسوم متحركة من إنتاج «ريم»، كما تميزت فرقة النور والأمل  للفتيات للإعاقة البصرية بعدة فقرات قدمتها بمصاحبة العازفات للموسيقى من فرقة النور والأمل.. ولا بد أن أذكر هنا أيضًا أنه من بين الجمعيات التي شاركت في الاحتفالية جمعية الغد المشرق، بفقرات غنائية مميزة.

كما استمعنا إلى عدة مواهب غنائية واعدة من الفتيات والفتيان تبشر بمواهب قادمة إذا ما لقيت التشجيع والرعاية والتدريب فإنها ستصبح مواهب مصرية متميزة نعتز بها.. وأتمنى أن تشارك في الحفلات الجماهيرية التي تقدم في الحفلات الكبرى وأن يتم تقديمها والاهتمام برعاية مواهبها فيما بعد من قبل الملحنين لتقدم أعمالها وأصواتها في حفلات متاحة للجمهور.. فلقد لمست عن قرب واستمعت إلى أصوات غنائية ومواهب حباها الله أصواتًا دافئة وقوية وقادرة ببعض الرعاية والتدريب أن تصبح نجومًا في سماء دنيا الغناء والموسيقي في بلدنا.. وقدمت الاحتفالية الإعلامية السمراء المتميزة سارة نجيب. 

وجدير بالذكر أن أقول إن عدد ذوي الهمم في مصر كبير، فهو يتراوح بين ١١ و١٥ مليون فرد، وقد كانوا حتى ستينيات القرن الماضي لا يهتم بهم أحد إلا باستثناءات قليلة ومن الرواد في مجال الاهتمام بهم الخبيرة التربوية المتميزة والرائدة الراحلة ماجدة موسى، التي خصصت لهم فصلًا للتعليم بمدرسة مصر للغات، وشاهدت اهتمامها بنفسي بكل منهم، وذلك منذ ٣٠ عامًا، حيث انهارت المدرسة التي التحق بها ابنتي وابني منذ بداية تعليمهما، وكان اهتمامها بذوي الهمم مما ضاعف من تقديري لها كتربوية رائدة في مجال التعليم الحديث، والسيدة ناني صالح أيضًا قامت بدور اجتماعي رائد، فهي التي أسست جمعية الحق في الحياة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وتعليمهم في التسعينيات من القرن الماضي أيضًا أي منذ أكثر من ٣٠ عامًا.
ثم تعاونت ماجدة موسى مع الأستاذ أيمن عبدالوهاب لتأسيس الأوليمبياد الخاص في مصر وتولى رئاسته فيما بعد، وحصل بعض من ذوي الهمم منه على بطولات عالمية، ولا يزال أبناء مصر من ذوي الهمم يحصدون بطولات عالمية في مختلف الألعاب الرياضية، وإذا ما عدنا إلى بداية الاهتمام العالمي بذوي الاحتياجات الخاصة فإن اليوم العالمي لذوي القدرات الخاصة يكون في يوم ٣ ديسمبر من كل عام، وهو يوم خصصته منظمة الأمم المتحدة منذ عام ١٩٩٢ لدعم من لديهم إعاقة، وذلك بهدف زيادة الفهم لقضايا الإعاقة ودعم التصاميم الصديقة للجميع من أجل ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. ومن أجمل العبارات التي قرأتها وقيلت عن ذوي الاحتياجات الخاصة اخترت منها: "الإعاقة طاقة إرادتي وسأتحدي  بها إعاقتي".. و«أنا معكم فكونوا معي»، و"إن المعاق إنسان كسائر البشر له إحساسه وكيانه وتفكيره بل بسبب معاناته ممكن أن يكون أكثر إحساسًا".

وفي عام ٢٠٢٢ اتخذت منظمة الأمم المتحدة هدفا تماشيا مع خطط التنمية المستدامة ٢٠٣٠، فأكدت أنه من المهم أن تتعاون الحكومات والقطاعان العام والخاص مع الأشخاص ذوي الإعاقة في الوصول إلى حلول مبتكرة لهم بما يجعل هذا العالم أسهل وأيسر، ولا بد أن أذكر أن الاحتفالية الكبرى بمناسبة هذا اليوم كانت قبلها ببضعة أيام، والتي شرفها بالحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي كعادته السنوية منذ ٤ أعوام، والتي دعيت إليها وتشرفت بحضورها، ولمست قلبى لما بها من مشاعر إنسانية فياضة بين ذوي الهمم والرئيس الإنسان .. ومن الضروري هنا أن أذكر أنه في مصر خصص الرئيس السيسي عاما لهم هو عام  ٢٠١٨ للاهتمام بهم ولدعمهم ورعايتهم وحل قضاياهم، وهو يبدي دعمه الكبير لهم وبحقوقهم منذ توليه الرئاسة في  مصر.
وكان قد شرف بحضور احتفالية «قادرون باختلاف» قبل نهاية العام بالقاعة الكبرى بالمنارة، وذلك في احتفالية كبري أقيمت خصيصًا لذوي القدرات الخاصة، وذلك  قبل احتفال متحف القوات الجوية بهم ببضعة أيام، وهذه هي الدورة الرابعة للاحتفالية السنوية لـ«قادرون باختلاف» التي يحرص على تشريفها، والتي تتسم منذ الدورة الأولى ببعد رنساني فريد، وفي هذه الدورة الرابعة للاحتفالية أصدر الرئيس عده قرارات رئاسية وإجراءات تنفيذية مهمة ورائدة في مجال ذوي الهمم، ووجّه الجهات المعنية بتنفيذها، كما كرس لصندوق ذوي الهمم مليار جنيه من أجل تحقيق حياة أفضل وأكثر أمانًا واستقرارًا لهم ولأسرهم في الجمهورية الجديدة.
وحضرها ٤٠٠ من ذوي الهمم وتحاوروا مع الرئيس من القلب، وقدموا فقرات فنية واستعراضية متميزة وذات بهجة وتفوق، وحضر الاحتفالية كبار رجال الدولة، وفي مقدمتهم د. مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، وعدد من الوزراء والمسئولين ونواب البرلمان وإعلاميين وسياسيين، وألقى فيها الرئيس كلمة اتسمت بالدعم والحب والاهتمام بتمكين ذوي الهمم، شملت القرارات الرئاسية.
وألقى فيها وزير الشباب والرياضة د. أشرف صبحي كلمة عن جهود الوزارة في مجال ذوي الهمم، وألقت د. نيفين القباج، وزيرة التضامن، كلمة عن جهود الوزارة أيضًا، كما ألقت د. أمل مبدي رئيسة الاتحاد الرياضي المصري والإفريقي، كلمة عن ذوي الهمم، معربة عن امتنان ذوي الهمم للرئيس، وأنهم يعبرون عن هذا بشعار "بقي لنا مكان".

كما شارك عدد من الفنانين في الاحتفالية بالغناء مع ذوي الهمم، ومنهم المطرب الإماراتي العاشق لمصر، والذي له مكانة خاصة لدى المصريين حسين الجسمي.. كما شارك في العرض المسرحي الفنان محمود حميدة، وشارك معهم في فقرة «اسأل الرئيس» الفنان أشرف عبدالباقي. 

وفي تقديري أن أمام ذوي الهمم في مصر مستقبلًا يبشر بالخير والأمان والاستقرار لهم ولأسرهم، مع حرص الرئيس على دعمهم.. ويبقى أن يحظوا أيضًا باهتمام وتقدير سائر المجتمع في مصر حتى يشعروا بأنهم جزء أساسي وفاعل، ويشاركوا بقدراتهم الخاصة التي حباهم بها الله في تقدم ومستقبل أفضل للوطن.