قبل فصل الشتاء.. هل تُنهي الأزمة الاقتصادية ومعاناة الشعوب وحدة الاتحاد الأوروبي؟
أكد تقرير صادر من مركز "جورج تاون للمراجعات والدراسات" الأمريكي، أن المستهلكين في أوروبا يشعرون بألم مستويات التضخم المرتفعة التي لا تظهر أي بوادر للتراجع، حيث تلوح أزمة طاقة متوقعة في الأفق مع اقتراب فصل الشتاء، كما اندلعت الاحتجاجات والإضرابات المتعلقة بارتفاع تكاليف المعيشة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وتابع التقرير، أن معظم المطالب في أوروبا تركز معظمهم على مطالب زيادة الأجور، لكن البعض استهدف العقوبات الروسية وعدم كفاية المساعدة الحكومية في مواجهة الصعوبات الاقتصادية، وأصبح العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي متخوفين من العقوبات وحذروا من مخاطر الوضع الاقتصادي الحالي على مستقبل الاتحاد الأوروبي، كما أن تصاعد السخط المحلي والضغط الذي يمارسه على الحكومات يهدد أيضًا باختيار الدول اتخاذ إجراء أحادي الجانب استجابة للأزمة الاقتصادية، مما يهدد بقطع وحدة الاتحاد الأوروبي.
تدهور الوضع الاقتصادي
وبحسب التقرير الأمريكي، فإن الوضع الاقتصادي في أوروبا أصبح شبه كارثي، حيث وصل التضخم في شهر أكتوبر الماضي إلى مستوى قياسي في دول منطقة اليورو التسعة عشر، فسجلت ألمانيا 11.6٪ وإيطاليا 12.8٪ وفرنسا 7.1٪. وكان ارتفاع أسعار الطاقة (41.9٪) والغذاء (13.1٪)، واستجابة للتضخم، يقوم البنك المركزي الأوروبي بزيادة أسعار الفائدة، مما يضغط على الشركات وأعضاء الاتحاد الأوروبي الذين لديهم ديون عالية، مثل إيطاليا، من خلال زيادة تكاليف الاقتراض.
وبينما شهد الاتحاد الأوروبي نموًا بنسبة 0.2٪ في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث، يتوقع الاقتصاديون أن الركود وشيك، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء، بالإضافة إلى ذلك، حذر صندوق النقد الدولي من أن دول أوروبا الوسطى والشرقية قد تعاني من "نقص وتقنين وخسائر في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 3 في المائة"، فضلاً عن زيادات أخرى في التضخم في جميع أنحاء القارة، إذا قامت روسيا بقطع حدودها تمامًا. الغاز إلى أوروبا.
وأكد التقرير، أن الأزمة المالية الكبرى الأخيرة التي واجهها الاتحاد الأوروبي توفر معاينة محتملة لما سيأتي، فخلال فترة الركود العظيم، كادت منطقة اليورو أن تنهار، وتطلب من أعضاء منطقة اليورو الجنوبية عملية إنقاذ من قبل الأعضاء الشماليين، الذين ربطوا سياسات التقشف الإجبارية بخطة الإنقاذ، مما أثار صراعًا بين المجموعتين أعاق تعاون الاتحاد الأوروبي لسنوات عديدة، ولا يزال الأعضاء الذين تلقوا عمليات الإنقاذ مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا من بين أعلى الديون كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بين أعضاء الاتحاد الأوروبي ، مما يضعهم في وضع اقتصادي غير مستقر بشكل خاص.
وتابع أن تكرار أزمة الديون السيادية الأوروبية من شأنه أن يزيد من توتر هذه الاقتصادات وعلاقاتها مع أعضاء الاتحاد الأوروبي الأغنى، مثل ألمانيا، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يدرك هذا الخطر ويفكر في اتباع نهج أكثر تساهلاً وأقل تقشفًا في التعافي الاقتصادي، ومع ذلك، فإن التغييرات المقترحة ليست مضمونة، وأبدت ألمانيا تحفظات، مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات مع بقية الاتحاد الأوروبي.
ضربة قوية
وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فهذه لحظة محورية بالنسبة لأوروبا، حيث تهدد أزمة الطاقة العالمية بتوجيه ضربة قوية لقطاعات واسعة من صناعتها وتقويض قدرتها بشدة على المنافسة على المسرح العالمي، وفي الوقت نفسه، يتعين على المنطقة أن تتعامل مع تداعيات الخطوات الرئيسية التي تتخذها الاقتصادات الرائدة الأخرى في سياساتها الصناعية الخاصة.
وتابعت أن قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة هو مغير لقواعد اللعبة، حيث يوجه مئات المليارات من الدولارات لبناء صناعات الطاقة والتصنيع في المستقبل، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة ليست وحدها في متابعة مثل هذه الجهود الضخمة، فقد كانت الصين متقدمة على المنحنى في تطوير التصنيع المحلي لتقنيات الطاقة النظيفة، في حين أن دولًا مثل اليابان وكوريا والهند تدفع أيضًا إلى زيادة الاستثمار والدعم في هذا الاتجاه.
وأضافت أنه قبل فصل الشتاء على الاتحاد الأوروبي إعادة تقييم استراتيجيته الصناعية بهدف تهيئة اقتصاد المنطقة لتحقيق نمو جديد في العقود المقبلة. وضعت حزمة الاتحاد الأوروبي Fit for 55 وخطة REPowerEU الطريق لانتقال الطاقة النظيفة الشامل للكتلة، لكن حجم الإجراءات التي يتم اتخاذها في أماكن أخرى ، والتداعيات الهائلة لأزمة الطاقة في أوروبا، يستدعي استراتيجية صناعية جديدة جريئة في الاتحاد الأوروبي.