مفتى أوزباكستان: دور الفتوى فى تنظيم مجالات الحياة كبير للغاية
قال الشيخ نورالدين خاليق نظروف، مفتي أوزباكستان: إن مناقشة العلماء لقضايا الأمه الهامة أمر جلل، ومما لا شك فيه أن خطة التنمية المستدامة التي تتكون من 17 هدفًا تتعلق بالقضايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية، فأهداف التنمية هامة جدًا لكونها تهدف إلى تحسين حياة الإنسان، والحفاظ على البيئة نتيجة لسوء استخدام الإنسان للمظاهر الاجتماعية.
وأضاف خلال فعاليات المؤتمر العالمي السابع لدار الإفتاء المصرية المنعقد تحت عنوان" الفتوى وأهداف التنمية المستدامة"، أن دور الفتوى في تنظيم مجالات الحياة كبير للغاية والإفتاء له أهمية بالغة في حماية البيئة وتحسين جودة حياة الإنسان، مشددًا على أهمية الأخذ عن المتخصصين الذين يستوفون شروطًا معينة؛ ذلك لأن كثيرا من المشاكل التي تحدث تصدر عن أشخاص غير مؤهلين، ما يؤدي إلى الابتعاد عن الفتوى وهو أمر بالغ الحساسية، لأن الفتاوى الخاطئة في قضايا التكفير والجهاد تتسب في إهدار الدماء البريئة، ومن المهم توجيه عناية كبيرة للاجتهاد الجماعي ليقي من الأفكار التي قد تحدث في الاجتهاد الفردي، موضحًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتشاور.
وفى كلمته قال الدكتور مرصود شهود، نائب رئيس علماء إندونيسيا والقائم بأعمال رئاسة المجلس: إن حماية المسلمين في جميع أنحاء العالم هي وظيفة العلماء، مشيرًا إلى أن مسيرة مجلس علماء إندونيسيا وضعت خلالها خطوات استراتيجية لتطوير الأمة من خلال مجال الفتاوى الدينية وكذلك تمكين الأمة من خلال ترسيخ النظام البيئي السليم الذي يخدم حياة الإنسان.
وأكد أن مجلس علماء إندونيسيا يؤدي دوره في خدمة الأمة وتوجيه الناس بعدد من الفتاوى التي تفيد الإنسان في التعامل مع النوازل، حيث أصدر المجلس فتاوى تتعلق بالمجالات الاجتماعية والاقتصاد الشرعي وهذه الفتاوى كلها لدعم أهداف التنمية المستدامة وتتوافق مع صحيح الدين.
وقال الدكتور محمود صدقي الهباش قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس للشئون الدينية والعلاقات الإسلامية: أحسب أن هذا المؤتمر بهذا العنوان وهذا الموضوع يمثل ردًّا قويًّا وتحديًا واضحًا لكل أولئك الموهمين الذين يريدون أن يصوروا الإسلام دينًا معزولًا في المساجد والزوايا، فالإسلام الحقيقي هو البعد عن الابتذال والشطط والغلو والانحراف الفكري؛ الإسلام كما هو نراه في هذا المؤتمر.
وركز فضيلته في كلمته على الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة وهو هدف السلم والسلام، مؤكدًا على أنه إذا غاب السلام غابت التنمية وغاب التعليم وحل الفقر والدم والدمار.
وقال سماحة الشيخ عبد الكريم الخصاونة مفتي المملكة الأردنية الهاشمية: إننا في هذا العام نلتقي لنطرح موضوعًا جديدًا ومهمًا وهو الفتوى وأهداف التنمية المستدامة وتظهر أهمية هذا الموضوع في أنه يتعلق بالمهمة الأساسية للإنسان والتي تقتضي عمارة الأرض والارتقاء بكل ما يخص الإنسان.
وشدد فضيلته على أنه ليس من مهمة الفتوى أن تعدل مسيرة التنمية بل تمهد الطريق لإدارة عجلة التنمية في كل مجالات الحياة.
وعرض صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور ناظر الدين محمد، مفتي سنغافورة، تجربة لجنة الإفتاء بسنغافورة في معالجة القضايا المستجدة الملحّة وبيان الحكم الشرعي في مجال الأطعمة والأوقاف في كلمة ألقاها نيابة عنه الشيخ محمد سيف العدل أيوب مدير مكتب الإفتاء بسنغافورة مشيرًا إلى أن من أهم المعتبرات التي ارتأت فيها لجنة الإفتاء بسنغافورة قبل إصدار الفتوى ألا وهي تصور الواقع تصورًا صحيحًا بكل تفاصيله خاصة وضعَنا بسنغافورة. ومرحلة تصور واقع سنغافورة مرحلة عويصة، حيث إن العصر الذي نعيش فيه شديد التعقيد وشديد التغير بما يتطلب من أهل العلم أن يدركوا هذه التغيرات والواقع المعقَّد وفي نفس الوقت نراعي النصوص وقواعدها المرعية ومآلات الأمور.
وأضاف أن واقع سنغافورة تأثَّر بالأحداث التي حدثت في العالم كله في كل مجالات الحياة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا لتدل على أنَّ تصور الواقع لا يقتصر على إدراك واقعة فحسب، بل يتعدى إلى إدراك واقع العالم بأكمله وقد مثّلنا ذلك بجائحة كورونا حيث أثَّرتْ تأثيرًا بالغًا في وضعنا الحالي اقتصاديًّا وذلك بتعطل سلسلة الإمدادات الغذائية وبتوقف السياحة نظرًا لشيوع الوباء، كل هذه العوامل والأحوال تضطرنا إلى البحث عن التنمية المستدامة والحلول الملائمة للواقع الذي نعيش فيه؛ وذلك عن طريق بناء المناهج المعتبرة في الإفتاء كالاستنجاد بالعلوم الحديثة المتطورة كعلم النفس وعلم الاجتماع، والاستعانة بأهل الاختصاص في كافة المجالات.
واختتم مفتي سنغافورة كلمته بعرض نموذجين؛ الأول في مجال الوقف كالفتوى التي أصدرتها لجنة الإفتاء وهي وقف الاستبدال، والنموذج الثاني في مجال الأطعمة الذي باحثتها اللجنة كاللحوم المصنعة في المعمل وبروتين البديل وقد أتينا بهما لبيان كيف أن هذه الفتوى والمسائل دعمت في بناء الاقتصاد الوطني وتحقيق الأهداف الاقتصادية للتنمية المستدامة مستدلين ببعض الإحصاءات في سنغافورة لتقرير هذا المعنى.
فيما تحدث توشيو إندو رئيس رابطة مسلمي اليابان عن تطورات وضع الإسلام في اليابان وفعاليات رابطة مسلمي اليابان، قائلًا: أود أن أغتنم فرصة المشاركة في مؤتمر "الفتوى وأهداف التنمية المستدامة"، لعرض تصور موجز للتطورات الأخيرة لوضع الإسلام في اليابان وما تقدمه رابطة مسلمي اليابان من أنشطة وفعاليات حيث وصل عدد المساجد في اليابان عام 2020 م إلى 110 مساجد بعد أن كان عددها أربعة مساجد فقط في عام 1980م، كما بلغ تعداد المسلمين في اليابان 230 ألف مسلم بنهاية عام 2019، منهم 183 ألفًا من الأجانب و46 ألفًا من اليابانيين، بعد أن كان عدد المسلمين في عام 1960 م 3500 مسلم فقط، بالإضافة إلى الموافقة على تأسيس أكثر من 22 مؤسسة دينية.
وأضاف: لدينا علاقة وثيقة بالمساجد والمؤسسات الدينية ونطمح إلى مزيد من التعاون في المستقبل، حيث نتمنى الوصول إلى مجتمع يتحقق فيه التعايش السلمي بين الأفراد ذوي القيم المختلفة، وقد كنا محظوظين إذ أدركنا منذ البداية أهمية بناء مجتمع يدعم التنوع والاختلاف من خلال الحوار بين الأديان والتعاون مع القادة الدينيين داخل اليابان وخارجها.
وفى ختام الجلسة أثنى الدكتور خليفة الظاهري، الأمين العام لمنتدى أبو ظبي للسلام، على دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، موضحًا أنها بقيت على عهدها في رفع راية العلم ويتجسَّد ذلك في اختيارها موضوعًا متميزًا سيثمر عن ترشيد الفتوى وتحليل وظيفتها في قضية عالمية بالغة الأهمية وهي قضية التنمية المستدامة.
وأضاف: الفتوى تمثل الخطاب الديني بكل أصوله وقواعده ولها موقع مهم في الشريعة الإسلامية ومكانه كبيره لذا من المهم أن تناقش مؤسسات الإفتاء واحدة من أهم قضايا العصر وهي التنمية المستدامة للسعي للارتقاء بحياة الإنسان روحيًّا وماديًّا، فضلًا عن التأكيد على أن الفتوى لا بد أن تواكب التغيرات المتلاحقة ولا سبيل إلا باعتمادها على فهم الشريعة وفقه الواقع وأهمه ما يتصل بموضوع التنمية المستدامة.