رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جشع بعض التجار.. والتلاعب بالأسعار

 من المؤكد أننا جميعًا لاحظنا فى الأشهر الأخيرة أن الشعب المصرى يعانى من تذبذب الأسعار وارتفاعها بشكل مبالغ فيه وبشكل متصاعد لمعظم السلع الضرورية، ورغم أن هناك حالة من التنبيه على التجار بعدم التلاعب بالأسعار، فإننا نقف أمام هذه الظاهرة الجديدة التى تدعو للقلق، وأتمنى أن نجد لها حلولًا فى القريب العاجل.
وتأتى ظاهرة التلاعب بالأسعار بسبب جشع بعض التجار، فمنذ منتصف أغسطس الماضى بدأ التلاعب بأسعار السلع الغذائية الأساسية منها «البيض ثم السكر ثم الزيت ثم الأجبان المصرية بأنواعها»، ورأينا شكاوى من السيدات والرجال على مواقع التواصل الاجتماعى بشأن ارتفاع الأسعار المفاجئ والكبير خلال أشهر الصيف، ورغم أنه كانت هناك دعوات ونداءات من المواطنين تناشد التجار عدم رفع الأسعار على المواطن العادى، فإنه للأسف لم تحدث استجابة، واعتقد المواطن العادى أن هذا سيستمر خلال أشهر الصيف فقط، إلا أنه مع انتهاء أشهر الصيف لم ينته هذا.
أما الذى أتوقف عنده اليوم فهو، تحديدًا، مشكلة التلاعب بالسلع الأساسية والضرورية حتى يرتفع سعرها، فقد وجدنا سلعة غذائية أساسية فى الحياة اليومية للمواطن المصرى، مثل الأرز، قد ارتفع سعرها بشكل مبالغ فيه مع حلول الشهر الماضى، ثم اختفى الأرز تمامًا من معظم المحلات والأسواق منذ يومين، وما يتساءل عنه المواطن هو: لماذا هذا التصاعد المستمر بلا حدود فى الأسعار؟ وهنا أعتقد أنه ينبغى أن أتوقف لرصد ظاهرة سيئة تمس كل بيت، وهى جشع التجار والتلاعب بأسعار كثير من السلع الأساسية.
وهنا فإننى أتمنى أن تتمكن الدولة من أن تشدد الرقابة على الأسواق فى السوبر ماركت ومحلات الأغذية اليومية. حيث يبدو أن اختفاء الأرز مرة أخرى مع شهر ديسمبر فى الأيام الأخيرة يعود إلى رغبة التجار فى رفع سعره مرة أخرى، اليوم أنا أتحدث عن الأرز؛ لأنه أحد الأمثلة الصارخة التى شعر المواطن باختفائها فى الأيام الأخيرة، ولهذا فإنه من الضرورى أن تقوم الدولة بتشديد الرقابة على الأسواق بشكل أوسع وأكثر حزمًا هذه الأيام، حيث إن موسم رأس السنة قد اقترب وأعياد المسيحيين والكريسماس، ثم إن شاء الله شهر رمضان المبارك.
وهنا أتوقف أيضًا عند دور المواطنين، حيث إن هناك عادات غذائية يمكن لهم أن يغيروا أو يعدلوا منها؛ ليتمكنوا من تحجيم تلاعب التجار بها، فمثلًا يمكن أن نستبدل الأرز كغذاء يومى فى معظم البيوت بغذاء آخر مثل المكرونة أو الخبز، فهناك بعض الدول لا يأكل أهلها الأرز ولا يعرفونه، وهذا راجع إلى العادات الغذائية لكل شعب، فنحن على سبيل المثال فى بلدنا فإن غالبية الأسر العادية المصرية لديها أطباق يومية رئيسية، على رأسها الأرز لأنه غذاء متوسط السعر أو لم يكن مرتفع السعر من قبل حتى وقت قريب، وأيضًا الفول ومشتقاته والخبز والعدس والبيض والجبن.
ومن هتافات ما أطالب به الآن المواطنين فى ظل ارتفاع الأسعار أن نبدأ فى أداء واجبنا كمواطنين فى مواجهة هذا التلاعب المتواصل الذى بدأ مع الصيف الماضى فى منتصف العام ونؤكد أننا قادرون على تثبيت الأسعار وأن لدينا عزيمة لتفعيل ذلك كما أن لدينا خيارات أخرى.. فمثلًا إذا اختفى الأرز فيمكن استبداله بالمكرونة بأنواعها العديدة، فهنا سيجد التاجر أنه ليس هناك طلب عليه فيبدأ فى عرضه بسعر أقل، وهنا أتوقف أمام دور الدولة ودور المواطنين للتصدى لجشع التجار وتلاعبهم بالسلع وبالأسعار، فأولًا: 
- أتمنى أن تقوم الدولة بتشديد رقابتها على الأسواق وتطبيق الجزاءات القانونية على التجار الذين يتلاعبون بالأسعار وبأقوات الشعب، أما دور الموطن فإنه انطلاقًا من المسئولية المجتمعية فإنه يمكن أن يقاطع السلعة التى ارتفع سعرها وبشكل مبالغ فيه، ويمكنه أن يكون صاحب المبادرة بتشجيع معارفه وأصدقائه على استبدال السلعة التى تم رفع سعرها بشكل مبالغ فيه نتيجة رغبة التجار فى الحصول على مكسب كبير على حساب المواطن- بسلعة بديلة.
من ناحيه أخرى، فإن هناك دورًا أساسيًا ومحوريًا للمرأة المصرية التى كانت دائمًا صمام أمان لاستقرار وأمان الوطن ولها الآن دور محورى لتكون صمام أمان لبيتها بأن تتصدى للتلاعب بالأسعار وجشع التجار بمقاطعه السلع التى رفعوا سعرها بشكل مبالغ فيه، وأن تشترى سلعًا غذائية بديلة وفقًا لميزانيتها وقدرتها المادية.
وأشدد على دور الأم أو ربة البيت لأن نساء مصر كن دائمًا فى الصفوف الأولى لخدمة الوطن والحفاظ على استقراره وسيظل دورهن الوطنى حاضرًا وشجاعًا حينما ينادى الوطن، ويمكن أن يرتفع صوت سيدات البيوت بالاستغناء عن الأرز، هكذا سنجد أنهن سيسهمن فى تثبيت الأسعار بمبادرة منهن فى مقاطعة السلع التى تم التلاعب بها، ولقد قمت بتجربة مقاطعة الأرز فى بيتى حيث قمنا باستبداله بأنواع أخرى من السلع الغذائية فلم نلحظ فارقًا يذكر بافتقاد الأرز.
وإذا ما نظرنا إلى الدول الأخرى فى أوروبا مثلًا، فسنجد أن سلوكيات المواطنين هناك مختلفة عنا كثيرًا فى هذا الصدد، حيث لا تكالب على السلع هناك إذا ما ارتفع ثمنها بعكس ما يحدث عندنا من سلوكيات متكالبة على السلع المختفية أو القليلة، فنجد زحامًا شديدًا على السلعة القليلة أو الشحيحة فى السوق أو التى سرت شائعة باختفائها، وبذلك يتم حرمان أسر أخرى منها بالتكالب على تخزينها، ومن الخطوات الإيجابية التى قامت بها الدولة فى السنوات الأخيرة للتصدى لنقص السلع أو ارتفاع أسعار بعضها وللتيسير على المواطنين فتح منافذ فى أحياء كثيرة للمواد الغذائية وبأسعار معتدلة.
وهى خطوة كانت لدعم المواطن الذى من الطبقة المتوسطة أو الفئة الأكثر احتياجًا، وهنا فإننى أطالب الدولة بمضاعفة عدد المنافذ قبل حلول شهر رمضان المبارك حتى تتصدى الدولة بشكل حاسم وفعال لارتفاع الأسعار وجشع التجار مع قرب موسم رأس السنة وأعياد المسيحيين ثم حلول شهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك. 
من ناحية أخرى، فإننى أطالب المواطنين بأن يعلنوا صوتهم بمواقع التواصل الاجتماعى بمقاطعة سلع تم رفع سعرها بسبب جشع التجار، حيث إن هذه المواقع أو صفحات التواصل الاجتماعى هى مؤشر عام لسلوكيات المواطنين وآرائهم ومواقفهم وأيضًا مواقع الإنترنت، وهناك أيضا دور مهم منوط بالإعلاميين الوطنيين يتمثل فى رفع درجة وعى المواطن بدوره المطلوب فى مواجهة جشع التجار، ولنبدأ بمقاطعة الأرز وعدم التكالب عليه واستبداله بسلع أخرى بديلة على موائدنا، وتقديم برامج توعية للمواطنين بالسلوكيات الصحيحة، وأطالب الدولة أيضًا بتقديم الحقائق للشعب حتى لا يروج المغرضون شائعاتهم المغرضة.
وصحيح أن المواطن العادى يريد أن يرى ثمار الاستقرار، إلا أنه فى المقابل يرفض أن تتحكم فئة ما فى قوت يومه أو أن تجنى مكاسب هائلة على حساب حرمانه منها، ومن الضرورى من ناحية أخرى أن تقوم الدولة أيضًا بالرقابة على توافر ألبان وأغذية الأطفال منعًا لتلاعب التجار بها، وأيضًا توفير الأدوية للأمراض المزمنة، إن هناك فئة من التجار أصابها الجشع والرغبة الجامحة فى الكسب السريع على حساب المواطنين.
وهناك فى تقديرى تجار آخرون من المؤكد أنهم يتبعون تيارات ظلامية معينة تريد أن تجعل الدولة فى نظر المواطن عاجزة عن توفير السلع له، لذلك فإننا نناشد التجار المخلصين أن يتجاوبوا مع نبض الجمهور ومصلحة الشعب المصرى الذى يساند القيادة السياسية، والذى يدرك أنها قيادة وطنية واعية شجاعة تحرص على مصالح المواطن العادى، وأطالب التاجر الوطنى والمخلص للوطن بأن يشارك فى رفع العبء والمعاناة على المواطنين وأن يكون الكسب معتدلًا والسعر مقبولًا دون مغالاة ودون الإضرار بالمواطنين، وهناك أرقام تليفونات نرجو أن توفرها الدولة لاستقبال شكاوى المواطنين فى حالة وجود سلعة مخالفة للأسعار التى تعلنها الدولة أو مخالفة للمواصفات اللائقة للسلعة الغذائية الأساسية وحتى يشعر التاجر الفاسد أو الملتوى بأن الدولة تقف له بالمرصاد.
إننا نريد أن تضرب الدولة بيد من حديد على التجار الجشعين الذين يتلاعبون بالسلع ويضعون أسعارًا باهظة ومبالغًا فيها وفساد الذمم بفرض جزاءات على المخالفين بالنسبة للأسعار من التجار أو كشف المتلاعبين فى الأسواق وتوقيع الجزاءات القانونية عليهم، بحيث تعود الأسعار إلى وضعها الطبيعى، وحتى يحس المواطنون بدعم الدولة لهم وحتى يقوموا بدورهم فى حفظ الاستقرار والتصدى لانحرافات التجار والبُعد عن السلع التى يتلاعب بها التجار، وحتى تكون الدولة والشعب يدًا واحدة فى هذه القضية المتعلقة بحياته اليومية، وأن يشعر المواطن بأن الدولة قادرة على توفير احتياجاته اليومية الأساسية كالغذاء والدواء بسهولة ويسر، حتى تتمكن المرأة المصرية من أن تواصل دورها الوطنى كحائط صد يقف فى الصفوف الأولى لدعم الدولة والقيادة السياسية والاستقرار فى السنوات الأخيرة.