البطريرك كيريكوس ثاؤفيلس يوجه رسالة عيد الميلاد المجيد
وجه بطريركِ القدس ِكيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث، رسالته بمناسبةِ عيدِ الميلادِ المجيد.
وقال بطريرك كيريكوس في نص رسالته: يفرحُ ويبتهجُ جنسُ البشرِ بأسرِهِ اليومَ وتهتزُّ الخليقةُ بأسرِها طَرَباً. تُعيّدُ وتفرحُ المسكونةُ أجمع، لأنه سُمِعَ ما لمْ يُسمعْ بهِ منْ قَبْل، فإنه قد ظهرَ ما هو خفيٌّ قبلَ الدهور. وما هيَ الأشياءُ التي لم يُسمعْ بها والتي لأجلها تفرحُ المسكونةُ إذْ سمعت؟ هي البشرى السارة. أن وعودَ اللهِ قدْ تحققتْ ورؤى الأنبياءِ قد ظهرتْ بأوفرِ حقيقة وتمَّ رجاءُ الأمم.
وتابع: إنَ اللهَ من محبتِهِ القصوى للبشرِ قد انحدرَ إلى الأرض، لكي يُصعِدَ الإنسانَ إلى السّماء. فالله ُفي المسيحِ قدْ أخذ َطبيعَتَنا البشرية. لقد اتخذَ الإنسان َوجعلَهُ مساهماً لطبيعتهِ الإلهية شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ بدون اختلاط (2بط 1: 4) لهذا فإنَّ الكنيسةَ بفرحٍ لا يوصفُ تُرنمُ بشكرٍ أرسلَ اللهُ فداءً لشعبه. فاللهُ ُالمالئُ الكلِّ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. (غلا 4: 4-5) وهو بحسبِ الذي صعدَ إلى السماء القديس الرسولِ بولس إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ وَوُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، (فيلبي 2: 6-8).
وواصل: بحسبِ القديسِ يوحنا الذهبيِّ الفم أنّه تعطفَ ليولدَ في رحمِ عذراء ويخرجَ من هناك مع طبيعتِنا. وبحسبِ القديسِ كيرلس الإسكندري، إنَّ كلمة َالله الابنِ الوحيدِ قد اتخذ لحماً ودماً أي أصبحَ إنساناً واتخذ جسداً وجعلَه له خاصَّتَه ووُلدَ جسدياً من القديسةِ والدةِ الإلهِ العذراء مريم. ووفقاً لهذا الأب، فإنَّ هذا الحدثَ أي أنَّ اللهَ ارتحلَ إلى الأرضِ لكي يستوطِنَ الإنسانُ السماءَ ويضمَّهُ إلى جوقِ السماويين لهذا فإنّه ينبغي علينا أن نقدمَ للهِ الذي شرفنا كمكافأةٍ عادلةٍ هي وقارُ الأعمالِ كمحبةِ الآخرين وضيافةِ الغرباءِ والمحبةِ والمحبة الأخوية.
مستكملا: إن هذا السرَّ الفائقَ الطبيعة؛ لتجسدِ وتأنسِ وولادةِ ابنِ اللهِ بالجسدِ قد ظهرَ للناس محلياً وتاريخياً وفي المكانِ والزمانِ في مدينةِ بيتَ لحمَ المقدسةِ في هذه المغارةِ البسيطةِ إبانَ ولايةِ اوكتافيوس اغسطس قيصر، لم يظهرْ هذا السرُّ لجبّاري الأرضِ عاملي القوةِ والعنفِ والمعصيةِ بل للناسِ البسطاءِ الخالين من الغِشِّ. للحكماءِ مستكشفي الكون منقادين بنجمٍ من السماءِ والرعاةِ منقادين من ملائكةٍ يرنمون الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَفي انَّاسِ الْمَسَرَّةُ. (لوقا 2: 14). أولئك الذين دُعيوا جاءوا وسجدوا وأبصروا المنزّهَ عن الزمانِ طفلاً موضوعاً في المغارةِ.
وتابع: حملَ الملكُ المولودَ في بيتَ لحم على عاتقهِ وطوالَ حياتِهِ الأرضيةِ بالجسدِ على وعدِ اللهِ هذا “على الأرضِ السلام وفي أناسٍ المسرة” التي بشرتْ بها الملائكةُ من السماءِ فشفى المرضى وأطعمَ الجياعَ وأقام الموتى وعلّمَ بالقولِ والفعلِ السلامَ والمحبةَ حتى للأعداءِ وسلّمَ كوديعةٍ تعاليمهُ هذه لرسلِهِ وللكنيسةِ التي اشتراها بدمِ صليبِهِ. وبعد أيامٍ من قيامتِهِ من بينِ الأمواتِ وصعودِهِ إلى السماواتِ فإنَّ الكنيسةَ تطيعُ وصيتَهُ وتكرزُ بقولهِ إلى أقاصي الأرضِ وتذكرُ الناسَ الذينَ يحيونَ على الأرض أن سيرتَهم هي في السماوات هم مكرسون لا ليقاتلوا الآخرين “بمركباتٍ وخيول” ولا ليسفكوا الدماءَ على الأرضِ ويذبحوا بعضَهم البعضَ بدونِ رحمةٍ بل لكي يصعدوا إلى السماء.
وواصل: إن كنيسةَ اورشليمَ المحليةِ تتقوّى في هذه الخدمةِ المقدسةِ للمسيحِ إلهِنا وشعبِهِ من هذه الأماكنِ المقدسةِ أيضاً لظهورِهِ في الجسدِ الذين هم بمثابةِ شهودٍ صامتينَ لكن غيرَ كاذبين لشخصِ المسيحِ وعملِهِ ومن هذا المكان، مكانُ ولادتِه بالجسدِ في بيتَ لحم المقدسةِ في المغارةِ القابلةِ الإله ،ومن كنيسةِ الميلادِ الملكيّة هذه التي من عهدِ الأباطرة قسطنطين ويوستيانوس تكرزُ لرعيّتهِا في الأرضِ المقدسةِ وفي كلِّ أرضٍ وللزوارِ الأتقياءِ في هذه الأيامِ الاثني عشرَ هاتفين وقائلين: اليومَ تمتلئُ البرايا كلُّها فرحاً فإن المسيحَ قد وُلدَ من العذراء.