خبراء يكشفون لـ«الدستور».. ماذا بعد القمة الصينية العربية؟
قال منيف الملافح، أستاذ العلوم السياسية السعودية، حول السيناريوهات المتوقعة ما بعد القمة العربية الصينية، إن الزيارة التى قام بها الرئيس الصيني للمملكة العربية السعودية وأسفرت عن ثلاث قمم؛ القمة العربية الصينية والخليجية الصينية والسعودية الصينية، يمكن وصفها بالزيارة التاريخية التي أسست لحدث مفصلي ومهم في طبيعة العلاقات العربية الصينية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنها "بلا شك زيارة اقتصادية بالدرجة الأولي، والصين شريك للعرب في الناحية الاقتصادية والاستثمارية، والصين لها مواقف مشرفة مع العالم العربي، ابتداءً من إدانة الغزو أو العدوان الثلاثي على مصر والاعتراف بالثوار في الجزائر، وساندت الثورة ضد استعمار فرنسا، ولها مواقف مع الدول العربية جيدة بسبب أن الصين دولة لها سياسة مستقلة تركز على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وهذا المبدأ فى الحقيقة يجعل هناك نوعًا من التقارب في وجهات النظر وفي المواقف بين الصين والعرب".
طريق الحرير الذي يربط الصين بوسط آسيا
وتابع: "ولا ننسى العامل الآخر، أن بداية التجارة بين الصين والجزيرة العربية ودول الشرق الأوسط، والتى لها تاريخ قديم يعتمد عليه، عن طريق الحرير الذي يربط الصين بوسط آسيا للشرق الأوسط مرورًا بأوروبا، كل هذه العوامل كون السياسة الصينية متزنة ومعتدلة جعل من القمم الخروج منها بنتائج عنوانها الرئيسي التعاون والتنمية في الوطن العربي والصين، وهي علاقة مبنية على المشاركة والفائدة لكل الأطراف، وهذه العلاقة الاستراتيجية التي بدأت فى الارتفاع في السنوات الأخيرة، والبيانات الأخيرة للقمم ركزت على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وركزت على الرؤية المستقبلية لتكوين شريكات على المدى البعيد للعالم العربي، وهذا سيعود بالفائدة علي كل الأطراف ويؤدي إلى نمو اقتصادي عربي ينعكس بدوره على رفاهية المواطن العربي عندما ينتعش هذا الاقتصاد بفضل التجارة البينية وبفضل الشريعة الاستثمارية التي تقوم بها الدول العربية فى الصين، والصين في الدول العربية".
وقال: أعتقد أن الزيارة كانت ناجحة في مجملها، عطفًا على النتائج التى خرجت بها، والصين كما هو معروف دولة لم تكن استعمارية ولا تتدخل في شئون الدول مثل الدول الغربية، ولا تملي شروطًا في التعامل مع العالم العربي في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وأيضًا هناك تاريخ مشترك يربط الصين ببعض الدول العربية، وأيضًا كلا الطرفين تعرض للاستعمار والصين تعرضت للاستعمار الإنجليزي وثم الاستعمار الأمريكي والتدخلات الأمريكية بشكل مباشر وعزل تايوان واستقلالها، وبعض الدول العربية تعرضت للاستعمار الإنجليزي والفرنسي، وبالتالي هذه العوامل المشتركة جعلت من التقارب أكثر ومبني على الثقة والتطلع لمستقبل مشرق من خلال اتفاقيات الشركة وتبادل التجارة والاستثمار والتكنولوجيا، والاستفادة للطرفين في مجالات الطاقة والنفط خصوصًا الدول الخليجية المصدرة للنفط، وفى نفس الوقت يستفيد العالم العربي من التطور في الصين، من تقنية وتكنولوجيا ومجالات متعددة، ومن الناحية السياسية، ينعكس ذلك على الصين في التعامل مع القضايا العربية والوقوف إلى جانب العرب في المحافل الدولية.
قمة فريدة من نوعها ومحاور أمريكا وأوروبا والصراع الروسي الأوكراني
من جانبه، قال فهد الشليمي، المحلل السياسي الكويتي: "أعتقد أن القمة الصينية الخليجية العربية قمة فريدة من نوعها، والسبب ليس القمة نفسها بل سببها الحضور للقمة؛ لأن المشهد الدولي به عدة محاور أمريكا وأوروبا وأوكرانيا، ومحور روسيا وبيلاروسيا وإيران والشيشان، وهناك محاور أخرى لم تكن في هذا الصراع، وهي المحور الصيني، وهو محايد نوعًا ما، والمحور العربي أيضًا متفرج ومحايد ولا أحد يريد أن يدخل في سياسة مطحنة المحاور، وأن يكون بين فكي المحاور، ولذلك أتت القمة العربية الصينية.
وأضاف في تصريحاته لـ"الدستور": "أن النقطة الثانية أن الصين تحتاج لهذا التعاون والسياسات الأوروبية تضر باقتصادات الصين، والاقتصاد الصيني يخدم الاقتصاد العربي، والصين بلد كبير ولا تتدخل في الشئون الداخلية للدول، والصين تريد شركاء جددًا بدلًا من الأوروبيين وأمريكا، ولذلك أتت القمة وأتى الرئيس الصيني بعقل مفتوح وقلب مفتوح للعرب، وأكد في بيانات عديدة على التعاون العسكري والفضائي والطاقة والاستثمارات المتبادلة وإنشاء مناطق اقتصادية مشتركة، ومن يملك المال خارج أوروبا هم الدول الخليجية النفطية، وهي دول لا تريد أن تكون معرضة لابتزاز حلفائها مثل الأوروبيين والأمريكيين، وأمريكا في السنوات العشر الأخيرة تريد أن تفرض أجندتها الداخلية علي الشأن الداخلي للدول الخليجية والعربية، وبالتالي أعتقد أن السعودية قامت بمناورة سياسية ودعم عربي كبير، وأنه هل هناك مخرج حقيقي واتفاقيات استراتيجية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم والصين، ويحتاج اقتصاديات الدول الإقليمية والموارد النفطية والغاز، وخصوصًا في الطلب المتزايد على الطاقة، وكان هناك توافق".
وأشار إلى أن "سلاح النفط والتزام مجموعة أوبك بلس أحد كروت المناورة السياسية، وأحد أعمدة التوازن الاقتصادية، والدول الأوروبية عندما كان سعر النفط 19 دولارًا لم تتحرك، وقالت السوق مفتوحة، ولكن عندما وصلت الأسعار إلى 100 دولار بدأوا فى الحقيقة يتحدثون عن الارتفاع الضخم والارتفاع المبرر، وهم يريدون مصالحهم وشركاء أوروبا شركاء غير عادلين، ويريدون مصلحتهم فقط، وأعتقد الدول الخليجية المصدرة للنفط تريد أن تصحح الوضع وتقرع جرسًا للتنبيه للإدارات الغربية القادمة في أن عدم الالتزام بالشراكة يؤدي إلى شركات جديدة مع الصين أو أي لاعب آخر لا يدخل في سياسة المحاور الخاصة بهم".
وأضاف أن المملكة العربية السعودية كانت موفقة، والحضور العربي الكبير ممثل في مصر والعديد من الدول العربية كان له زخم ودافع للتعامل مع الصين، والعبارة التي استخدمها الرئيس الصيني كانت تدل على التفهم الكامل لشركاء المستقبل الجدد، سواء على المستوى السياسي وهي القضية الفلسطينية أو على مستوى قضايا النفط والتعامل مع دول الخليج.
وتابع: "أوروبا تريد سقف سعر للنقط بحدود 70 أو 60 دولارًا للبرميل، وأعتقد أنه سوف يكون هناك رد من أوبك لأنهم سوف يبدأون بروسيا والدول الأخرى، وسوف نشاهد موقفًا موحدًا تامًا لدول أوبك بلس 1، وسترتفع أسعار النفط مستقبلًا في حال تم الاتفاق، والبيان الذي ظهر من المجموعة الخليجية يؤكد أن هناك ارتفاعًا لأسعار النفط بالرغم من عدم زيادة الإنتاج، وهل سوف يزعج القرار أمريكا وأوروبا؟.. بالتأكيد سوف ينزعجا من القرار، وبالتالي يكون هناك لاعب مستفيد وهو روسيا أيضًا".
وأكد أن "المقصد من تحديد سقف لسعر النفط، وهو حرمان روسيا من عائدات بيع النفط، باعتبار التسعير ويؤثر على اقتصادهم بالسلب، والروس سيكونون مجبرين للتعامل مع دول أوبك ومصلحتهم أن يكون سعر النفط عاليًا".
الشراكات الاستراتيجية
أبرز نتائج القمة العربية الصينية وطبعًا البيان المشترك في ختام القمة السعودية الصينية، وذلك بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية، وفي إطار تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين المملكة والصين.
ووقع الملك سلمان والرئيس الصيني على اتفاقيات الشراكة بين المملكة والصين، وأشاد الجانبان بما تحقق منذ زيارة الرئيس الصينى للمملكة في يناير 2016 وزيارة الملك سلمان للصين في مارس 2017، وزيارة ولي العهد محمد بن سلمان في فبراير 2019 من نتائج وإيجابيات مثمرة ساهمت في توسيع آفاق التعاون بين البلدين في شتى الجوانب.
وفي الشأن الثنائى اتفق الجانبان على إعطاء الأهمية للعلاقة السعودية الصينية، ووضع نماذج للتعاون والمنفعة المتبادلة، والكسب المشترك للدول النامية، وأعرب الجانب الصيني عن إنجازات المملكة التي حققتها في مجالات التنموية في إطار رؤية المملكة 2030، وأكد الجانبان على مواصلة الجوانب الجوهرية في دعم كل جانب للآخر دون تدخل في الشئون الداخلية، والحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه، وأكد الجانب السعودي على مبدأ الصين الواحدة.