في ذكرى رحيله.. أبرز المعلومات القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات
يوافق ، اليوم ذكرى رحيل القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات، وقال ماجد كامل عضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي، أنه من بين معلمي الكنيسة الكبار يبرز اسم القديس غريغوريوس النيزينزي "328 –390 " كواحد من كبار معلمي الكنيسة في القرن الرابع الميلادي، فهو واضع القداس الغريغوري الشهير الذي تصلي به كنيستنا وله مؤلفات لاهوتية شهيرة كذلك له أشعار عديدة مسجلة باسمه.
- حياته
وتابع عضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي في دراسة له، ولد القديس غريغوريوس في بلدة ارينز الصغيرة عام 328 من أسرة مسيحية تقية أبوه كان أسقفا لنزينزا ويدعي غريغوريوس ايضا، وأمه تدعى نونا اهتم والده بتثقيفه وتعليمه علي ارقي مستوي في عصره فأرسله إلى مدارس قيصرية فلسطين والإسكندرية وأثينا.
وفي أثينا تعرف على القديس باسيليوس الكبير وسكنا سويا في حجرة واحدة وتعلقت روحيهما ببعضهما كأشد ما يكون التعلق تعرف أيضا علي شخص من العائلة المالكة يدعي يوليانوس وهو الذي ارتد عن المسيحية بعد ذلك وعرف في التاريخ بيوليانوس الجاحد ولم يسترح القديس غريغوريوس أليه أبدا حتى دعاه في أحد رسائله ويخبرنا القديس غريغوريوس عن حادثة غرق تعرضت لها السفينة أثناء الرحلة من إسكندرية إلى أثينا فصلي القديس غريغوريوس صلاة قصيرة إلى الله وبالفعل واثناء صلاة القديس بدأ البحر في الهدوء وكانت سبب بركة وتعزية للبحارة وأعضاء الرحلة جميعا .
وأوضح "كامل"، بعد إنتهاء الدراسة عاد إلى بلاده بناء على طلب أبيه عام 359 واعتمد وبقي فترة يرعى شئون الرعية مهتما بالتعليم والمحاماة ،و اشتاقت نفسه إلى حياة الرهبنة والخلوة وجاءته الفرصة عندما دعاه القديس باسيليوس للخلوة بجانبه، وهنا نجد اختلاف الطابع بين القديسين واضحا فبينما نجد القديس باسيليوس يتسم بالنسك والتقشف.
- رسامته كاهنا
وتابع استدعاه والده مرة أخرى ليساعده في شؤون الرعاية وكان رجوعه سبب بركة كبيرة للشعب لما اشتهر عنه من بلاغة وفصاحة وقام والده برسامته كاهنا بالرغم من معارضته وكان مما قاله في هذا الشأن "يلزم أن يكون الكاهن بعيدا عن كل رذيلة لان ذلك الشيء الذي يوجد في شخص عادي صغير لا بأس منه يكون في شخص راعي النفوس باهظا وخطرا ثم يلزم للكاهن أن يكون قلبه مشتعلا بنار الحب الإلهي وأن يكون متفقها في أعظم أسرار الكتاب المقدس ويكون بارعا فهيما في اسمي قواعد الديانة ".
وعن ضرورة الإعداد الجيد للكاهن، قال عند رسامة صديقه الحميم القديس باسيليوس أسقفا " لا يدعي أحد طبيبا أو رساما إلا بعد أن يكون قد درس طبيعة الأمراض أو خلط الألوان ورسم الأشكال لكن الكهنة يقامون ارتجالا يحمل به ويولد في آن واحد كالمارد في القصة الخرافية، إننا لا نصير قديسين في يوم واحد فالذين ليس لديهم استعداد روحي ولا يعرفون شيئا عن الكهنوت سوى الرغبة في الحصول عليه، هؤلاء يطالبون الناس أن يكونوا قديسين ومتعلمين، ولكن باسيليوس لم يكن هكذا ؛فهو الذي كان يمارس أول وظيفة في الكنيسة وهي قراءة الأسفار المقدسة للشعب لمدة طويلة ؛قبل أن يتقدم للقسيسية والأسقفية"
- رسامته أسقفا
واستكمل عرض عليه صديقه الحميم باسيليوس رسامته أسقفا علي بلدة صغيرة تدعي سازيما ولكن القديس رفض بشدة وحدثت بينهما مراسلات ومكاتبات طويلة حول هذا الموضوع، واخيرا التجأ باسيليوس إلى والده ليخاطبه في هذا الشأن فاستعمل الوالد نفوذه فخضع له الابن مكرها وعند ذهابه إلى سازيما لتولي مهام الأسقفية قطع عليه جنود الإمبراطور فالنس الطريق ليمنعوا ذهابه فرجع غريغوريوس عن طريقه دون أن يمارس أي طقس هناك وذهب لينفرد في قرية صغيرة بالقرب من بلدته خادما لمجموعة من الفقراء هناك ولكن والده لم يتركه في وحدته طويلا ،بل دعاه ليساعده في أعمال الأسقفية وكان أول عمل عمله أن وقف بين وسط شعبه أعلن أنه أتى إلى هنا لمساعدة والده المسن فقط دون أن يطمعوا بدوام هذه الخدمة وتنيح والده عام 374 ، و أراد الشعب رسامة الابن بدلا منه فهرب غريغوريوس إلى أحد الأديرة وظل متوحدا بها لمدة 6 سنوات مواظبا على الصلوات والتأملات.
- ذهابه إلى القسطنطينية
وأوضح أنه في هذه الفترة انتشرت الاريوسية في جميع أنحاء القسطنطينية، فاجتمع فلول الأرثوذكسية في المدينة و أرادوا أن يجمعوا صفوفهم تحت قيادة غريغوريوس وبعد الحاحات كثيرة وافق غريغوريوس بشرط أنه متى حصلت هذه المدينة على أسقف شرعي قادر على تدبيرها فإنه يكون معفيا من تدبيرها وبدأ غريغوريوس بتدشين كنيسة صغيرة سماها كنيسة "القيامة " "أنستازيا"، وهناك ألقي فيها خمس عظات شهيرة عن الثالوث القدوس لقب بسببها بـ "الناطق بالإلهيات" "الثيولوغوس".
وهو ما هيج الآريوسيون فقام جمهور منهم برشق الكنيسة بالحجارة في ليلة عيد القيامة عام 379 فمات واحد، وأصيب غريغوريوس نفسه وعندما تولي العرش الإمبراطور ثيودسيوس "وكان أرثوذكسيا" قام بتثبيت غريغوريوس أسقفا علي القسطنطينية عوضا عن الأسقف الأريوسي وظل غريغوريوس قائما على أعمال الأسقفية في القسطنطينية في كنيسة القديسة صوفيا إلى أن انعقد مجمع القسطنطينية المسكوني عام 381، فطلب غريغوريوس من أعضاء المجمع البت في أمره فرفض أغلب أعضاء المجمع اعتماد رسامته أسقفا طبقا للمادة 15 من قوانين مجمع نيقية بينما وافق البعض الأخر وحدثت منازعات كثيرة بين الطرفين.
- أيامه الأخيرة ونياحته
واختتم ماجد كامل ، فرح القديس غريغوريوس جدا لهذا القرار الذي سيتيح له حياة الوحدة مرة أخرى، فتوحد في أحد الأديرة بمسقط رأسه وكتب رسائل عديدة ضد الآريوسية كذلك كتب مجموعة من الأشعار إلى أن تنيح بسلام عام 390، ونقل جسده إلى القسطنطينية أولا ثم نقله البابا الروماني غريغوريوس الثالث عشر إلى روما حيث بني له هيكلا بكنيسة القديس بطرس وتعيد له الكنيسة في 24 توت من كل عام .
والجدير بالذكر أن القديس غريغوريوس النزينزي، قد تطرق مثل معظم كل اللاهوتيين عصره إلى قضية العلاقة بين العلم والدين، ففي عصره ظهر كتاب يوليانوس الجاحد الذي هاجم فيه العقيدة المسيحية، وكان سببا في عثرة كثيرين ، فتصدى كثير من اللاهوتيين المعاصرين للرد على كتابه، وكان منهم القديس غريغوريوس، فكتب كتابا هاما بعنوان " ضد يوليانوس " جاء فيه من ضمن ما جاء " لا اعلم شيئا أعظم من العلم ؛ باستثناء من هو فوق كل شيء الذي هو الله ذاته، فلنحرص إذن على قوة العلم ، فثمة ناس ينسون أنهم عقول مزيفة وجسورة قد تريد أن يشبههم العالم كله لكي يجعلوا لأنفسهم من العلم العام حجة لجهلهم الخاص