انتصار أم تنازل؟.. ترسيم الحدود البحرية يفتح فصلًا جديدًا من الخلاف فى لبنان
عقب مفاوضات استمرت لشهورٍ طويلة، أبرم لبنان وإسرائيل - رسميًا - اتفاقًا تاريخيًا قضى بترسيم الحدود البحرية بينهما، وسُلِمَت الإحداثيات الجغرافية الجديدة للأمم المتحدة بحضور الوسيط الأمريكي «أموس هوكشتاين».
والاتفاق عبارة عن تبادل رسائل الموافقة من الجانبين - لبنان والولايات المتحدة من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة ثانية - فضلًا عن رسائل تتضمن إحداثيات جديدة لخط الحدود تسلم إلى الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من الترحيب الدولي والعربي والداخلي في لبنان بالاتفاق، إلى أنه أثار انتقاد جزء كبير من اللبنانيين الذين يعتبرون أن لبنان تنازل عن جزءٍ كبير من حدوده البحرية إلى إسرائيل بغية استفادة آنية.
ونرصد من خلال التقرير التالي، أبرز ردود الأفعال حول ملف الترسيم ومدى أهميته للبنان خلال الفترة المقبلة.
الاستفادة من التوقيت
أكد الباحث اللبناني، عبدالله نعمة، أن هناك قيادات لبنانية مثل السنيورة والحريري، لم يتمكنوا من أن يصلوا إلى اتفاق مع إسرائيل وفشلوا، في حين نجح الشيعة بفرض الاتفاق.
وأضاف نعمة، لـ«الدستور»، أن ملف الترسيم جاء في لحظة الحرب بين روسيا وأمريكا وأوروبا، مؤكدًا أن لبنان استفاد من التوقيت.
خطوة مفيدة
كما علقت جامعة الدول العربية، على إبرام اتفاقية ترسيم الحدود البحرية رسميًا بين لبنان وإسرائيل، وصرَّح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، في بيان للجامعة، بأن إتمام اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل خطوة مفيدة.
وشدد «زكي» على دعم الجامعة الكامل لما من شأنه استعادة لبنان لحقوقه السيادية البحرية والاستفادة من ثرواته وموارده الطبيعية في منطقته الاقتصادية الخالصة.
دعم سعودي
كما أعلن السفير السعودي لدى بيروت، وليد البخاري، اليوم الجمعة، عن أن بلاده ملتزمة بدعم لبنان واحترام سيادته وعدم التدخل في شئونه الداخلية.
وأضاف بخاري، في تغريدة عبر حسابه بموقع «تويتر»، أن السعودية تثبت دومًا مدى التزامها بذلك رغم كل محاولات التحريض والتشويه لدورها الإيجابي، لافتًا إلى أن هناك فرقًا شاسعًا بين نفي الواقع المأزوم وبين محاولة تبريره والادعاء عليه.
وتابع السفير السعودي: «لم تفاجئني تصريحات وادعاءات عفا عليها الزمن، بقدر ما تفاجأت من توقيتها ومضمونها».
من جانبها، قالت السفارة الروسية في لبنان: «نتمنى لأصدقائنا اللبنانيين أن يستفيدوا من اتفاق الترسيم وأن يعود لبنان إلى مسار التنمية والازدهار في أقرب وقت ممكن».
إنجاز تاريخي
وفي الداخل اللبناني، اتفقت الأغلبية العظمى من التيارات والأحزاب السياسية، على أن خطوة ترسيم الحدود كانت في صالح لبنان.
وأكد رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، أن خطوة الترسيم تعد انتصارًا بتحرير آخر للثروة البحرية في المنطقة الجنوبية المحاذية للحدود الفلسطينية المحتلة، وإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الاعتراف للبنان بهذا الحق، مباركًا فك الحصار الاقتصادي عن لبنان الذي يُعد انتصارًا آخر في المواجهة.
واعتبر «الخطيب»، أن انتصار تحرير الثروات البحرية يمثل قمة الانتصارات، وأهمها الذي تحقق بمجرد التهديد بالحرب، هذا التهديد الذي شكل الأرضية الصلبة التي وقف عليها المسئولون الممسكون بملف التفاوض.
فيما أشار النائب اللبناني أسامة سعد، إلى أن أي أوراق موقعة تأخذ أي شكل كان، متعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية وبالثروات النفطية، يتوجب إرسالها إلى المجلس النيابي لأخذ موافقته عليها.