جمال القصاص عن ديوان «بخطى مثالية كالفضيحة»: بحاجة لإعادة النظر في مفهوم الضحية
ناقش منتدى المستقبل للثقافة والإبداع ديوان "بخطى مثالية كالفضيحة" للكاتب الصحفي والشاعر مصطفي عبادة، وناقشه الكاتب الصحفي والشاعر جمال القصاص، والناقد والأكاديمي الدكتور يسري عبد الله، والشاعر والناقد عاطف عبد العزيز، وذلك مساء أول امس الثلاثاء بمقر منتدى المستقبل بوسط القاهرة.
يقول الشاعر والناقد جمال القصاص " تهيمن فكرة صناعة الضحية على أجواء الديوان الثاني "بخطى مثالية كالفضيحة" للشاعر مصطفى عبادة، وتتحول الى ما يشبه المرض والإدمان، فالذات الشاعرة ضحية لكل شيء حولها، ضحية للزمن وما يتسلل من ثقوب الماضي، ضحية للعواطف والأحلام والأصدقاء، ولمحيطها العائلي والاجتماعي الفاتر، ضحية للأنثى، ومحاولة مراودتها على مسرح الحب والشعر والجنس، وحين لا يستقيم لها الأمر، وتحس بأنها ستخرج من هذه المسرحية الهزلية صفر اليدين لا تملك سوى التلويح بالانتقام والكراهية أيضًا.
ويسأل القصاص: “فماذا تفعل إذن الممثلة الأمريكية درو باريمور في الديوان، هل تبحث عن دور جديد، أم هي محض تعبير نيئ عن مراهقة القصيدة والشاعر معًا، في عالم يدعي أنه لا يعرف جماليات الفضيحة، رغم أنه يصنعها كل يوم ، ويتفنن في التستر خلفها، لتتسع المسافة بين القناع والضحية في فضاء هذا المسرح . لكن، كيف نصدق إذن ، وفي هذه العالم المرتبك أن يتحول الشاعر إلى ضحية لكل هؤلاء، ولماذا لا يكون ضحية لنفسه، لقناعه الخاص المضطرب المبعثر، بين طرطشة الإيروتيكا وفوضى الجسد ونزوات الأحلام؟”
في النص الأول يتحول قناع الممثلة الأمريكية إلى شريك، تتعري الذات الشاعرة تحته، كاشفة - فيما يشبه المفارقة الضمنية - عن مأزقها الخاص، بخاصة في العلاقة العاطفية مع الزوجة والواقع المعيش، لكن الولع بالممثلة البطلة وقناعها الاورتيكي الفاتن، يظل محض فجوة في الحلم، لا تملك الذات إزاءها سوى أن تتحول الى ضحية، تتمسح بالجغرافيا والتاريخ عبر بعض الرموز والدلالات الشاردة (11 سبتمبر، مأساة مانهاتن- أسماء لبعض الأصدقاء)، وعبثًا تستنجد بالشعر في محاولة للخلاص من أوهامها والعالم.
ويرى القصاص: "نحن في حاجة لإعادة النظر في مفهوم الضحية ليس فقط في الشعر، بل ربما في شتى مناحي الإبداع وأود أن أسجل هنا، أن الضحية ليست مفهومًا طبقيًا خالصًا، وعلى غرار ما تعودناه من ثنائيات عقيمة، منها على سبيل المثال الغنى والفقر، هناك من هو ضحية للثراء، وأيضا هناك من هو ضحية للفقر، لكن أصعب هذه الأدوار أن تكون ضحية لنفسك، ربما لذلك، تهرب الذات الشاعرة الى تخوم أخرى، تتحايل عليها أحيانا بوشائج من التناص مع شخصيات متنوعة، بينهم كتاب وشعراء وفلاسفة ومناضلون، منهم (نيتشة، وابن حزم، والمعري، وحلمي سالم ،سيمون دي بوفوار وسارتر ، وأنانييس نن وهنري ميللر)، تستقوي بهم الذات وتتحصن بظلالهم من مغبة الوقوع في شرك الضحية، وهو ما نراه في نص بعنوان "عمر"، فثمة وشيجة من التناص، تومض في تساؤلات خاطفة متخيَّلة ما بين الذات الشاعرة والبطل الليبي عمر مختار".