نيازي مصطفى.. مخرج ظل يتعلم حتى آخر يوم في حياته
نيازي مصطفي، أشهر مخرجي أفلام الحركة في السينما المصرية، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1986، مقتولا، والتي تعد قضية مقتله من أكثر جرائم القتل غموضا، ولم يكشف عن مرتكبها حتي يومنا هذا.
ورصيد المخرج السينمائي نيازي مصطفي يربو علي المائة وعشرين فيلما، غلب علي أكثرها طابع الأكشن، كما يحسب له إدخال الأفلام البدوية، أي تلك الأفلام التي تتناول حياة البدو وتدور في أجواء الصحراء، إلي السينما المصرية كأفلام: راوية، وهيبة ملكة الغجر، حبابة، رابحة، سلطانة الصحراء، سمراء سيناء، البدوية العاشقة وغيرها. كما أنه اكتشف الفنانة “كوكا”، والتي تزوجها لاحقا.
عمل المخرج نيازي مصطفي، مع كبار نجوم السينما المصرية، في عشرات الأفلام، من بينها: "رصيف نمرة خمسة" لملك الترسو فريد شوقي، “سلامة في خير” للضاحك الباكي نجيب الريحاني، “تاكسي الغرام” للفنانة هدي سلطان، “فضيحة في الزمالك” لمحمود المليجي، “سر طاقية الإخفاء”، “عنتر بن شداد”، “الساحرة الصغيرة” للنجمين سعاد حسني ورشدي أباظة، وغيرها من عشرات الأفلام التي ترك من خلالها بصمة مميزة.
ريادة نيازي مصطفي لمجال الخدع السينمائية
يشير المؤرخ السينمائي محمد عبد الفتاح، في كتابه الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، تحت عنوان “سينما نيازي مصطفي”، إلي أن نيازي مصطفي، قام بتصوير فيلمه “طاقية الإخفاء”، وهو الفيلم الذي تستخدم فيه الحيل والخدع السينمائية لأول مرة في الأفلام المصرية. بالإضافة إلي عمله في مونتاج أفلامه بنفسه أثناء التصوير، وهو ما يدل علي قدرة “نيازي” لرؤية أفلامه كصور مجسدة في ذهنه. فالصورة لدي نيازي مصطفي هي المعبر الأول في التلقي السينمائي.
وكان نيازي مصطفي من أوائل العاملين في المونتاج السينمائي، باستديو مصر عند افتتاحه، حتي أنه عين رئيسا له، وقام بعمل المونتاج للعديد من الأفلام التي أنتجها الاستديو من بينها: “وداد”، “لاشين”، “الحل الأخير”، وتتلمذ علي يديه العشرات من المخرجين، منهم صلاح أبو سيف الذي تلقي دروسه في المونتاج علي يد نيازي مصطفي.
ويوضح “عبد الفتاح”: وحتي عندما قدم المخرج نيازي مصطفي فيلمه “من أين لك هذا؟” مع الفنان محمد فوزي، اضطر للسفر إلي باريس ليتعلم ويدرس كيفية تنفيذ الخدع السينمائية. هذا الرجل ظل يتعلم حتي آخر يوم في حياته. وكان دائم السفر والمشاركة في المهرجانات السينمائية. كان دائما متجدد يغير من أساليبه وأفكاره السينمائية، ليطرح الجديد والمبتكر الذي لم يسبقه إليه أحد من قبل.
خلفية أفلامه أفكار سياسية
كما يلفت “عبد الفتاح”، إلي أن نيازي مصطفي أول من تناول ثورة 23 يوليو 1952، من خلال فيلمه “ثورة العنابر”، كما أنه جعل من خلفية أغلب أفلامه أفكار سياسية، مما يدل عن إلمامه لما يمر به المجتمع ويحسن قراءته علي كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما ظهر في فيلمه “سمراء سيناء”، والذي تناول فيه عودة حقول أبو رديس إلي مصر. كما تطرق إلي القضية الفلسطينية. ولم تكن هناك قضية في المجتمع المصري، إلا وتناولها نيازي مصطفي في أفلامه السينمائية، وقد تكون الحركة والأكشن عامل كبير في نجاح هذه الأفلام، أو أن الكوميديا تلعب دورا كبيرا كما فعل مع فؤاد المهندس عندما قدما فيلم “أخطر رجل في العالم”. كلها كانت تنويعات سينمائية مختلفة وجديدة خاضها المخرج نيازي مصطفي.
ويوضح “عبد الفتاح”: لننظر مثلا إلي فيلم “أخطر رجل في العالم"، والذي لم يقدم فيلم مثله في السينما المصرية حتي الآن، وهو الأمر الذي تجلي في كسر الحائط الرابع كما يسميه “بريخت”، من حوار بين المبدع والمتلقي، فكانت المرة الأولي في السينما أن يلقي الممثل الماء نحو شاشة السينما علي الجمهور، فيردون بدورهم لتغرق الموجودين في المشهد السينمائى، وهو الأسلوب المبتكر حينها في السينما والذي لم يتطرق إليه مخرج آخر قبل نيازي مصطفي.