ما تأثير القرار الأمريكى بزيادة الإنفاق الدفاعى على المنطقة العربية؟.. خبير يُجيب
صوّت مجلس الشيوخ الأمريكى، بالموافقة على مشروع قانون سياسة الدفاع السنوية، ليرسل بذلك التشريع الذى يقدر ميزانية الدفاع الجديدة بـ858 مليار دولار، إلى الرئيس جو بايدن لتوقيعه.
وعقب القرار الأمريكى بزيادة الإنفاق الدفاعي.. ما تأثير هذا على المنطقة العربية والشرق الأوسط؟.
قال هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، إنه من المعروف فى حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إن أهم ما يميز عام 2022، هو وصول حجم الإنفاق العسكرى العالمى إلى مستويات تاريخية لم تحدث فى أوقات سابقة، حيث وصل الإنفاق العسكرى العالمى إلى 2 تريليون و113 مليار دولار، وهذه نسبة تاريخية بزيادة قدرها 0.7٪ عن العام الماضى، وبالتالى هذا يشير إلى الأزمات الموجودة والإنفاق العسكرى والتوترات الامنية المحيطة بالعالم المعاصر .
وأضاف سليمان فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن قرار الولايات المتحدة بزيادة الإنفاق العسكرى بنسبة حوالى 45 مليار دولار ليصل حجم الإنفاق العسكرى هذا العام إلى 847 مليار دولار نسبة عالية جدًا، بزيادة 4.6% من المخصصات لرواتب العسكريين والجنود والضباط والإنفاق الخاص بالرواتب والمتحصلات وهذه نسبة كبيرة جدًا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
سليمان يكشف الأسباب وراء زيادة حجم الإنفاق العسكرى
وأوضح سليمان أن ارتفاع حجم الإنفاق العسكرى على المستوى العالمى أو على مستوى الولايات المتحدة، له أسباب مختلفة ويمكن هناك ثلاثة أسباب وراء هذا الإنفاق، الأول هو الحرب الروسية الأوكرانية، الثانى تنامى تجارة السلاح فى العالم وفقًا للأزمات العالمية والتسلح بهدف الردع أو غيره، والسبب الثالث هو زيادة المساعدات العسكرية ومخصصات الدعم للجانب الأوكرانى من الدول الغربية.. كل تلك الأسباب ساهمت فى زيادة ارتفاع الإنفاق الدفاعي بالنسبة للدول المختلفة.
وأشار سليمان إلى أن حجم الإنفاق العسكرى المتزايد فى تلك الآونة الأخيرة، أعتقد أنه اتجاه عالمي نظرًا لقيام بعض الدول التي تركز على التنمية والصناعة والتقدم العلمى مثل ألمانيا أنها تأخذ منحة مختلفة ومغايرة لمحاولة زيادة الإنفاق العسكرى التى أعلنت عنه حوالى مائة مليار يورو خلال العام الجارى لتصل إلى 2% من الناتج المحلى الإجمالى لليابان بدلًا من 1.5%، متابعًا: "وبصرف النظر عن التراجع الألمانى عن تلك الخطوة تكشف حجم التأزم الموجود وسعى تلك الدول لزيادة الإنفاق العسكرى والاستعداد إلى تدخلات عسكرية، وهذا التوجه الألمانى أعقبه إعلان يابانى آخر، أحدث القلق فى بحر الصين الجنوبى والجانب الصينى بزيادة الإنفاق العسكرى إلى 315 مليون دولار، على خمس سنوات بمعدل زيادة 63 مليارًا كل عام، وهي نسبة تجعل الإنفاق العسكرى يصل إلى 2% من الناتج المحلى الإجمالى لليابان التى هى بصدد زيادة معدلات الإنفاق العسكرى على مستوى العالم وخاصة الدول الكبرى وينظر إلى إمكانيات التصعيد إلى المواقف والمواجهات العسكرية التى ستحدث فى حالة توتر بالنظام الدولى وحالة تأزم حقيقى فى العديد من الملفات.
وتابع سليمان: "بالعودة إلى الإنفاق العسكرى لواشنطن أعتقد أنه نابع من زيادة المخصصات والرواتب الخاصة بالعسكريين بجانب الرغبة فى الإنفاق على مشروع الصاروخ النووى الأمريكى الذى وجهت إدارة بايدن بإلغائه، ولكن أعتقد أنه سيتم تخصيص العديد من الموارد لإجراء التجارب والإنفاق على هذا المشروع الذى سيساعد فى تشغيل 12 سفينة حربية كان من المفروض أن تخرج عن إدارة السلاح البحرى الأمريكى وهذا من شأنه إعادة بناء الترسانة الأمريكية وزيادة الدعم للمشروعات العسكرية الأمريكية".
وأشار سليمان إلى أن هذا التوجه يحفز ويعطى مؤشرات دعم الولايات المتحدة لنفوذها فى الشرق الأوسط ربما من خلال سلاح البحرية الأمريكية، ويجعل هناك دعمًا عسكريًا للقوات الأمريكية ربما لمواجهة أى تداعيات أو تصعيد خاص بالأزمة الأوكرانية، مضيفًا أن هذا من شأنه زيادة مساحات التوتر وعدم اليقين فيما ستسفر عنه المواجهات على مستوى الأزمة الأوكرانية، وهذا ينظر الى مساحات من التصعيد وعدم الاستقرار يشهدها المجتمع الدولى.
واختتم سليمان تصريحاته: "بالتأكيد زيادة الإنفاق الأمريكي لها تداعيات على المنطقة، لأنها توحى بمزيد من التدخل الأمريكى فى الشرق الأوسط والأسطول الخاص بأمريكا ربما يكون نافذة لإعادة الانخراط مرة أخرى عن قرب فى العديد من القضايا والأزمات الدولية، ومحاولة التواجد بشكل أكثر كثافة لتحقيق مصالح الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن هذا من شأنه زيادة التوتر على الوضع الدولى والتى تؤثر على الاقتصاد والعلاقات الدولية وحالة الاستقرار خلال الفترة المقبلة، وبالتالى أعتقد أن له تداعيات فيما يخص المنطقة العربية باعتبار أن هناك العديد من الملفات المعقدة فى الشرق الأوسط التى هى محل استقطابات وتدخلات ونزاعات بين القوى المختلفة، يؤزم المواقف وستكون له تداعيات سلبية أكثر منها إيجابية.