متخصصون: طه حسين اهتم بالتعليم كأساس الثقافة
قال الدكتور أحمد مجدي حجازي، مقرر لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، بالمجلس الأعلى للثقافة، خلال ندوة “طه حسين ومستقبل الثقافة في مصر”، والتي استضافتها المكتبة المركزية بجامعة القاهرة، إن "مستقبل الثقافة في مصر، من الدراسات الجادة التي كتبها الدكتور طه حسين في عام 1936 وحتى الآن تمثل الواقع الذي نعيشه، وتعبر عن هذا الواقع وكأنها كتبت في أيامنا الحالية، وما نعيشه من تناقضات اجتماعية والتي تؤدي إلى كثير من الأزمات التي نعاني منها.
ولفت “حجازي” إلى أن كتابات المفكر الدكتور طه حسين التي قدمها إلى المكتبة العربية، كتابات موسوعية، ونجد أن كل عمل من الأعمال التي ألفها تعبر عن قضية أساسية نعاني منها، أو تعاني منها المجتمعات البشرية بشكل عام، مثل رواية “الأيام”، كان يتحدث فيها بشكل أساسي عن ذكريات خبرها بنفسه، وهي من الذكريات الرائدة في هذا المجال.
كما أن طه حسين تحدث في “الأيام”، عن أوضاع المجتمعات بشكل أساسي، وأشكال من القهر والظلم الذي تعاني منه بعض الفئات المهمشة في المجتمع، وبالتالي فهو يعرض وكأنه سيسيولوجي، أو عالم اجتماع.
أيضا في روايته “دعاء الكروان”، والتي قدمها عن المرأة المصرية، وما تقاسيه من القهر والظلم، وبالتالي هو جزء من علم الاجتماع الذي يبحث في هذه القضايا، كان طه حسين يحلم بمساواة حقيقية، وليس مساواة على حساب الآخر.
وأردف “حجازي”: طه حسين مفكر نقدي لذلك وجد وواجه الكثير من الصعوبات والتحديات التي أدت إلي رفع الكثير من القضايا عليه.
ــ التعليم في رأي طه حسين هو أساس الثقافة
وبدوره قال الدكتور حسين علي حسن، أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بكليه الآداب جامعة عين شمس: الحديث عن طه حسين هو في الحقيقة حديث عن المستقبل، ذلك لأن هذا الرجل الذي حرمه الله من نعمة البصر، وهبه بصيرة نفاذة استطاع بها أن يخترق حجبا كثيفة نحو المستقبل، كما غرس فيه روحا وثابة متمردة سعت إلى الجديد لتتعلمه ولتستوعبه، ومن ثم كان تاريخ طه حسين، تاريخا متميزا استطاع فيه أن يفتح الباب لأفكار وممارسات جديدة أراد بها أن يضع شعبه على مشارف طريق النهوض والتقدم.
وتابع “حسن”: طه حسين مثله مثل الإمام محمد عبده وأحمد لطفي السيد، اهتم طه حسين بالتعليم كمفتاح للإطلاح الفكري والاجتماعي، وآمن بضرورة انتشار التعليم كمقوم للحياة الديمقراطية، فرأي أن الدولة ملزمة بنشر التعليم والاضطلاع بكافة شئونه.
إن التعليم في رأي طه حسين هو أساس الثقافة وهو كيانها، ولقد اهتم طه حسين بالتعليم اهتماما بالغا، فقام بعرض نظمه، وحدد مشكلاته، ووضع لهذه المشكلات حلولا. وقد أشار طه حسين إلي أهمية التعليم كأساس للثقافة وأكد علي أن التعليم هو السبيل العملي لأن يصبح المرء مثقفا، وكان يقصد التعليم الجاد الذي ينشئ عقلية مبدعة، فاحصة، ناقدة، لا التعليم القائم علي الحفظ والترديد والذي يكرس الجهل والتخلف والتزمت. ومن هنا جاء عنوان كتابه مستقبل الثقافة في مصر، وكان التعليم ومستقبله هو لب هذا الكتاب.
وشدد دكتور حسين علي حسن على: ولقد اهتم طه حسين برسم سياسة تعليمية متكاملة فوضع في كتابه مستقبل الثقافة في مصر، والذي صدر منذ أكثر من 80 عام، علي مفاتيح إصلاح التعليم. إن عميد الأدب العربي حين اختار هذا العنوان بالذات: مستقبل الثقافة في مصر، قد اختاره متعمدا وكان موفقا في هذا الاختيار. إذ تتبع طه حسين المعاني المختلفة لكلمة الثقافة، وركز علي مفهومها، وعلي تحديد أبعادها وملامحها. فكلمة الثقافة تتردد كل يوم علي الألسن وقليل منا يحققها في ذهنه شأنها في ذلك شأن ألفاظ كثيرة تنطق بها الألسن وتجري بها الأقلام وليس لها في نفس الذي ينطقون بها معني واضح أو صورة دقيقة. وعندما تناول طه حسين كلمة الثقافة، أعطاها عمقا علميا ومن ثم استقرت الكلمة عنده لتأخذ سمات متسعة ومتشعبة، فيصف طه حسين المثقف بقوله: “هو ذلك الإنسان الذي أخذ من العلوم والفنون بأطراف تتيح له أن يحكم علي الأشياء حكما صحيحا”.