وزير الخارجية البحرينى: الصراعات الخارجية أسهمت فى زيادة أزمات المنطقة
أكد الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية البحريني، أن الصراعات الخارجية والمنافسة بين الدول الأجنبية أسهمت إلى حد كبير في تشكيل الشرق الأوسط الحديث، وزيادة التحديات والأزمات التي تعيشها المنطقة.
وقال إنه نظرًا للأهمية الجيواستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط فإنه من المرجح أن يستمر تركيز القوى الخارجية وتدخلها المباشر في شئون المنطقة في المستقبل المنظور، محذرًا من أن الخلافات بين دول المنطقة يمكن أن تكون بحد ذاتها حافزًا للدول الأجنبية للانخراط في قضايا المنطقة لتعزيز مصالحها الخاصة، عبر الدعم المباشر للأطراف المختلفة في الخلافات أو النزاعات الإقليمية.
جاء ذلك لدى مشاركته، في الجلسة الحوارية الثانية لمؤتمر حوار المنامة التي عقدت اليوم بمشاركة كل من بيكا هافيستو، وزير خارجية جمهورية فنلندا، وتوبياس ليندر وزير الدولة للشؤون الخارجية في جمهورية ألمانيا الاتحادية، تحت عنوان "تأثير النزاعات خارج المنطقة على الوضع الأمني في الشرق الأوسط".
وقال الزياني، إن هذا المؤتمر، وسط الاضطرابات العالمية المستمرة، هو فرصة للمشاركين للتأكيد، كما فعل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان لمملكة البحرين، على الدور المحوري للحوار السلمي في منع النزاعات وحلها، مشيرًا إلى أن قداسة البابا وصف البحرين بأنها " نقطة التقاء للإثراء المتبادل بين الشعوب".
وأضاف أن منطقة الشرق الأوسط تتأثر بشكل فريد بالعوامل الخارجية التي تنعكس على الشؤون الداخلية للدول وعلى المنطقة بشكل عام، مشيرًا في هذا الصدد إلى الآثار الجانبية للصراع في أوكرانيا وتأثيراته على أسعار وإمدادات الغذاء والطاقة في العالم.
وقال إن القوى الخارجية مستمرة في استخدام القضايا الإقليمية كبديل لمنافساتها الخاصة على نطاق أوسع من خلال الدعم المباشر للأطراف المختلفة في الخلافات أو النزاعات الإقليمية، مشيرًا إلى إمكانية رؤية جهود متواصلة من قبل قوى خارج المنطقة لإشراك دول الشرق الأوسط، بشكل مباشر أو غير مباشر في صراعات خارجية.
وحذر من أن ترك تأثير هذه الصراعات الدائرة خارج المنطقة دون موقف حازم يمكن أن يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار الإقليمي، وقد يتسبب في نشوء بيئة مواتية للتهديدات الناشئة مثل الإرهاب والتعصب والتطرف، بما لها من تداعيات على دول المنطقة والجوار الإقليمي. وقال وزير الخارجية إن للقوى الخارجية دورًا مهمًا في تعزيز أمن الشرق الأوسط، من خلال الاستمرار في الضغط من أجل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقًا لمبدأ حل الدولتين، أو من خلال دعم اتفاق مبادئ إبراهيم ، تمامًا كما يوجد مجال أمام دول المنطقة للعب دور مبدئي وبناء في المساعدة على مواجهة التحديات الدولية.
ودعا وزير خارجية البحرين، دول المنطقة إلى التعامل مع هذا التحدي من خلال التركيز على ثلاثة مرتكزات أساسية تتمثل في الاتساق والتماسك والاتصال، الأمر الذي يتطلب الالتزام بمبادئ القانون الدولي وحل النزاعات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، وتعزيز التعاون الأمني لضمان مصالح دول المنطقة، وبناء شراكات مع الدول ذات التفكير المماثل في المنطقة وخارجها لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التحديات الأمنية.
وأكد أن الدبلوماسية هي الطريقة الوحيدة لتحقيق أهدافنا بشكل مستدام، وأن دول المنطقة والدول الأخرى، يجب أن تدرك الحاجة للتوصل إلى حلول سلمية وسياسية لجميع القضايا والنزاعات الإقليمية.
وقال الزياني، إن على دول المنطقة أن تعمل بلا كلل لمنع الصراعات قبل اندلاعها، ولإنهاء الحروب القائمة في أسرع وقت ممكن، وهذا هو الموقف الواضح والمتسق لمملكة البحرين ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، سواء بشأن روسيا وأوكرانيا، أو أرمينيا وأذربيجان، أو في اليمن، أو أي صراع آخر، مؤكدا سعادته على مركزية وضرورة الحل السياسي والسلمي لكل الصراعات الإقليمية.
وأضاف أن قيم الحوار والتعايش والاحترام المتبادل والتعاون قد عززت باستمرار السياسات الخارجية لمملكة البحرين، لأن المملكة تعتقد أن هذا النهج البناء هو أفضل سبيل لضمان السلام والأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم بأسره.
وفي الختام، شدد الوزير البحريني، على أن بعض التحديات التي تفرضها الصراعات والمنافسات خارج المنطقة على منطقة الشرق الأوسط، تتطلب العمل معًا على الصعيدين الإقليمي والدولي للتخفيف من آثارها، وهو ما أكده الملك خلال زيارة بابا الفاتيكان للمملكة، حيث شدد على أهمية الشراكات الدولية الفعالة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتجنب التصعيد والمواجهة وإعادة توجيه الجهود الدولية نحو معالجة هذه التحديات.