استمرار فعاليات الأسبوع الثقافي بعدد من الجولات الأثرية
أقامت الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة المخرج هشام عطوة فعاليات اليوم الثاني للأسبوع الثقافى الفنى الثانى من خلال الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، برئاسة د.حنان موسى، وتنظمه الإدارة العامة لثقافة المرأة برئاسة د.دينا هويدى في إطار الاحتفاء باختيار منظمة الايسيسكو للتربية والعلوم والثقافة لمدينة القاهرة عاصمة للثقافة بين مدن وحواضر دول العالم الإسلامي للعام 2022.
بدأت الفعاليات بجولة تفقدية لطلاب كلية فنون جميلة والتطبيقية بحلوان داخل متحف جاير أندرسون أو "بيت الكريتلية"، أحد أقدم البيوت المبنية في العصر المملوكي الكائنة في حي السيدة زينب بالقاهرة، حيث قامت أمينة المتحف بشرح التاريخ الأثرى للبيت، وقالت إن المتحف يعتبر من أهم المتاحف أو البيوت الإسلامية التى بنيت فى العصر المملوكي فى حي السيدة زينب بوسط القاهرة، حيث يتمتع بتاريخ عريق يمتد لنحو 5 قرون، وطراز معماري إسلامي نادر الوجود، إضافة إلى مجموعة من التحف الإسلامية المميزة، و يتكون المتحف من بيتين، البيت الأول ويعرف بإسم بيت آمنة بنت سالم، وقد أنشأه المعلم "عبد القادر الحداد" عام " 1540 م - 947 هجريا"، والبيت الثاني بناه أحد الأعيان وهو محمد بن الحاج سالك بن جلمام 1631، وعرف ب بيت "الكريتلية" نسبه لسيدة كريتية وهى آخر من سكنته، وتم توصيل البيتين عن طريق قنطرة ربطت بين البيتين وأطلق عليهما بيت الكريتلية، وينفرد بخصوصية معمارية ليس لكونه يمثل الحقبة العثمانية فقط بل لوجود سمات نادرة الوجود فى العمارة الإسلامية فى ذلك الوقت منها وجود" سبيل" لسقاية الناس داخل البيت وليس بداخل مسجد أو جامع أو بناية إسلامية كما هو المعتاد فى العمارة الإسلامية، حيث كان خادم السبيل وكان يسمي "المزملاتي" بتقديم الماء للمارة من خلال البئر الموجود فى وسط السبيل، وهناك أساطير تدور حول البئر تقول إنه مسحور بحيث إن الشخص الذي ينظر في مياهه يجد وجه الشخص الذي يحبه، كما يوجد بعض التحف والقطع الأثرية النادرة من الصين، وإيران والقوقاز، و آسيا، والشرق الأقصى، وما يميز عمارة البيت هو تصميم مدخله على هيئة " المدخل المنكسر" وهى تعنى وجود مساحة تلي المدخل مباشرة ثم دهليز يفضي إلى صحن البيت، وهو نمط منتشر فى العمارة العثمانية للحفاظ على حرمة البيت وعدم كشفه على الضيوف و المارة.
وأضافت أما عن صحن البيت فهو فناء واسع تقع فى منتصفه تماما "فسقية"، وقد تم تصميم الفناء بطريقة تحفظ حرمانية اهل البيت فكل الطوابق والقاعات بالبيت تفتح على الصحن وليس إلى الخارج، وبالصحن قدور فخار بينها أصص لنبات الزينة والأشجار الصغيرة، المتحف يتكون من حوالى 29 قاعة وتعد كل منها لوحة فنية خاصة لما تتميز به من تصميم معماري إسلامي، وكعادة البيوت الإسلامية فى العصر العثماني ينقسم البيت إلى قاعة "السلاملك" وهى الخاصة بالرجال، وتنقسم إلى 3 أجزاء منها إيوانان موزعان على جانبي القاعة، ويحصران بينهما دركاة فى الوسط، وهذه القاعة مفروشة بالوسائد، والطقاطيق الخشبية الصغيرة المزخرفة بالعاج والصدف والأشكال الإسلامية، وجدرانها مزينة بالأشكال الفنية السداسية، وفى القاعة مجموعة من التحف بالإضافة إلى مجموعة من الصناديق الخشبية المطعمة بالعاج، أما "الحرملك" وهى قاعة مخصصة للنساء تطل على الفناء من خلال شبابيك أو مشربيات، وهى مفروشة بوسائد جميلة عليها تصاوير بالأسلوب الفارسى تصور مشاهد برية، وتحتوي القاعة على مجموعة من المقاعد الخشبية المطعمة بالعاج والمصفحة بالزجاج المفضض والملون.
وفي البيت غرفة صغيرة مخصصة للكتابة والقراءة، وأيضاً غرفة أخرى تحتوي على أثاث فارسي، وقد خصصها أندرسون لتكون غرفة للنوم وتسمي الغرفة "الفارسية"، وهناك الغرفة "التركية" التي تحتوي على صالون تركي، ومعلق بالغرفة صورة زيتية لمحمد علي مؤرخة “1806م، و لوحة زيتية أيضاً للخديو سعيد الذي حكم مصر من 1854 – 1867، وهناك الغرفة "الدمشقية" وهي عبارة عن غرفة مزخرفة بالكامل بزخارف نباتية وورود، وهناك رواق التصاوير والرسومات الذى يحتوي على مجموعة نادرة من اللوحات المرسومة بالطراز الإسلامي، بعضها يصور كتاب" الشاهنامة"، والآخر مجموعة من تصاوير الصيد والاحتفالات والمناظر الطبيعية، بالإضافة إلى أن البيت الثاني وهو بيت" آمنة بنت سالم" و يحتوي على قاعة لاستقبال الأميرات والهوانم، وبجوارها يقع رواق المغاني وهو رواق صغير تقام فيه الاحتفالات والغناء طولها حوالى 15 متراً.
أعقب ذلك جولة أخرى إلى بيت "الست وسيلة" وأوضح محمد كمال مفتش آثارأن بيت الست وسيلة من أهم البيوت التي تقع بالقاهرة، كما يعتبر من أهم المباني الإسلامية في مصر، ويتميز بروعة تصميمه، وروعة البناء، ويعتبر مثالا قويا وفريدا لعمارة المنازل في العصر العثماني، كما أنه موقع أثري ومركز للإبداع الفني والثقافي، إضافة إلى ذلك يضم "بيت الشعر العربي"، يقع بيت الست وسيلة في الأزهر على بعد مسافة قليلة من أقدم الجوامع والجامعات في مصر، مثل الجامع الأزهر، كما يقع ضمن مربع أثري حيث يجاوره منزل الهراوي، ويقابله يسارا منزل زينب خاتون، مدرسة العيني وسبيل وقلعة السلطان قايتباي، وتم إنشاء المنزل عام 1664 ميلاديا، ونسب إلى الست وسيلة خاتون بنت عبد الله البيضاء، وذلك الاسم يطلق على المعتوقات من الجواري، وهي معتوقة عديلة هانم بنت إبراهيم بك الكبير، وهي كانت آخر من يسكن المنزل، والتي توفيت في 4 مايو عام 1835 ميلاديا، تم إنشاء المنزل في سقف المقعد الصيفي للبيت الحاج عبد الحق وشقيقه لطفي، حتى توارد على المنزل ملاك كثيرون تركوا به أثرا تاريخيا هاما، فالبيت كان مصمما مثل معظم البيوت الإسلامية القديمة التي كانت تسعى للحفاظ على الخصوصية، وحرمة المنزل في مدخله الباشور أو المدخل المنكسر صمم بهذه الطريقة حتى لايجرح الضيوف أي ركن من أركان البيت، ثم يفتح بعد ذلك على الصحن أو الحوش والذي يحتوي على الحواصل أو الحجرات التي كانت تمثل مرافق المنزل، كما يضم الطابق الأرضي من البيت القاعة الرئيسية والتي تتكون من مرتفعين عن الأرض.
يضم بيت الست وسيلة نافورة على عمق 90 سم، أما سقف القاعة يضم فانوس خشبي مفرغ، لكي ينير المكان الذي يطل على القاعة الرئيسية مجموعة من المشربيات أو المغني، وهو المكان الذي كان يجلس فيه الكثير من النساء للاستماع إلى المطرب أو المغنى، أما فناء المنزل فهو فناء مكشوف يتوسطه مقعد من براطيم خشبية، كما يوجد في صحن البيت من اليسار سلم خشبي يؤدي إلى الدور الأول الذي يشمل المقعد الصيفي ويحتوي سقفه عدد من النقوش العثمانية، وكذلك يضم النص التأسيسي للمنزل، ويتصدر المقعد حائط به الكثير من الدواخل، قد كانت تستخدم كدولاب توضع فيه الملابس، أو أدوات الوضوء، كما توجد بأعلى الأرفف رسومات للمحراب للدلالة على اتجاه القبلة عند الصلاة، وإلى اليمين توجد قاعة النوم التي تضم رسومات الحرمين المكي والنبوي، ولوحة كبيرة لمدينة ساحلية ترمز إلى تركيا، والدور الثاني فيضم قاعة أخرى، وحماما يتكون من جزءين هما المغطس مكان الاستحمام والموقد الذي تشتعل فيه النيران لتسخين المياه.