عبد الهادي السبيوي: التصوف يصحح المفاهيم الخاطئة لدى الشباب (حوار)
أكد الدكتور عبدالهادى السبيوى، الأكاديمى المغربى، عضو مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام والمنسق العلمى بالطريقة البصيرية الشاذلية بالمغرب، أن ملتقى "أهل التصوف والإشكاليات المعاصرة للطفولة والشباب" الذى نظمته الطريقة البصيرية هذا العام، وجه العديد من الرسائل الهادفة والإيجابية والتى تساهم بشكل أو بآخر فى حماية الشباب والنشء من كافة المخاطر المجتمعية التى لها تأثير سلبى فى بعض الأوقات.
وتابع "عضو المجلس الأكاديمي" أن ملتقى وندوة هذا العام، شارك فيه عشرات العلماء والشيوخ والباحثين المهتمين بالتصوف الإسلامى والدور الذى يقوم به هذا المنهج المعتدل فى حماية المجتمعات من الفكر المنحرف.
وأوضح “السبيوى” أن مؤتمر هذا العام نظمته الطريقة البصيرية التى يتراسها الدكتور مولاى أسماعيل بصير رئيس مؤسسة محمد بصير للابحاث والدراسات والإعلام، حيث كان لهذه الزاوية الصوفية دور كبير فى محاربة التطرف ونشر الفكر الإسلامى الصحيح.
لماذا تم اختيار "التصوف والطفولة والشباب" لكى يكون موضوعاً للندوة الدولية التى نظمتها الطريقة هذا العام؟
بالنسبة لموضوع هذا العام ارتأينا في مؤسسة محمد بصير للدراسات والإعلام، أن نؤكد على موضوع مهم جدا يلامس المستقبل ، فإذا كان البعض يعتقد أن التصوف يشتغل على الماضي وينحصر في الماضي ونحن في الطريقة البصيرية نشتغل على الماضي وعلى الحاضر وعلى المستقبل وكل أمة لا تاريخ لها لا مستقبل لها، إذن عندما نختار موضوع الطفولة فأننا ندق ناقوس الخطر على ما يحدق بشباب العالم في عالمنا الاسلامى اليوم، فالشباب اليوم بين مطرقتين، بين مطرقة الانحراف والانسلاخ عن القيم والمبادئ أو بين الارتماء في أحضان التطرف ولذلك يأتي التصوف كجواب علمي تربوي لهذه الإشكاليات التي يعاني منها شبابنا اليوم ونقدم من خلالها عملا إجرائيا نحن نمارسه في إطار مجموعة مدارس سيدي إبراهيم بصير للتعليم العتيق من خلال المناهج التربوية اليومية التي يشرف عليها شيخنا ومولانا إسماعيل بصير.
ما علاقة التصوف بتربية النشء والشباب؟ وماذا قدم التصوف للطفولة؟
صحيح كما قلنا أن الأساس في أي حركة، هو تصحيح المفاهيم، وعلماء التصوف قديما أسسوا وألفوا كتباً في الاصطلاح، لأن مصطلح التصوف أسيء إليه وظلم من طرف أهله ومن طرف الأغيار، والتصوف له دور كبير وهام فى تربية النشء وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الشباب، وهذا يشتغل عليه البعد التربوى الموجود فى التصوف، فعندما نأتى بالاطفال الصغار ونعلمهم مبادىء الدين الإسلامى الصحيح ونفهمهم ونعرفهم أمور دينهم فإن ذلك كله يكون له دور هام ومحورى فى تشكل وعيهم المستقبلى.
لكن ما علاقة التصوف بالطفولة والشباب؟
فى الواقع، أن التصوف في خلاصة وفي كلمة هو التربية والأخلاق فمن زاد عليك في الأخلاق فقد زاد عليك في التصوف ، إذن أي مدرسة تربوية سلوكية صوفية تتم بالأخلاق ، فإنها تنصرف أساسا إلى الفئات الأولى التي هي الأطفال ، من هو المريد؟ المريد في علاقته بشيخه هو تلميذ في علاقته بمعلمه ، والتلمذة ينبغي أن تبدأ في مقتبل العمر ولذلك ليس غريبا وليس بدعا أن تهتم الحركة الصوفية بالشباب والطفولة وتربيتهم وتنشئتهم التنشئة الصالحة ، لتقديم نموذجيين إنسانيين كما اصطلح عليه في المغرب بالمواطن الصالح ، صالح لمن؟ صالح لنفسه ولأسرته ولمجتمعه.
نود تسليط الضوء أكثر على المجاهد الصوفى المغربى محمد بصير في الذكرى الثانية والخمسين لانتفاضته؟
هذا السؤال لأنه مهم جدا، فلا ينبغي أن تنسينا المواضيع الأكاديمية والعلمية، الموضوع الذي من أجله نشتغل، وهو موضوع وقضية، المجاهد المغربى سيدى محمد بصير، بعض من يستمع يسميه بصيري، فهذا المجاهد الصحراوي المغربي، قُمِعَ واغتيل مرتين، اغتيل من طرف الاستعمار الإسباني، واغتيل من طرف بعض من يعتقدون أنهم أصدقاؤه أو أقرباؤه، ولكن في الحقيقة أساؤوا إليه، فمحمد بصيري هو نموذج لذلك الشاب الذي نشأ في الزاوية البصيرية ببني عياط بالأطلس المتوسط بقلب المغرب، ولد هنا وتربى في أحضانها، ثم انتقل إلى المشرق، ثم انتقل إلى الدار البيضاء، ثم انتقل بعد ذلك إلى الصحراء المغربية، لينشئ حركة تحررية هدفها ربط هذا الجزء العزيز من المغرب ببلده الأم، الوطن، المغرب، إذن هو مناضل هو مجاهد، هو مقاوم، قاوم الاستعمار وقاوم التطرف وقاوم العصبية ، وقاوم كذلك التقزيم والتقسيم ، للعالم الإسلامي ولذلك هذا ليس رمزا مغربيا ينبغي للعالم الإسلامي وجميع الدول التي تعاني من الحركات المتطرفة الانفصالية وعلى رأسها جبهة البوليساريو ، وعلى رأسها بعض الجبهات الانفصالية في بعض الدول العربية والإسلامية ، ينبغي أن تتخذ من هذا المقاوم المجاهد رمزا وأيقونة للوحدة ورص الصفوف .
ولكن المجهاد محمد بصير هل كان مريدا للزاوية أم هو مؤسس الزاوية البصيرية؟
نعم هو ابن الشيخ، الشيخ المؤسس سيدي إبراهيم البصير إذن هو تلميذ هو مريد، فهو طفلا من أطفال هذه الزاوية نشأ على التصوف ، حفظ القرآن أولا ثم ذهب إلى مصر الكنانة ، وتتلمذ هناك وتربى هناك على الفكر الذي كان منتشرا هناك ، فكر الوحدة والوحدوية ثم عاد إلى بلده ، لكي يطبق ما تلقاه في مصر وكذلك في الشام إذن هو ابن الزاوية، ابن الشيخ المؤسس.
نود الحديث عن دور الزوايا الصوفية أو دور الطريقة البصيرية في نشر الفكر الصحيح في داخل المغرب وخارجه؟
نعم ، بالنسبة للطريقة البصيرية الحمد لله ، الطريقة البصيرية مرت بمراحل متعددة مرحلة التأسيس ثم مرحلة البناء ومرحلة التوثب والاستراتيجية، التأسيس في عهد شيخها سيدي إبراهيم البصير ، بعد ذلك البناء في عهد الشيوخ الأوائل الذين خلفوا الشيخ، ولكن الآن نحن نعيش مرحلة التوثب مرحلة الاستراتيجية التي نهجها مولاي إسماعيل بصير ، فبفضل السياسة الرشيدة والفكر الثاقب والاستراتيجي البعيد لمولاي إسماعيل بصير، للذي لا يعرفوه ، فهو وارث السر لوالده مولاي مصطفي ووارث السر لشيخه مولاي حبيب ووراث السر لشيخه مولاي عبدلله ووارث السر كذلك لمحمد بصيري المناضل، فالطريقة البصيرية الآن امتدت في فروعها المتعددة لها الشق التربوي والتعليمي في المدارس العتيقة لها، الشق الأكاديمي في مؤسسة محمد بصير، ولها الشق التربوي بالزاوية، ورأيت أمس أنك حضرت معنا كيف حضر المريدون؟ وهؤلاء بعض المريدين فقط ولذلك الزاوية البصيرية والطريقة البصيرية ممتدة في المجتمع المغربي طيلة العام ليس كمثل بعض مؤسسات الزوايا أو الروحية للزوايا التي تشتغل بالمناسبات بالموالد، هي تشتغل لعام كامل وعلى قضية محورية هي قضية الصحراء المغربية والوحدة الترابية.
لكن ماذا عن الدور الذي يقوم ملك المغرب في دعم الزوايا الصوفية.. ما هذا الدور وكيف تراه؟
أشكرك مرة أخرى على السؤال الذكي، أرض المغرب هي أرض الأولياء وأرض المغرب تنبت الأولياء كما تنبت الأرض الزرع وعلى رأس الأولياء جلالة أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله وأيده هذا الرجل وهذا القائد، أنا اعتبره ويعتبره جميع المغاربة وبالاجماع، على أنه هبة من الله سبحانه وتعالى، إذا كان والده المغفور له الحسن الثاني قد بنى المغرب، فإن محمد السادس قد أسس المغرب وفتح المغرب على الأفاق ومن بين المؤسسات التي تنال رعاية خاصة من طرف أمير المؤمنين المؤسسات الروحية والزوايا، ومن بينها الزاوية البصيرية وأنتم الآن تعيشون معي أن هذه الندوة الدولية تنظم تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين وجميع الندوات التي في السابق الدورات كلها تنظم مع هذه الرعاية بمعنى أن أمير المؤمنين، يضع ظله الشريف وحضنه على هذه الزاوية مثل الشجرة تقيها من أشعة الشمس ومن غبار الطبيعة.